بقلم : منذر ارشيد
( الحلقة الثانية )
( مقدمة )
موضوع البحث يتعلق بأمر هام جداً وهو أن المقاومة الفلسطينية واجهت في كل مراحلها حائطاً مسدوداً “إختلف من حيث المكان والزمان” وربما كان أخطر ما تعرضت له هذه المقاومة “
الحائط العربي الذي سُد في وجهها في مختلف المراحل “
ولم يكن أمام المقاومة إلا الإنحناء في كثير من الظروف لإسباب ما كانت لتكون لو أنها أحسنت العمل منذ البداية
ربما يقول قائل لماذا تعيدنا إلى البداية ..!!
فأقول…
(لو أن آدم أطاع الله ولم يقرب الشجرة لكنا نعيش الآن في الجنة ) وأستغفر الله
كتبنا الكثير في هذا الموضوع لأسباب وظروف موضوعية
وما نكتبه اليوم ضروري جداً يعد ما تبلور أثناء الحرب على غزة
وأعتقد جازما ًأن ما جرى في غزة وما سبقه من أحداث منذ عام 67 له علاقة بالبدايات مهما كان من عقود من الزمن قد مرت فهي ككرة الثلج تدحرجت ووصلت إلى ما وصلت إليه وما ستصل إليه ولو بعد سنوات أما الحصار العربي فهو الأكثر تأثيرا ً على القضية الفلسطينية .
( شهيدا ً شهيدا ً شهيدا ً)
بهذه الكلمات ختم أبو عمار شعاراته المأثورة والتي سبقتها بثورة حتى النصر” وتوالت (بغصن الزيتون) و(جبل ما يهزرك ريح)
و(على القدس رايحين )
أعتقد أنه عندما قال آخر عبارة لم يكن في يده غصن الزيتون
أبو عمار الذي جردوه من كل أمل بالسلام من خلال تنكرهم لرؤيته في مستقبل مشرق لكل شعوب المنطقة وبعد أن ظل رافعاً غصن الزيتون رغم الإجحاف والتنكر من قبل إسرائيل وأمريكا وتجاهل القيادات العربية لكل ما تعرض له من حصار ودمار وصل إلى القتل “ أبو عماروبعد أن إستنفذ كل طاقاته من إجل السلام رفع البندقية وبقوة وأعلنها من المقاطعة التي صنعتها أوسلو والتي وقع هو نفسه عليها ” أعلن أن إسرائيل لا تفهم لغة الحضارة ولا لغة الحرية ولا معنى الحياة بل هي صانعة الباطل و الموت
أبو عمار قائد فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية والتي إعترفت بإسرائيل وأسقطت أهم بنود الميثاق الفلسطيني ظنا ً منها أنها دخلت في سوق السلام العالمي لكي تتساوق مع المطالب الدولية التي كان يراهن عليها أبو عمار وهي تحمل لواء الشرعية القانونية الإنسانية
هذه الشرعية الدولية المزيفة التي أثبتت أنها الأكثر إجحافا ً لحق الشعوب المضطهدة
لا بل الأكثر تنكرا ً لحق الشعب الفلسطيني الذي سُلبت أرضه
ذهب أبو عمار ودفع ثمن السلام المزعوم ..
هل أخطأ “ هل أصاب ..!!سؤآل يبقى رهن الإجابة .
