شعر ناصر ثابت
(1)
في هذا الزمنِ العابر
حينَ يمرُّ الليلُ الحالكُ
من بين رخام الغيمْ
تعتادُ الاحلامُ على كبوتِها
تتجرَّعُ مِلحَ العبراتِ
وتشربُ كأسَ الهمْ
وتطيرُ على الآفاقِ بلا خجلٍ غربانٌ وخفافيشْ
خُلقت من ماءِ الأفيونِ
وصار لها في زاوية الكونِ أساطيلٌ وجيوشْ
فكأن نسورَ التاريخِ المعهودةَ
ماتتْ
وتفتتْ لحمُ قصائدها
واحترقَ الريشْ
ومساحيقُ التجميل تُزينُ وجهَ الزمن المغشوشْ
(2)
تعتادُ الأحلامُ على كبوتِها
تسبحُ في دمِها كالطير المذبوحِ بلا رحمة
تبردُ مثلَ النارِ إذا أطفأها مطرُ الأيامْ
تهزمها الغربانُ
وقد كانت في الماضي تهتزُّ لها تيجانٌ وعروشْ
(3)
أيتها الأحلامُ احترقي
لكنْ
لا تتخذي مني نعشاً
فأنا عنوانُ الرفضِ
وعنوانُ الثورةِ
أقصدُ ثورة صدري
وانا من يرفض تعليبَ الأحلامِ الثوريةٍ في أكفانٍ ونعوشْ
(4)
احترقي أيتها الأحلامُ
احترقي
فالدربُ الآخر موعودٌ بالغرقِ
وعليه من الظلمِ أحافيرٌ ونقوش
(5)
احترقي أيتها الأحلامُ
احترقي
فالفجرُ الساطعُ لا يظهرُ في الأفقِ
span>
وأنا لا يمكنُ أن أهزمَ إلا طرَباً
حتى الموتَ سأهزمه بالحبر المتلألئ فوقَ قُصاصاتِ الجلدِ البشري
حتى زلزلةَ الساعةِ
سوفَ أعلمها كيفَ يحقُّ لكل عصافير المعمورة
ان ترقصَ وتعيشْ
(6)
أيتها الاحلامُ، احترقي
فاللحظةُ جزءٌ من كل مساحات العارِ المتضخمِ كالعهنِ المنفوشْ
وتعاني اللغةُ الامُّ من القهرِ الأبديِّ
ويخنقُها التهميش
والدربُ الآخرُ تملأه غربانٌ ووحوشْ
ومساحيقُ التجميل
تعودُ بلا خجلٍ
وتكررُ نفسَ التاريخِ المكذوبْ
وتزينُ وجهَ الزمن المغشوشْ
كانون ثانٍ 2009
كاليفورنيا