انتظرت القيادة السعودية تولي الرئيس الاميركي باراك اوباما منصبه ثم تصريحاته حول محاورة سوريا لتبدأ بكسر الجليد مع دمشق، رغم ان الاخيرة قطعت قبل ذلك خطوات مهمة في مساري العملية السلمية والعلاقات مع لبنان. والأحد سلم رئيس الاستخبارات العامة السعودي الامير مقرن بن عبد العزيز رسالة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الى الرئيس السوري بشار الاسد “تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وآخر التطورات في المنطقة واهمية التنسيق والتشاور بين الجانبين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والشعوب العربية”. على ما افادت وكالة الانباء السورية (سانا).
وقبل ذلك استضاف العاهل السعودي على هامش القمة العربية الاقتصادية في الكويت في 19 يناير/كانون الثاني لقاء “مصالحة” بين سوريا والسعودية ومصر وقطر جمعه مع زعماء هذه الدول.
لكن لقاء المصالحة هذا لم يؤد تماما الى طي صفحة الانقسامات العربية التي خرجت الى العلن اثناء الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. ولاحقا اكد الرئيس السوري ان هذه المصالحة ليست سوى “كسر للجليد”.
وتزامنت الخطوات السعودية نحو سوريا مع تخفيف اللهجة الاميركية حيال دمشق اثر صعود الادارة الديمقراطية الى البيت الابيض واتخاذها خطوات عملية لبدء الحوار مع نظام بشار الاسد.
وفي هذا السياق، قررت الولايات المتحدة ارسال وفد برلماني رفيع المستوى الى سوريا وتعليق بعض العقوبات التي كانت مفروضة عليها.
وسيلتقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي السناتور الديموقراطي جون كيري، المرشح سابقا للرئاسة في انتخابات 2004، خلال زيارته الوشيكة الى دمشق الرئيس الاسد، وبرفقته نظيره في مجلس النواب هاورد بيرمان.
ولن يمثل هذا الوفد البرلماني الرئيس باراك اوباما رسميا، لكنه يمهد لاتصالات متوقعة لاحقا مع مسؤولين في الادارة الاميركية.
وفي مؤشر آخر على الحلحلة مع دمشق، سمحت وزارة التجارة الاميركية اخيرا لمجموعة بوينغ الاميركية العملاقة للطائرات ببيع قطع غيار لسوريا من اجل تحديث طائرتين تابعتين لشركة الخطوط الجوية السورية.
ومن المعطيات الاخرى التي “تسهل” على السعودية اعادة علاقاتها مع سوريا النظرة الاوروبية الجديدة التي بدأت تتبلور باتجاه دمشق التي تتخذ “موقفا بناء”، حسب ما صرحت الاحد المفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو-فالدنر.
وفي الزيارة الاولى لمفوضة اوروبية للعلاقات الخارجية لسوريا، قالت فيريرو-فالدنر “شهدنا موقفا بناء من جانب سوريا مع اقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وفي الملف العراقي والمفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل، والجهود المبذولة لوقف اطلاق النار في غزة”.
وبدأت سوريا واسرائيل في مايو/ايار الماضي مفاوضات غير مباشرة عبر تركيا. لكن دمشق علقت هذه المفاوضات معتبرة ان “العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة” جعل استمرارها مستحيلا.
كما اعلن لبنان وسوريا في 15 اكتوبر/تشرين الاول اقامة علاقات دبلوماسية بينهما للمرة الاولى منذ اعلان استقلال البلدين قبل اكثر من ستين عاما.
وكانت القمة اللبنانية السورية التي عقدت في 13 اغسطس/آب في دمشق بين الرئيسين بشار الاسد وميشال سليمان اعلنت في خطوة تاريخية الاتفاق على اقامة هذه العلاقات على مستوى السفراء.
وتعتبر السعودية أميركيا في مقدمة الدول العربية “المعتدلة” (ومن بينها مصر ايضا) التي تعول عليها واشنطن في تحريك عملية السلام في الشرق الاوسط ومواجهة تعاظم النفوذ الايراني في المنطقة.
وتأتي زيارة رئيس الاستخبارات السعودية الى دمشق في نفس الوقت الذي استقبل فيه العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ومدير المخابرات اللواء عمر سليمان في الرياض.
ونقل ابو الغيط للعاهل السعودي خلال اللقاء الذي عقد بحضور وزير الخارجية الامير سعود الفيصل “رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك تتعلق بتطورات الاوضاع في المنطقة” حسبما صرح مصدر دبلوماسي.
وتريد الولايات المتحدة من حوارها مع سوريا ضرب عصفورين بحجر واحد: احداث شرخ في التحالف الايراني السوري والسير قدما في محادثات السلام الاسرائيلية السورية.
كما تراهن واشنطن على ان حل هذين الملفين لمصلحتها سيؤدي الى تغيير علاقة دمشق بحماس وحزب الله، العدوين اللدودين لحليفتها اسرائيل.