محمد العناز/ المغرب
صدر عن دار الفنك 2009 بالدار البيضاء رواية جديدة للروائي والناقد المغربي محمد برادة بعنوان” حيوات متجاورة”، كما صدرت الرواية نفسها هذه السنة أيضا عن دار الآداب ببيروت.
تعتبر هذه الرواية تجربة جديدة تنضاف إلى رصيد محمد برادة الروائي، وتتميز بالبحث في الشكل الروائي وإمكاناته بما يتطلبه من أساليب في التجريب التي تسمح بتصوير الواقع جماليا والكشف عما يتخفى وراء سطوحه.
يعيد محمد برادة ما ابتدأ به في رواية” لعبة النسيان” من حيث البحث في العلاقة الماثلة بين السارد والكاتب والمسرود له، لكن بوهج آخر أكثر فتنة إذ يطرح إشكال مصادر الكلمة السردية في علاقتها بالتعبير عن حدود التداخل بين الواقعي والخيالي. كما أنه يستثمر أسلوب تعدد الأصوات في سرد الحيوات الخاصة من دون وجود سارد مهيمن متوخيا بذلك التعبير عن المادة الروائية انطلاقا من خاصية التنسيب، وبالتالي تصير مداخل السرد المتعددة أسلوبا غايته استيعاب تعدد الواقع وتداخل مظاهره.
وتتميز هذه الرواية بجرأتها التي لا تتهيب الحدود والتي تكاد تذكر بجرأة هنيري ميلير في ثلاثيته المشهورة. لا تقتصر هذه الجرأة على موضوع واحد بل تكاد تشمل العديد من الموضوعات التي تعتبر في الثقافة العربية مندرجة في خانة المحرم والمسكوت عنه. ولا يهدف محمد برادة بهده الجرأة مجرد الإثارة كما هو مسلك بعض الروائيين ممن يحسبون على الحداثة بل يهدف إلى تعرية ما ظل يشكل أسئلة مقلقة ومربكة بالنسبة إلى الإنسان العربي وهو يعيش التيه والتوزع بين عوالم متعددة من دون القدرة على التعبير عن ذاته في حريتها خارج منطق التسوية ضمانا لطمأنينة واهمة.
رواية” حيوات متجاورة” نص سردي جريئ ممتع ينضاف إلى خزانة الرواية العربية ويغنيها ويغري بالقراءة وإعادتها.