المهم أنه ضحى بحياته من أجل أن لا يقال أنه ركب رأسه وعاند العالم ” ووقف في وجه السلام ” ويكفيه شرفا ً أنه رحل وهو شامخا ً رافعا ً رأسهولم تفارقه بندقيته كمناضل شجاع وقائد فذ
شهيدا ً شهيدا ً شهيدا ً
(( الخطأ الإستراتيجي الأول للمقاومة ))
لنتحدث بكل صراحة ووضوح بعيداً عن العواطف حتى نكون منصفين وواقعيين كما يحب البعض , فالتاريخ لا يعرف المجاملات
ولا يُقر بالعواطف ” فالوقائع معروفة وكل شيء موثق”
والسياق تاريخي مفصل وليس قصصي روائي
لو عدنا إلى الوراء لوجدنا أن هناك كثيراً من المسائل تطرح أسألة مطلوب الإجابة عليها ” وبالمناسبة (طرحناها في حينها ) وكتبناها قبل سنوات ولم نجد إجابة عليها وسأضعها بمضمونها ومفصلة …
من المعروف أن المقاومة لأي إحتلال تنطلق من الأرض المحتلة وتتفاعل جماهيريا ً لِتُكَوِن الإطار العام الذي يحمي الثورة
ولكننا رأينا أن الثورة الفلسطينية بقيادة فتح وهي التي إنطلقت من خارج الوطن كقيادة ولكن الفعل والتفاعل تم على أرض فلسطين قبل وبعد نكسة حزيران “ وقد تبلورت بشكل سريع وخلال ثلاثة أشهر وقد بدأت فعالياتها تظهر على أرض الضفة وغزة .
وبحركة دراماتيكية تم إكتشاف الأمر من قبل الإحتلال
وبسرعة خرجت فعاليات المقاومة خارج الوطن وتمركزت أولا ً في الأردن على الحدود الأطول مع فلسطين “ وكان ما كان مروراً بمعركة الكرامة إنتهاءً بخروج الثورة من أطول خطوط المواجهة مع العدو خرجت إلى سوريا لبنان ….واستقرت أخيرا في إفريقيا (تونس ) وهنا يكمن السؤآل ….!!!
لماذا تم خروج قيادة الثورة والمقاتلين من داخل منطقة الصراع الفعلي إلى خارج حدود الوطن ..!!
فهل كان هناك سبب جوهري بعد أن دخل ياسر عرفات ومباشرة بعد النكسة إلى الضفة وعمل بكل جهد وبشكل شخصي على تفعيل الحركة تنظيميا ً من خلال الخلايا والقواعد الحركية في مختلف أنحاء الوطن ….وقد عشنا هذه التجربة بكل تفاصيلها ورأينا كيف دب النشاط الحركي وبشكل ملفت للنظر وخاصة أن جيل جديد من أبناء الشعب الفلسطيني وجد نفسه بشكل مفاجيء في وضع إحتلال وجيش معادي يعيث في الأرض فساداً مما دفعه للتفكير بالمقاومة
وبدأ الحلم يراود كل فلسطيني حر ببدء العمل الميداني “والكل كان ينتظر السلاح والتدريب وبدأ إشارة الفعل والأنطلاق
ولكن فوجيء الجميع بخروج القيادات والكوادر المدربة إلى خارج الوطن ( خروج مئات الشباب إلى دمشق والتدريب في معسكر ((الهامة)) التابع لحركة فتح وعودتهم بالسلاح )
صدرت الأوامروبشكل عاجل بالخروج إلى الأردن وسوريا ” فتم الخروج وعلى رأسهم ياسر عرفات ” وهنا السؤآل الأول … هل كان هذا عملاً إيجابيا ً ..!!
أم أنه كان من الأفضل البقاء داخل الوطن لتعمل المقاومة نخراً في جسم وقلب الإحتلال الصهيوني من داخله وهو يحتل الأرض ..
مما كان سينتج صراعا ً بين غاصب محتل وثائر صاحب حق وأرض ..!
لماذا هذا العناء.. (خروج ودخول) عبر حدود الدول العربية ..!!
وما يمنع من تهريب السلاح من الخارج إلى الداخل مع وجود المقاومين داخل الوطن ..!!
ألم تكن الجماهير العربية خارج الوطن جاهزة للتفاعل مع الثورة وهي التي تفاعلت معها من خلال الدعم وحتى الإنضمام لصفوفها في الإردن وفي غيرها من الدول المجاورة …!
ألم يكن العالم العربي مهيئاً للثأر من إسرائيل التي أهانت كرامة الجيوش العربية في يوم واحد وضربت كل إمكانيات العرب العسكرية وقتلت خلالها آلآلآف من خيرة أبناء الوطن العربي من جنود وضباط كانوا جاهزين لمقاتلة إسرائيل لولا الخدعة والخيانة التي حصلت ..!!
