دكتور /ناجى صادق شراب
فى إنتخابات غير مسبوقه فى اسرائيل ، جاءت نتائج انتخابات الكنيست الثامنة عشر لتؤسس لواقع سياسى جديد ، وترسم خريطه حزبيه مغايره تماما للخريطه الحزبية التى عرفتها اسرائيل منذ قيامها عام 1948 . لقد جاءت هذه ألإنتخابات التى دعت لها تسيبى ليفنى قبل موعدها فى نهاية هذا العام بنتيجة غير متوقعه بالنسبة لها ، ولعل السبب وراء دعوتها أولا فشلها فى تشكيل حكومة بعد إستقالة أولمرت فى أعقاب ملفات الفساد التى لحقت به ، وثانيا لرفضها الخضوع لإبتزاز حزب شاس حتى تظهر بصورة المرأة القوية ، ومن هنا هنا جاءت دعوتها على أمل أن تحقق نتائج إيجابية حاسمه ، ولذلاك جاء قرار الحرب على غزه ومحاولتها ضرب حركة حماس والمقاومة على وجه الخصوص بنتيجة عكسيه إستفاد منها حزب الليكود واليمين عموما .
، ويلاحظ من قراءة نتائج الانتخابات تراجعا واضحا فى دور الاحزاب الكبيرة وتنامى دور الاحزاب الصغيرة ، فمن قبل تراجع دور حزب العمل مؤسس الدولة فى اسرائيل والذى ظل مسيطرا على الحياة السياسية حتى عام 1977، عندما كسر حزب الليكود هذا الاحتكار ، واليوم نجد نفس المصير يتلاقاه حزب العمل الذى تراجع من تسعة عشر مقعدا فى الإنتخابات السابقة إلى ثلاثة عشرة مقعدا فى هذه الإنتخابات ، فى الوقت ذاته إرتفع نصيب معسكر اليمين من واحد وخمسين مقعدا فى إنتخابات الكنيست السابعة عشر إلى خمس وستين مقعدا ، وارتفع نصيب حزب الليكود بشكل ملحوظ من إثنتا عشر مقعدا إلى سبع وعشرين مقعدا وهى نسبة مرتفعه قد تعيد معها دور ووزن حزب الليكود إلى درجة الحزب المسيطر فى إنتخابات قادمه مع تصاعد الإتجاه اليمينى ,وفى السياق نفسه إرتفاع نصيب حزب إسرائيل بيتنا إلى خمسة عشر مقعدا لتجعل منه الحزب الثالث وتجعل منه الحزب القاعده لأية حكومة إسرائيلية ، وتتوقف على مشاركته شكل ومستقبل أى إئتلاف حكومى ، أما بالنسبة لحزب كاديما ورغم فوزه فى هذه الإنتخابات بفارق مقعد واحد عن الليكود بحصوله على ثمانية وعشرين مقعدا بخسارة مقعد واحد إلآ أن هذه النتيجة قد تكون إيجابية لهذا الحزب وقد تؤكد إستمرار دوره على الخريطة السياسية الحزبية فى إسرائيل ، وحتى فى حال عدم مشاركته فى أى حكومة فقد يلعب دورا هاما كمعارضه سياسية ويظهر بأنه حزب يدافع عن جمهوره وعن بقية الإسرائيليين مما قد يؤهله لتحقيق نتائج أكبر فى الإنتخابات القادمه ، وفى الوقت ذاته هذه النتيجة أكدت ظاهرة الحزب الوسط فى إسرائيل التى قد يجد فيها الإسرائيليون خيارا مهما فى المستقبل . ويلاحظ على هذه الإنتخابات تراجع واضح فى دور أحزاب اليسار مثل ميرتس من خمس مقاعد إلى ثلاثة مقاعد مما قد يعنى ضعف دور اليسار عموما وضعف دور قوى السلام أيضا . ويلاحظ كذلك تراجع نسبى فى دور ألأحزاب الدينية لصالح أحزاب اليمين . لكن مما يلفت الإنتباه فى هذه الإنتخابات بروز دور حزب البيت اليهودى الذى حصل على أربعة مقاعد مما قد يزيد من إحتمالات دوره مستقبلا .
