سحر أبو ليل
كم مرةً جربت أن تلعب لعبة ” الاختباء” في صغرك ؟.. أن يغطي احدهم عينيك بشريطٍ قماش ، ويجعلك تركض خلفه حتى تسقط او تمسكه؟
ماذا كان شعورك وأنت تسير غير مبصرٍ ولا تعرف هدفك؟
أجل ، هو شعورٌ بالعجز ، بالشلل ، ولو للحظات !
إذن ، كيف تشعر الامة الاسلامية اليوم بعد سيرٍ لاربعة عشر قرناً وهي لا تأكل ولا تشرب ولا تفقه سوى من صحراء الماضي؟ وأين هي ” خير امة انزلت للارض”؟ ام انها لازالت مصرةً على المشي حافيةً عارية في الظلام ؟
إنه حقاً لأمرٌ غريب فاليوم نجد انه اذا تعطل احد الروبوتات او الحواسيب فسنستطيع اعادة برمجته من جديد وبكل سهولة ، لكن كيف يا ترى سنستطيع اصلاح ما افسد الدهر في عقولٍ ادمنت الكسل ، التخلف، الرجعية والموت؟ فهي تنفست عبر مئات السنين من رئتي نصٍ استباح الغزو وجمع النساء كالخراف ” فانكحوا ما طاب لكم وما ملكت ايمانكم” !
قيل لي في صغري عندما كنت طفلة ساذجة يوماً ان علي ان ادافع عن كل ما جاء في كتاب ديني المقدس ولا يهم ان فهمته ام لا ..المهم ان ادافع ويجب علي ايضا ” نصرة اخي ظالماً او مظلوماً ” فقدوتي لا بد وان تكون محمد شئتُ ام ابيت وهو كان مبدعاً بالسيف ، فحتى اني اذكر قوله ” رزقي تحت سيفي” ..
عجيبٌ هو امر معلمة الدين التي حاولت وبكل قواها ان تجبرني على حضور حصة الدين وان تجعلني احفظ الآيات القرآنية رغماً عن انف شكي وعدم ايماني ، فقد كنت شغوفةً بقراءة الادب والفلسفة ولم تكن يعنيني كثيرا حفظ تلك الاية التي تحثني على حمد الله وطاعته رغم عدم تأكدي من وجوده اصلاً !
أجل ، اعترف اني كنت طالبة مجتهدة وذكية جدا ولم احصل على اقل من تقدير ” ممتازة” إلا في حصة الدين فقد كنت اُطرد دوماً بسبب ” نقاشي وسؤالي الكافر” كما نُعتُّ آنذاك .. فان كان المرء فضولياً مثلي ويحب معرفة ” البيضة مين باضها والدجاجة مين جابها ” فأي ديانةٍ هذه التي تقمع الإنسان وتمنعه من البحث والتمحيص ؟ وإذا كنا ” خير امة اخرجت الى الارض” وقد توصل قرآننا الى كل الحقائق المطلقة ، فلم نحن اليوم صرنا امة ” مكانك قف ” ؟
سيتحذلق بعض الشيوخ والمتدينين ليقولوا ” لأننا شعب تخلى عن دينه وسار في ركب الحضارة والحداثة واتبع اهواءه ” ، وهنا لا املك سوى ان استعيذ من الجهل والحماقة ، فكيف تريدون مني ان اصدق ان الله ” إن وُجد” كان سيسمح بإهانة المرأة المسلمة الى هذا الحد ؟ ام ان علي ان اصدق ان قوانين البدو في الجزيرة العربية قبل اربعة عشر قرناً ستصلح لعصرنا هذا بعد ان مات محمد ودفنت معه تعاليمه التي سنها خصيصاً على قياسه وحده !!
نحن امة ” مكانك قف ” لاننا امة جبانة ، تخشى التحليل والبحث والسؤال ، فحين يصير مسرح حياتنا متمحوراً على مفترق طرق بين مخافة الله التي تجعلنا نعيش في جلباب الماضي ونسيان حاضرنا ومستقبلنا ، وبين لادينيتنا واتباعنا لطريق الشيطان ( هذا ان كان هنالك شيطان اساساً ) هو همنا الشاغل ..فعلى الدنيا السلام !
سأفترض جدلاً اني مقتنعة 100% بوجود الخالق ، اين هو؟ وإذا كان هو من خلق هذا العالم ولم يخلق العالم بالانفجار العظيم ، ألا يفترض بي ان افكر ان هنالك خالق لهذا المسؤؤل عن هذه المنظومة الكونية ؟ فالقاعدة العلمية تنص على ” ان لا شيء يولد من العدم ” إذن لماذا اقبل ان اُقنع نفسي ان هنالك خالق خلق العالم وهو وُجد من اللاشيء ؟
لنقل انه كذلك..اين هو الدليل على ان كل هذه الآيات القرآنية هي إلهية وليست من صنع البشر؟ حقاً انه لأمرٌ عجيب ان تصب كل الآيات في مصلحة محمد وحده..و”ليولع كل العالم بكاز ” فيحق له ان يحتل ويغزو..ويحق له خيرات كل بقاع الارض بادعاء نشر الاسلام ، ويحق له وحده إتيان المرأة حتى وهي حائض..ويحق له الزواج بالعديد من النساء …وتحرم على بقية امة المسلمين .
