سيد يوسف
أوضاع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها لا تسر حبيبا، وملأى بما يدعو للحسرة والأسف، ويكاد يجمع الفاقهون أن أحد أهم – وليس كل- أسباب نكبتنا فى حكامنا الذين لا يرعون ولا يأتمرون إلا بأوامر أعداء أمتنا فهذا زعيم تصفه واشنطن بأنه رجلنا فى مصر هكذا صراحة ودون مواربة، وذاك نعرف أن اسمه فى جهاز مخابرات غربى “مستر بيف” حسبما نشرت وثائق القوم، وآخر يصف عمليات المقاومة فى فلسطين بأنها عمليات حقيرة، والحديث ههنا ذو شجون لا تنتهى.
وبلداننا الإسلامية والعربية تتشابه فى ظروفها لحد التطابق بين بعض البلدان، والحال فى مصر- على سبيل المثال- يبعث على الأسى ويصوره العارفون بأن الكيل قد طفح، وبأن السيل قد بلغ الزبى، ولست- كأي مراقب لأوضاعنا- أدرى أأفرح أم أحزن؟ أفرح لأن الكيل طفح ومن ثم هانت لحظة إزاحة الطغاة ولطمهم، أم أحزن لمصاب قومى وآلامهم التى ما برحت تزداد يوما بعد يوم فيموت بنو وطنى غرقا أو حرقا أو مرضا أو سرطانا أو كمدا وحزنا وفقرا أو كل ذلك معا؟!
أعلم أن الكيل قد طفح فثروات بلادى تنهب نهبا ومن ثم برزت فئة قليلة تمتص دم الفقراء فى بلادى وتراخت الطبقات الوسطى حتى كادت تتلاشى، وشهدنا انهيارا سيئا فى التعليم منتجا وأداء فطالبة الماجستير لا تعرف عاصمة الشرقية، والدكتور الجامعى لا يعرف إعراب جملة ويتساءل عن الرفع والنصب والجر فى ما يكتبه من كتب فى تخصص أدبى، وانهيار الصناعة فى بلادى كالحديد والصلب وما يعرف بالصناعات الثقيلة شاهد عيان على فشل بلادى ففى الستينيات كنا نتظاهر بصناعة صواريخ الظافر والقاهر لكنا اليوم نجتهد فى الحصول على رخص إنتاج للشيبس واللبان !!، وفى الزراعة تأخرت زراعتنا للقطن فخرجنا من أول عشرة مصدرين للقطن فى العالم بعد أن كنا أول مصدريه، ويذكر كاتب هذه السطور- حين كنا روادا لصناعة القطن- أنه أهدى إليه قميصا كتب بجوار بلد نشأته أنه قطن مصرى صنع فى ألمانيا، وعن حالتنا الصحية فحدث ولا حرج من حيث التلوث وما يستتبعه من سرطانات وأمراض أشد فتكا سجلت فيها مصر أعلى المعدلات العالمية ويكفى أن تنظر لمباراة كرة قدم لمصر مع دولة غربية لتشهد عجبا : ترى أميبا مصرية فى مقابل لياقة نراها غير عادية للفرق الأخرى…كل ذلك أخفى البسمة المصرية ونكتة المصرى لتحل محلها أرقام مزعجة عن الاكتئاب وحالات الانتحار …
ولا يكفى إنكار هذه الصورة لنفيها أو التدليل على أنها غير موجودة وأن ذلك تصور مراهقين كما يفعل صبيان لجنة السياسات الذين يسارعون إلى نفى أى شيء حتى قبل أن يسمعوا أنين الناس به، وأنين الناس عندهم بطر، وكتابات المنصفين عن أحوالنا يصورونها على أنها مؤامرة ضد مصر، أو على أحسن تقدير تشويه لصورة مصر!!
سيناريوهات إزاحة الطغاة
يتوقع كثير من المراقبين أن أمريكا تعلم هذا الغضب، وأنها ربما قد ارتضت البديل لهذا النظام الفاسد بنظام آخر له وجه جديد غير مكروه لكنها تجتهد فى ابتزاز هذا النظام حتى آخر رمق كما تفعل لجنة السياسات مع ثروات مصر، وفى اعتقادى أن المعارضة المصرية قد نفض الناس أيديهم منهم فهى على أقصى تقدير ظاهرة احتجاج صوتى مستأنس من قبل النظام…ومن ثم نرى أن أحد السيناريوهات الراهنة تعول على أمريكا لكننا ههنا كالمستجير من النار بالرمضاء.
والذين يعولون على حركة الجماهير يراهم بعض الواقعيين أنهم حالمون فى زمن الكوابيس السياسية، صحيح قد تتصارع أجنحة هذا النظام لا سيما عند غياب الرئيس لأى طارئ ورغم أن الفرصة حينئذ سانحة بيد أن الجماهير تحتاج إلى غائب وأعنى به قيادة حكيمة وقادرة وموثوق بها…والذين يعولون على الإخوان حتى وإن طالبوهم بتصدر المشهد وقيادته لا يعلمون أن للإخوان حساباتهم ومخاوفهم…ألا إنه لا أمل فى حركة الجماهير من تلقاء أنفسها إذ لا
بد أن تتحرك بهم قيادة حكيمة وقادرة وموثوق بها وهو أمر يحتاج إلى مزيد بيان.
بد أن تتحرك بهم قيادة حكيمة وقادرة وموثوق بها وهو أمر يحتاج إلى مزيد بيان.
بقى أن نشير إلى حركة الجيش أو بروز نظرية القائد صاحب الموقف أو الفارس المختفى بين رجال النظام وهى كلها حتى الآن نظريات/ وسيناريوهات الحالمين الواهمين.
ألا إنه لا حل إلا بحركة الجماهير، ذلك أن تلك الأنظمة لم تدع فرصة لا للتغيير السلمى ولا للتنفيس الانفعالي إنها لم تدع أى فرصة سوى للتغيير بالقوة وبالبلطجة…ولن تتحرك الجماهير من تلقاء أنفسها، بل لابد من قيادة حكيمة قادرة موثوق بها وهو الأمر الذي يجب أن نشغل أنفسنا به إذ لا مناص من الحركة فالكيل طفح وقد حان وقت إزاحة الطغاة.
سيد يوسف