تسود المجتمع الأمريكي في الفترة الحالية ظاهرة ملفتة، تتمثل في الانتشار الواسع للعناق على حساب المصافحة العادية، حيث بدأت العادة تنتشر في المدارس والجامعات ومكاتب العمل، خاصة مع الأزمة المالية الأخيرة، وحاجة الناس للتعاطف، وإن كان البعض قد تطرف بممارستها إلى حد حظرها في بعض الأماكن.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ليس بعيداً عن هذه الموجة، حيث أكد مساعدوه أنه قام بمعانقة قرابة تسعة من مستشاريه خلال الشهر المنصرم في البيت الأبيض، ما دفع البعض إلى تسميته بـ”المعانق الأكبر،” في مجتمع يبحث دائماً عن كل ما يعزز العلاقات الاجتماعية المتفككة.
ووفقاً لمجلة “تايم” فإن عادة المعانقة باتت تطال حتى الأشخاص الذين يتعرفون إلى بعضهم للمرة الأولى، وتشير المجلة إلى وجود أنواع عديدة من العناق، منها أسلوب “الهيب هوب” حيث يتلامس الشبان بسرعة وبأسلوب رجولي، على غرار مؤدي أغاني الراب.
كما هناك عناق القسم الأعلى من الجسم، حيث يحرص كل طرف على الانحناء قليلاً للحؤول دون تماس الأقسام السفلى من الجسم، وأخيراً عناق “الدب” المعروف والتقليدي، والذي يقوم على الغمر بقوة.
وقد شهد العام الماضي الكثير من العناق العلني، وخاصة في حملة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، حيث قام المرشح السابق، جون ماكين، بمعانقة نائبته، سارة بالين، خلال جولاتهما الانتخابية، بينما كانت مجموعة من الشبان تجوب الولايات المتحدة لتنفيذ “مليون معانقة” لأغراض إنسانية.
ولكن انتشار المعانقة على هذه الصورة، وانتقالها حتى إلى صفحات موقع “فيس بوك” الذي بات يضم ركناً لمحبي العناق، شكل بادرة أزمة في بعض الأماكن، حيث قامت مدرسة”أوك بارك” مثلاً بمنع هذه الممارسة بسبب “الازدحام الشديد الذي تسببه المعانقة القوية” لمجموعات من الفتيات، الأمر الذي أعاق الوصول إلى الصفوف.
وفي الإطار عينه، أشارت سوزان دين، وهو مسؤولة إدارية في مؤسسة بمدينة دالاس، إلى أن العناق في أماكن العمل يسبب الكثير من الارتباك حيال العلاقات بين الناضجين، وصعوبة الفصل بين التعاطف والانجذاب الجنسي.
وتوضح دين موقفها بالقول: “هناك معانقة… لكن هناك أيضاً نوع آخر من المعانقة.”
كما يلفت عدد من “رواد العناق” إلى الحرج الاجتماعي الذي يسببه عدم انتشار هذه الممارسة بين كل الناس، خاصة عندما يقدم شخص ما على مد يده لمصافحة شخص آخر يبحث عن معانقة.