لماذا تجمد المسلمون بفكرهم وامجاد ماضيهم بعد ان طغى النص القرآني على عقول الجهلاء وعلى مدار مئات السنين؟
لقد لعبت اللغة دوراً كبيراً ، فاللغة القرآنية كما قال ادونيس ” هيمنت على عقول الناس بوصفها خاتماً للوحي وشكلت اعجازاً على الصعيد الكتابي “
وكيف ذلك ؟
حين يؤمن البشر بانقطاع الوحي وبمطلقية الحقيقة فان الفكر يرفض تصديق انه قادر على الخلق والابداع وهنا تكمن الطامة الكبرى !
لقد كان اهم اهداف النص القرآني وعلى مر العصور الغابرة احياء الشيطان وغرز مئات السكاكين في رحم التساؤلات ، حتى يكبت الإنسان القارئ ويرسم في فكره ان الشيطان هو طريق الخطيئة وان من يتبع خطاه فسيهلك في النار ومن هنا نبعت تربية اط
فال المسلمين الفاشلة التي حقنتهم بالخوف من الوريد الى الوريد ومنعت عنهم التساؤل والشك ، وبما ان علماء النفس عرّفوا الخوف على انه ” قلقٌ نفسي لا يخضع للقدرة العقلية ومن الصعب السيطرة على هيمنته العصبية الانفعالية ” فقد استطاع الاسلام اللعب على هذا الوتر وبفنية متقنة ، وهكذا فقد اختزنت في عقول اجيالٍ بعد اجيال بلايين الشحنات من الخوف والقلق موهمةً اياهم انهم طالما ابتعدوا عن ” ابليس المزعوم” وطالما اتبعوا النص القرآني بحذافيره( والذي له اصلاً مئات التأويلات والمعاني ) فهم بألف خير !!
فال المسلمين الفاشلة التي حقنتهم بالخوف من الوريد الى الوريد ومنعت عنهم التساؤل والشك ، وبما ان علماء النفس عرّفوا الخوف على انه ” قلقٌ نفسي لا يخضع للقدرة العقلية ومن الصعب السيطرة على هيمنته العصبية الانفعالية ” فقد استطاع الاسلام اللعب على هذا الوتر وبفنية متقنة ، وهكذا فقد اختزنت في عقول اجيالٍ بعد اجيال بلايين الشحنات من الخوف والقلق موهمةً اياهم انهم طالما ابتعدوا عن ” ابليس المزعوم” وطالما اتبعوا النص القرآني بحذافيره( والذي له اصلاً مئات التأويلات والمعاني ) فهم بألف خير !!
لطالما كان الانسان باحثاً ولاهثاً وراء الاساطير والخرافات وبها قد يجد اجاباتٍ عدة لا يستطيع الوصول اليها في عالمه الواقعي ، لذا فحين يعجز المرء منا عن ان يفسر امراً ما في عقله فهو يلجأ ” لخرافة الشيطان” على سبيل المثال ، حتى لو تعارضت مع منطقه ، فحدوده الفكرية تقوده الى تصديق وهم الشيطان والذي هو بمثابة اكثر الحلول مثالية في معتقداتنا الدينية !
إذن من هو هذا ” الشيطان “؟
هو مجرد فكرة موجودة لدى اغلب الشعوب ، وعادة ما يطلق عليه اسم ” ابليس ” ، أي من ” البَلَس ” والتي هي في لغتنا العربية بمعنى اليأس- فهو يئس من رحمة ربه ، او بمعنى افسد بين البشر ، او هو تلك الحية المصورة في الفولكلور الأوروبي ، فهو تلك الافعى التي اغوت حواء بأكل التفاحة حسب حكاية آدم وحواء.
لكن الغريب هنا هو كيف استطاعت هذه الخرافة السيطرة على كل هذا الكم الهائل من البشر وعلى مر السنين ؟
من المعروف ان لدى كل فرد منا الوعي واللاوعي ، وحسب علم النفس الحديث فحتى الكذبة اذا عاشها المرء طويلاً فسيصدقها بعد حين ، لدرجة انه سيتخيلها موجودة في وعيه حقيقةً وواقعاً .
إذن ، فالشيطان هو فكرة تخزنت في اللاوعي منذ اكثر من الف سنة لدى اجدادنا وآبائنا وانتقلت إلينا وتكررت على مر العصور ، فتحولت من وهمٍ الى حقيقةٍ تخيفنا ، ترعبنا ، لا وبل تلهو بنا ايضاً ، ولهذا فالمسلم يعلق كل حياته على اجنحة وسواس الشيطان الوهمية وبسير مغمض العينين تائهاً ، جاهلاً ، واهماً ان هنالك قوة شر تحركه ، وهو مجرد متلق مغلوب على امره ..فلا حل لديه سوى بالهداية الدينية !!
فإذا كان الشيطان هو من سيقودني الى متعة كأس من الخمر المحرم في الاسلام ( رغم عدم وجود آية صريحة بذلك…والآية والوحيدة التي حثت على الابتعاد عنه هي ” ان الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه “..وهنا ذكر اجتنبوه..أي ابتعدوا عنه وليس حرام عليكم ) فسأتبع قول المسيح عندها : ” قليلٌ من الخمر يفرح القلب “…
وان كان الشيطان هو ذاك الذي سيمتعني بنشوةٍ بعد كتابة كل قصيدة فأهلا وسهلا به متى شاء …
واذا كان الاسلام وحده من يوهمني بأن كل الكتب السماوية الاخرى محرفة ووحده القرآن ليس كذلك …فلحسن حظي اني مللت من الخرافات حتى قبل ان اولد !
سحر أبو ليل