بقلم: سعيد موسى
((مابين السطور))
لقد تكاثفت الجهود العربية الحريصة على استقرار المنطقة, وحدث شبه توافق وشبه اجماع فصائلي فلسطيني على ضرورة التهدئة مع الكيان الاسرائيلي, لكني بعيدا عن التفاؤل والتشاؤم, لست متاكدا من التزام الطرف الآخر باستحقاقات التهدئة, بل لا اخفي الاعراب عن تلك الخشية بانني على يقين ان الكيان الاسرائيلي لديه مفهوم متغطرس لتنفيذ تلك الاستحقاقات لن يلتزم بحرفية ونصوص تهدئة بلا نص ولا حروف موثقة, ولا اقول ذلك من فراغ بل انطلاقا من قراءة معمقة لتاريخهم وحاضرهم المخادع, والذي ينطلق من نظرة القوة والاستعلاء وعدم الندية في ترجمة مفاهيم تلك التفاهمات,. فقد سبق ان انسحبوا من قطاع غزة من طرف واحد, وقد سبق وان اعلنوا وقف اطلاق النار من طرف واحد,وثبت ان بذلك عدوان ضاري مبيت, و قد يطيب لبعضنا ان يرى المشهد من زاوية ضيقة ليصف ذلك السلوك الاسرائيلي انه ناتج عن ضرباتنا الموجعة, وان كان ذلك احد عناصرها, نقطة وسطر جديد, لكن الحقيقة وللاسف في ظل هذا الوعي بقصور فهم الطرف المقابل, فانهم يستثمرونه على اكمل وجه, وبالتالي نواة الحقيقة تكمن في الشق الاهم من الضربات الموجعة والتي لم تتوقف منذ ستون عاما على يد رجال الفداء و المقاومة, الا وهو ان قادة الكيان الاسرائيلي مخادعين ولايريدون اتفاقا مغلقا او مكتوبا ملزما, بل ارادوا تكريس واخراج جوهر المشكلة”الاحتلال” اي اذا خرق الجانب الفلسطيني التفاهمات الشفهية ضعيفة الضمانات, فان الرد الصهيوني الغير متكافيء حاضر, ولا اخال احدا يجهل استمرار سلوك الاحتلال الاستفزازي, والذي لا يعتبروه خرقا, كي يسجلوا مايسمى خرقا فلسطينيا وليس ردا, لان التهدئة مع بقاء الاحتلال في حد ذاته اصل الخروقات البشرية, لذا فالمطلوب من الجانب الفلسطيني اعلان تهدئة وفي المقابل ينظر للمسالة بانه في هذا الحال لن تكون هناك ذريعة للكيان الاسرائيلي للرد على اصل المقاومة, وهذا مفهوم قاصر وغير عادل ان لم يلزم الكيان الاسرائيلي باتفاق مفصل ومكتوب وموقع ليترجم الندية بادنى صورها, فهذا الالتزام اضعف الايمان لان المعضلة في الاحتلال, ولست اشك باننا سنشهد الف خرق وخرق لتفاهمات التهدئة على خارطة الطرف الواحد الغير متكافيء وغير متزامن, واعتقد بان اي جهة حريصة على انجاح وكمالية اداء التهدئة يفترض ان تسقط الاعلان غير المتزامن او غير الموثق باتفاق مكتوب ومفصل ومضمون من اطراف دولية قبل العربية, ولا ابالغ ان قلت ان الضمانة الاهم والمؤثرة هي استعادة الوحدة الوطنية, ومالها من فعل مؤثر على قرار الطرف الآخر.
