ذ.محمد زمران
لايختلف اثنان في أن العلم الوطني .. يعدا رمزا لهذا البلد، وقد ذهبت آلاف الأرواح فداء له ودفاعا عنه .. ومن أجله ضحى المواطنون المغاربة الأحرار في الماضي بالغالي والرخيص، حيث كان ومازال من المقدسات التي لايمكن أن تمس بسوء أو تدنس.
ولهذا على المواطنين المغاربة أن يدركوا أنه من أجل أن ترفرف هذه الراية على أرض وطن مستقل، ينعم بالاستقرار، فقد أدى الآباء والأجداد الثمن غاليا، وقد كلفهم ذلك أرواحهم التي استرخصوها، وبذلوها في سبيل إعلاء كلمة اللـه .. ورؤية العلم يرفرف خفاقا، ولم يكونوا في يوم من الأيام ينظرون إليه كأنه مجرد “خرقة قماش”، بل كان له في ضمائرهم حيزا كبيرا من التعظيم، وأنه أداة قوية لاستنهاض همم المغاربة للحفاظ على كرامة الوطن ووحدته الترابية .. وأن الأهمية التي كانوا يولونها له كانت فوق كل تصور.
ولكن ما يحز في النفس اليوم، هو لما يرى المرء بأم عينيه أن هذا العلم الذي هو جزء لايتجزأ من مواطنتنا الحقة أصبح مهملا، وفاقدا لأهميته وعمقه الروحي، بين أيدي من يجهل المراحل الصعبة التي مر بها ليصل إلى وقتنا هذا، وهو الذي كان من المفروض، بل من الأكيد أن يحظى بالعناية الكبيرة إكراما لأرواح الشهداء الذين قدموا دماءهم لغسل عار الاستعمار، وتمهيدا لزرع حبه في نفوس أطفالنا ليشبوا على حب بلادهم وعلمها.
لهذا، فغيرتي على وطني، وعلى علمي بلادي هي التي جعلتني أتطرق لهذا الموضوع .. وأدق الجرس لإثارة انتباه المسؤولين من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على العلم المغربي، وإعطاء الدروس التي من شأنها تعليم الجيل الجديد ما كانت الأجيال السابقة توليه للعلم الوطني من تقديس.
وان ما دفعني للخوض في غمار هذا الحديث – الذي يخيل لبعضهم أنه فقط من أجل إسالة المداد – هو الوضع الذي لاأرضاه ولايرضاه كل مواطن حر مطلع على تاريخ نضال بلاده، أن يرى فيه العلم المغربي .. والنقطة التي أفاضت الكأس وجعلتني أنتفض هي تلك التي سالت من خلال فقرات سهرة القناة الأولى لليلة السبت 14 فبراير الجاري، في إطار برنامج نغموتاي .. فقد لاحظت ولاحظ معي جميع من كتب لهم الجلوس أثناء تلك اللحظة أمام الشاشة الصغيرة، أن (الراقص) المنتمي إلى فرقة عبيدات الرمى كان يرقص رقصة نسائية .. متخذا العلم الوطني كحزام ( آش هد قلة الحيا يا ناس؟) هل وصلت بنا الوقاحة إلى أن نعتدي على علم بلادنا ونتخذه وسيلة للتسلية والرقص ..؟
والغريب في الأمر، أنه لم يوجد في اللحظة من حرك ساكنا ولا من نهى عن المنكر الذي يرتكب في حينه أمام الملايين من المغاربة، بل وملايين من المشاهدين من جميع بقاع العالم، الذين منهم من يستغل الظرف لينعتنا بأننا شعب فقد بريق وطنيته، وخصوصا وأن الحادث يتزامن مع معركة استكمال وحدتنا الترابية.
المهم، إن كان الراقص المعني أقدم على هذه الفعلة وهو يعلم مدى فداحة غلطته، فهنا تجب قراءة الفاتحة على شبابنا الذي عليه المعول لحمل المشعل، وان لم يكن على بينة مما اقترفه من ذنب في حق الجزء الذي لايتجزأ من مقدسات هذا الشعب الأبي، فاللوم كل اللوم على المشرفين على البرنامج الذين لامحالة يفقهون في هذه الأشياء، والذين كان يتوجب عليهم أن يعملوا على استخدام مقصهم لقص اللقطة، وهذا أضعف الإيمان – وخصوصا أن السهرة مسجلة وليست مباشرة -.
وختاما لا يجهل أحد أن هذا العلم يعد أسمى ما هو عند المواطن المغربي, ولكن مع الأسف الشديد أصبح مع توالي السنوات وسيلة يرقص بها الراقصون والراقصات في المراقص، هل هان على هؤلاء ما بذله الجيل السالف من أجل أن يبقى العلم المغربي، علما يرمز للكيان وللانتماء.. يرمز للوحدة وللفداء .. فلماذا ياترى لا نرفع من شأن رمزنا الوطنى انتماء له وتبجيلا، أين إذن نحن منغيرنا فى حبهم لبلادهم..؟ أين الغيرة على الوطن، وأين التربيةالوطنيه ؟
أرى أننا أحوج ما نكون لهذه الغيرة، وهذا التقديس لعلمنا ، الذي كان ولازال آباؤنا الأشراف إذا رأوه خارج المغرب تخفق قلوبهم وتدمع أعينهم شوقا له .
أرى أننا أحوج ما نكون لهذه الغيرة، وهذا التقديس لعلمنا ، الذي كان ولازال آباؤنا الأشراف إذا رأوه خارج المغرب تخفق قلوبهم وتدمع أعينهم شوقا له .