أما موقف الاحزاب العربية فما زالت على نفس قوتها ووزنها فقد حصلت مجتمعه على إحدى عشر مقعدا بزيادة مقعدين عن الإنتخابت السابقة هذا رغم إمكانية حصولها على عدد أكبر من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين العرب ، وهذا قد يعزى الى تشتت الصوت العربى من ناحية ، وعدم توحد القوائم العربية فى قائمه واحده ، لكنها عموما تكتسب دورا سياسيا أكبر فى ظل تراجع الاحزاب الكبيرة وخاصة فيما يتعلق بدعم قضايا سياسيه محدده كالانسحاب من الاراضى الفلسطينية ودعم استئناف المفاوضات ، وعموما يلاحظ على هذه الإنتخابات التى شاركت فيها قوائم خمس وعشرون حزبا تزايد دور ألأحزاب الصغيرة ويعزى هذا الى طبيعة النظام الإنتخابى الإسرائيلى النسبى والذى يستند على نسبة الحسم بمقدار 2/ ومن المظاهر اللافته للاهتمام غياب الشخصيات التاريخية وتراجع دور الجنرالات وزيادة دور السياسيين . ويلاحظ على هذه ألإنتخابات أنها إنتخابات بين الزعاملت السياسية والعسكرية أكثر منها بين أحزاب سياسية حيث الفوارق تكاد تكون معدومة فى النواحى السياسية وخصوصا فيما يتعلق بقضية السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين ، ولعل اللافت لللإنتباه فى هذه الإنتخابات نبرة التشدد والكراهية ضد العرب والفلسطينيين عموما وهنا يظهر تأثير التربية التوراتية والتنشئة السياسية التى تعمق الكراهية والقوة وعدم التسامح مع معهم . وقد ظهر ذلك جليا فى التصريحات والعبارات التى خيمت على الإنتخابات ألإسرائيلية وخصوصا لدى قطاع الشباب الإسرائيلى الذين تستهويهم مثل هذه اللغة وهى ما كانت تقف وراء الحرب على غزه .
وفى ضؤ هذه النتائج سيكون للحكومة الجديده ما يقارب الخمسة والستين مقعدا وهذا بالنسبة للمعسكر اليمينى وهى نسبة تبقى قليلة وتضع الحكومة تحت رحمة ألأحزاب الصغيرة ، وحتى فى حالة مشاركة حزب العمل إلى جانب حزب إسرائيل بيتنا أيضا ستبقى الحكومة تحت رحمة الموقف اليمينى المتشدد لليبرمان وهذا سيطدم بالضغوطات الخارجية وخصوصا ألأمريكية ونبرة التغير التى تسعى لها ألإدارة ألمريكية الجديده ، وحتى فى حال تشكل الحكومة من الحزبين الرئيسيين كاديما والليكود مناصفة ومشاركة العمل وإستبعاد ليبرم
ا ن ستبقى أيضا حكومة غير متناغمه ويصعب التوفيق بينها وذلك لسبب واحد أن كلا منهما يدرك أن عمر هذه الحكومة قصير ولذلك ستبقى عينه على إنتخابات الكنيست التاسعة عشر ،
ا ن ستبقى أيضا حكومة غير متناغمه ويصعب التوفيق بينها وذلك لسبب واحد أن كلا منهما يدرك أن عمر هذه الحكومة قصير ولذلك ستبقى عينه على إنتخابات الكنيست التاسعة عشر ،
ماذا يعنى ذلك على مستقبل هذه الحكومة وعلى مستقبل العملية السلمية ؟ على الرغم من تعدد الخيارات أمام تشكيل الحكومة لكنها وفى جميع ألأحوال ستبقى حكومة ذو إئتلاف هش ضعيف لن يكتب له الإستمرارية أكثر من سنتين ، وهذا سينعكس سلبا فى جميع ألأحوال على مستقبل العملية السلمية التى قد تشهد تراجعا وتعثرا فى مسيرتها . وذلك يبقى التساؤل الذى يحتاج منا إلى مقالة جديده ما هى الخيارات الفلسطينية أمام مثل هذه حكومة فى إسرائيل .
دكتور /ناجى صادق شراب /كاتب وأكاديمى فلسطينى /غزه