ألم تكن هذه الشعوب وطنية لكي تدعم أي ثورة فلسطينية تنطلق من داخل فلسطين وتصارع العدو من قلب الوطن
وإذا كان الخوف في حال بقائنا كقيادة ومقاتلين داخل الأرض من محاصرتنا وضربنا بسرعة جراء ما تمتلكه إسرائيل من قوة ..!.
وهل عندما خرجنا إلى الدول العربية وأولها الأردن ” هل تُركنا في أي بلد عربي على حريتنا .! ولم يتم حصارنا وضربنا في كل أماكن تواجدنا ..!
وهل الخسائر التي تعرضنا لها خارج الوطن من خلال صداماتنا مع الدول العربية “هل كانت ستكون أكثر لو بقينا داخل الوطن ..!
ربما كانت الخسائر على جميع المستويات أقل بكثير مما تم إستنزافه في صراعاتنا مع الأنظمة العربية ” وحتى لو كانت أكثر لن تكون إلا في عدد الشهداء فقط ” ويا حبذا لو كان هذا” على الأقل فهو شرف ما بعده شرف يضيف إلى قضيتنا زخما وتراكما ً نضالياً تستحقه قضيتنا وكما يعطيها دعماً عربيا ً وإسلاميا ً خارجيا ً
أعتقد أن هذا الأمر كان من أهم الأخطاء الإستراتيجية التي وقعنا بها “وكما أعتقد أننا أضعنا كثيراً من الجهد والمال والرجال في صراعاتنا مع العرب وما كنا دخلنا في محاور متضاربة مع الأنظمة العربية أو الإقليمية وقد تكاثرت التنظيمات التابعة لهذا النظام العربي وذاك وما ترتب عليها من صراعات وخسائر”
لا بل كان من الأفضل لو تم إستنفاذها واستغلالها في صراعنا مع العدو , والعدو وحده من داخل الوطن
لقد كانت الثوة والمقاومة تستند إلى العمق العربي من خلال حرية الحركة وما يسمح به العمق العربي من إسناد وتواصل كباب مفتوح
للتجنيد والإمداد والتواصل ” وكان هذا سيحصل لأننا نعمل ضمن ساحة صراع مشروعة بكل ما تعنيه الكلمة
هنا وحتى لا يطول الشرح وأعتقد أن ما وضعته يكفي لفهم المقصود, نجد أننا وحسب تصوري أضعنا فرصة وأضعنا جهود
ناهيك عن الوقت الذي كان من ا
لممكن أن يتم إختصاره فيما لو كثفنا عملنا في إطار الحرب الشعبية من خلال تنظيم جيد وتعبئة فكرية” وثقافة تضحية وصمود ” وقانون ثوري فعال” وتسليح يؤهل الشعب على مواجهة العدو في كل مكان, ولطورنا نضالنا وصولاً إلى الحرب الشعبية الكاملة المتكاملة
لممكن أن يتم إختصاره فيما لو كثفنا عملنا في إطار الحرب الشعبية من خلال تنظيم جيد وتعبئة فكرية” وثقافة تضحية وصمود ” وقانون ثوري فعال” وتسليح يؤهل الشعب على مواجهة العدو في كل مكان, ولطورنا نضالنا وصولاً إلى الحرب الشعبية الكاملة المتكاملة
ولنا في الجزائر وغيرها عبرة وتجربة وقد حققت الكثير وأنجزت في نهاية الأمر نصراً رغم فداحة الثمن
سيقول قائل ..إن المقارنة أو التشبيه فيه إجحاف وغير منطقي لإختلاف الزمان والمكن و الظروف والجغرافيا وغيرها من الأمور
نقول …ربما يكون هذا صحيحا ً .! ولكن لو عدنا إلى الزمان لوجدنا أن الزمان كان أصعب ” أما المكان فرأينا أن الثوار الجزائريون انتظموا وانطلقوا واشتبكوا في ثورة عارمه داخل أرض الجزائر ولم يخرجوا لا إلى تونس ولا إلى المغرب” ولم يشتتوا قواهم في هذه البلد أو تلك ولم يُسْتَزَفوا دون طائل
الى اللقاء
(( أوسلو كان نتاج الحصار العربي ))
منذر ارشيد