حسام خضر جرأة غير مسبوقة
ووضع لليد على الجرح…
بقلم :- راسم عبيدات
…..في لقاء مطول للأخ الأسير المحرر حسام خضر،أحد القيادات الفتحاوية الأصيلة،المعايشين لهموم الحركة والشعب والوطن مع جريدة القدس العربي في لندن عشية انعقاد المجلس الثوري لحركة فتح في رام الله ،وكعادته في الصراحة والوضوح وغيرته العالية على حركة فتح وتاريخها وارثها وتراثها ودورها الكفاحي والجماهيري والوطني والقيادي،قال أن هناك من يختطفون الحركة ويصادرون ويكبلون دورها ويحولونها إلى مزرعة خاصة ومرتع للفساد لشخوص لا يتذكرون الحركة إلا في وقت الحديث عن المكاسب والمغانم والامتيازات،ولا يحركون ساكناً أو يمدون حبل نجاة لإنقاذ الحركة التي تعيش حالة من الترهل والتفكك والتراجع ولربما التصدع والانشقاق لاحقاً،محملاً المسؤولية في هذا الجانب إلى القيادات الأولى في الحركة اللجنة المركزية والمجلس الثوري،الذين دعاهم إلى الاستقالة حفاظاً على الحركة التي”قادوها من هزيمة إلى هزائم”وهو يقول عن هؤلاء بأنهم يصادرون الديمقراطية الداخلية ويعطلون عقد المؤتمر السادس،ويريدون عقد للمؤتمر وفق مقاساتهم وبما يضمن أن يعيد سيطرتهم على الحركة،ويقول خضر بأن هؤلاء “يخشون الديمقراطية التي قد تغيرهم،فيما أنهم لا يخشون الاحتلال الذي لا يشكل خطراً يتهدد مصالحهم”،بل ويذهب خضر في عملية تشخيصه ونقده وتشريحه حدود من الجرأة غير معهودة ومسبوقة،وعملية نقده وتشريحه تأتي على قاعدة الحرص والغيرة الشديدتين على ما آلت إليه أوضاع الحركة،فهو يصف اللجنة المركزية والتي تعطل عقد المؤتمر السادس بأنها لا تحتكم إلى قانون أو نظام ولا تنضبط لقواعد تنظيمية،وبالتالي فهي زمرة طاغية تتجبر في رقاب تنظيمها،وبسببها تراجع دور وحضور وفعل فتح العمود الفقري للثورة الفلسطينية في المقاومة والمنظمة والسلطة،،هذه المنظمة التي أضحت كياناً مترهلاً ومشلولاً وهيئاته غير فاعلة وتفتقر الى المصدافية والقدرة على اتخاذ القرارات،والتي تم تسليم قيادتها إلى شخوص،لا تتعدى جماهيرية الواحد منهم جماهيرية وشعبية مختار حارة وليس مختار قرية،ناهيك عن أن خياراته السياسية أضحت في تعارض مع مصالح الشعب والجماهير،ناهيك عن أدوارهم التوتيرية والمنفرة والمسيئة جماهيرياً وشعبياً ،ووزر أخطائها ونفور وحقد وغضب الجماهير عليها تتحمل نتيجته فتح ،وهذه الشخوص والمصنفة كجبش من المستشارين والناطقين الرسميين ترى أن مصلحتها في استمرار الانقسام والشرذمة،فأي وحدة وطنية وإنهاء للانقسام،يشكل مخاطر جدية وحقيقية على مصالحها وامتيازاتها، كما تطرق الأخ حسام خضر إلى حالة الفساد الواسعة ،والتي تتغلل في كل هيكل ومفاصل السلطة والمنظمة والحركة ومؤسسات المجتمع المدني وما يسمى بالمنظمات غير الحكومية،،ولكن المشكلة أن هناك فساد ولكن من هم الفاسدون،فهم كائنات غير مرئية وقادمة من كوكب آخر،وكل ذلك لكون الفساد أصبح ممأسس ومؤطر ومنظم،وله حضوره ودوره وفعله من قمة الهرم السياسي والأمني والسلطوي حتى قاعدته،ويشكل حاضنة وحامي لكبار لصوصه وفاسدية من المساءلة والمحاسبة أو تطبيق القانون والمثول أمام القضاء،وفي كثير من الأحيان يستقوي بالخارج لتوفير الدعم والمساندة والحماية له إذا ما شعر بمخاطر جدية على مصالحه ونفوذه.