واعتقد ان من يجهل خداع بني قريضة, فسوف يصدم لو طلب من احفادهم تعريف التهدئة باللغة العبرية او بلغة المحتل, لكن قبولها في ادنى حالاتها ربما تكون مصلحة فلسطينية, والدليل على ذلك هو شبه الاجماع على اهمية التهدئة خاصة وان فرقاء الانقسام يتوحدون على ضرورتها الملحة, لكن هذه الضرورة لايجب ان تتوقف عند حد التهدئة مع العدو ومن ثم التفرغ للتصعيد مع الشقيق, لان تلك التهدئة بنيت على رمال متحركة, وكي تتفادى اقطاب الانقسام الفلسطيني خطورة انهيارها, يجب ان يستثمر زمان تأرجحها, لتصليب الارضية الوطنية التي يرغب المحتل بل يسعى جاهدا ليل نهار كي تكون ارضية رخوة هشة, وهذا يعني اننا في سباق مع الزمن والوقت كالسيف ان لم نقطعه بما فيه خير شعبنا فسوف يقطعنا بسيف المحتل المتربص الذي يستسهل خلق الذرائع من اجل حالة فلسطينية مرتبكة فيها سبعمائة فائدة صهيونية, لكن تصليبها ربما نستطيع القول ان بها سبع فوائد فلسطينية وهذا افضل من لافائدة الانشطار الوطني المدمر, والكرة في ملعب الفرقاء والجمهور الفلسطيني حاظر شاخص الانظار الى من هو على قدر المسئولية ليتنازل او لنقل ان ينزل عن علياء اشتراطاته في التهدئة اولا مع الشقيق طالما سهلت التهدئة مع العدو, ومن ثم فان مصداقية النية بالتوجه وتهدئة توفر المناخات الصالحة للمصالحة التي ان حدث عنها استفتاء او استطلاع محايد فستحضى بتلهف 90% من شعبنا ولست هنا لافصل العشرة الباقية لكنها ستختفي امام هذا الزخم الطيب.
فتهدئة من طرف واحد ان لم يكن مكتوبا وملزما, وقد حرص الرسول عليه الصلاة والسلام في اقصى حالات ضعف وقوة المسلمين على كتابة اتفاقات الهدنة والمصالحة ,والتي ينقضها دائما منذ بزوغ اصل المكاتبات والمكائد هؤلاء اليهود, لانهم لايقبلون بالندية في تكبيل اليد, ولا حتى بالندية في مفاهيم وترجمة العهود المكتوبة, فما بالنا بالغير مكتوب والغير مفصل, حتما سيكون عمره اقصر مما نتصور, فان اعلنا عن تهدئة اليوم كما هو مطلوب فعلينا ان نتوقع ترسيخ مفهوم غير الندية, وتوقع خرق بالامس, وليس ادل على عنجهيتهم وعقليتهم الاحتلالية من تسميتهم للدولة لانهم ي
قصدون مالا نفهم, فانهم في اقصى الحالات ينادون بدولة يهودية ليس مقابل دولة اسلامية, وليس بدولة اسرائيلية مقابل دولة فلسطينية, وهذا بحد ذاته ليس المقصود منه حرية تحديد دين الدولة في دستور, بل المقصود منه اقتلاع ماتبقى من شعبنا في حدود ال48 والقصد من ذلك انهم مخادعون.
قصدون مالا نفهم, فانهم في اقصى الحالات ينادون بدولة يهودية ليس مقابل دولة اسلامية, وليس بدولة اسرائيلية مقابل دولة فلسطينية, وهذا بحد ذاته ليس المقصود منه حرية تحديد دين الدولة في دستور, بل المقصود منه اقتلاع ماتبقى من شعبنا في حدود ال48 والقصد من ذلك انهم مخادعون.
اذن التهدئة بمفهوم الاعلان من طرف واحد, يخال للبعض ان الكيان الاسرائيلي سبقنا اليه ويتغنون بذلك الخداع, والطامة الكبرى ان يتغنى معهم بذلك بني جلدتنا من العرب والمسلمون, وعلى البر الثاني من بني جلدتنا ينهون عن التهدئة ولاحل وسط او توافق بين هؤلاء , لان قصد البعض ليس مصلحة فلسطينية واحدة, بل مصالح جلدية مختلفة لاعلاقة لها بماهو خير مطلق لنا ولا شر مطلق لهم, ففي ذلك خداع للذات, لذا اعتقد انه يجب الاصرار على اعلان التهدئة من طرفين وباتفاق, اذا فعلا طبقنا مفهوم حديث”لايلدغ المؤمن من جحر مرتين”, بل وجب كتابة اتفاق التهدئة بتوافق وطني وتوقيع قيادة فلسطينية شرعية موحدة, فتجربة الانسحاب من طرف واحد كانت خديعة دفعنا ثمنها باهظا, وتهدئة على رمال متحركة غير موثقة وغير ملزمة سندفع ثمنها اكثر, والمكسب الوحيد لاستثمار مناخ اي تهدئة هو العمل فورا للاتفاق والتوافق على حكومة توافق او حكومة وحدة وطنية فلسطينية, من اجل مواجهة كل التحديات, واعمار غزة المدمرة بفعل العدوان والارهاب الصهيوني وهذه مسئولية وطنية عليا بل تندرج في اولوياتنا المصيرية, فالمركب يغرق وان استمر حالنا على هذا النحو فسيغرق الجميع الا من رحم ربي.