وكون حسام خضر من أهل البيت،ومن صلب الحركة ومن قياداتها الأصيلة وهو الذي له تاريخه النضالي والكفاحي الطويلين،والذي لا يستطيع أحد المزايدة عليه،وبالتالي لو جاء النقد من خارج أهل البت ،فسترى أن هناك هجمة واسعة وشرسة من التجريح والتقريع والتشهير والمزايدة سيتعرض لها المناضل حسام خضر، على اعتبار أن ذلك تحريض ومس بالحركة ودورها ونضالاتها وتاريخها وسمعتها،رغم أنني متيقن أن الكثير من أصحاب المراكز والمصالح والامتيازات في الحركة وهيئاتها القيادية وفي السلطة وأذرعها الأمنية،ستشن حملة شعواء على الأخ المناضل حسام خضر، فعضو المجلس التشريعي الأخ المناضل عيسى قراقع عندما وجه سهام نقده إلى الأجهزة الأمنية ودورها وقصوراتها تجاه حماية الأمن والمواطن،انبرت العديد من الأقلام لشن حملة من التحريض والتشهير به وصلت حد الطعن بدوره النضالي والكفاحي،وه
و المشهود له فتحاويا ووطنياً بأنه قائد أصيل يغلب الهموم والمصالح العامة والوطنية على الهموم الفئوية والخاصة.
وما تحدث عنه الأخ المناضل خضر يعتبر في غاية الأهمية،ويجب أن يستفاد منه ليس على صعيد فتح،بل على صعيد قوى كل منظمة التحرير الفلسطينية وبالذات قوى الحالة اليسارية والديمقراطية،والتي تشهد حالة واسعة من الأزمات والتراجعات العميقة والشاملة،والتي لا يجري التوقف أمامها بشكل جريء ونقدي ،فبعض أطراف اليسار الفلسطيني وقواه الديمقراطية دخلت منذ مدة طويلة غرف الانعاش المكثفة،وما زالت تعتاش على الأرث والتراث النضالي والكفاحي القديم وكأن ذلك يشكل شفاعة وحماية لها،وأوضاعها على كل الصعد سياسياً وتنظيماً وفكريا باتت أقرب إلى حالة من التفكك الواسع والتحلل والذي لا يمت للتنظيم بصلة،ناهيك عن تعمق حالة الاغتراب بينها وبين الجماهير.
إن أصوات النقد الجريء بحق هذه الفصائل بدءً من فتح وانتهاءً بأصغر فصيل يساري يجب أن تتعالى ويجب أن يكون لها صدها وترجماتها العملية على الأرض، فاستمرار الحديث على أن حرية النقد مكفولة في القنوات الرسمية لم يعد ذلك مجدياً،فالأزمات أعمق وأشمل من أن يستمر اجترار الحديب بها وعنها في قنوات وجلسات وغرف مغلقة وبين مجموعة من القيادات والهياكل المتكلسة والمحنطة وانتظار ورهن التغير بعقد المؤتمرات الحزبية والتنظيمية، فها هو مؤتمر فتح لم يعقد منذ 18 عاماً ومؤتمرات الفصائل الأخرى لم تعقد منذ ثمانية أعوام على الأقل وأمنائها العامون الديمقراطيون جداً يتربعون على رأس هرم تنظيماتهم،متلطين بما يسمى بالشرعية الثورية،وهم الذين يوصلون الليل بالنهار باجترار الحديث عن الديمقراطية الداخلية،ومن خبرتي ومعرفتي بالأنظمة الداخلية للكثير من الأنظمة واللوائح الداخلية لهذه الأحزاب،فهي لا تجيز للأمين العام أو عضو المكتب السياسي أواللجنة المركزية ترشيح نفسه لأكثر من ثلاث دورات انتخابية ،أي بالحد الأعلى خمسة عشر عاماً،فما بالك بالذين هم على رأس تنظيماتهم منذ أكثر من ربع قرن ،بل وحتى ثلاثين عام!!،فهل أحزابهم وتنظيماتهم أضحت عاقرة ولم تنجب غيرهم؟!،أم أنهم هم الطليعة والجهابذة والمقطوع وصفهم في هذا الشعب،والذين إذا لم يستنسخهم الشعب الفلسطيني فعليه وعلى قضيته السلام؟؟.
ولا أحد يفهم من هذا النقد أن قوى الإسلام السياسي تمتلك حلول سحرية لواقعنا الفلسطيني،بل أن مشروعها فئوي ولا يمكن له أن يستجيب لطموحات شعبنا الفلسطيني ولا همومه ولا مشاكله ولا قضاياه المجتمعية،بل وكما شخص الأخ المناضل حسام خضر فهذا التيار نما وتطور وتوسع،نتيجة عجز وأخطاء وممارسات قبيحة وقذرة للعديد من الشخوص والقيادات المحسوبة على هذه الفصائل،والتي مطالبة من أجل أن تصون وحدتها وبرامجها وتستنهض طاقاتها وإمكانياتها وتستعيد حضورها ومكانتها وفعلها وشعبيتها وجماهيريتها فعليها أن تمارس ثورة داخلية في كل أوضاعها من رأس الهرم حتى قاعدته،وكما يقول المأثور الشعبي آخر أنواع العلاج الكي بالنار،ولا بد من إجراء عمليات جراحة واسعة لاستئصال الكثير من الأدران التي علقت بأجسام هذه التنظيمات.
القدس- فلسطين
17/2/2009