بقلم: سعيد الشيخ
منذ ان استقلت الكويت واصبحت دولة ذات سيادة في اوائل ستينات القرن الماضي واخذت مؤسساتها في التشكل، كان يلحظ المراقب آنذاك البناء الديمقراطي النسبي والمنفتح تجاه التيارات العربية السائدة في ذلك الوقت. وكل ذلك وسط صحراء عربية منغلقة على ذاتها ولكنها تراكم على نفسها فواتير تبعات استكشافات النفط التي كانت تجري على ايدي خبراء وشركات غربية.
ومن ذلك الحين لم يكن احد يستطيع ان يزاود على الصحافة الكويتية الناشئه بانتمائها العربي وخياراتها القومية. بل وقد ضمّت هذه المؤسسات خيرة واكبر الاسماء العربية في عالم الاعلام تتنافس بكل نزاهة في تبني ودعم القضية الفلسطينية الا في ما ندر من صحف بدأت صفراء ومازالت معلولة بهذا الاصفرار.
ويشهد الفلسطينيون للكويت ولصحافتها خاصة بالكثير من المواقف المشرّفة ابّان حروب التصفية التي تعرضت لها مسيرة المقاومة الفلسطينية على ايدي انظمة عربية اختلفت مع النهج السياسي لمنظمة التحرير..كانت صحافة الكويت حاضرة دائما في الدفاع عن المقاومة، ومنبرا حرا لكثير من كتّاب عرب احرار لا يستطيعون النشر في صحافة بلادهم السائدة بتوجهات حكومية لا ترى من الدنيا الا صورة الرئيس أو الملك الحاكم.
كل هذا انقلب في الكويت وانعكس.. ندرة الاصفرار الذي كان في ذاك الزمان بات هو السائد على حساب صحافة قومية حرة وشريفة.
في الكويت اليوم صحافة تعج بأقلام منتفخة بكل السرطانات والمكروبات، تأخذ من العهر منهجا، ومن الخيانة سبيلا، ومن الفكر الصهيوني دليلا…بل بعض الاقلام اصبحت صهيونية اكثر من الصهاينة انفسهم باستعمالها لنفس المصطلحات والخطابات الصهيونية ضد العرب والفلسطينيين، مما دعا وزارة الخارجية الصهيونية وعبر موقعها على الانترنيت للاعتماد على مقالاتهم في حرب اسرائيل المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني.
اقلام كويتية نكرة لا تنفث الا السموم عبر خطابات منحطة فيها كل الرداءة والاسفاف وبطريقة غير مسبوقة في العمل الصحفي العربي، يذهب اصحابها بشكل تخجل منه حتى عاهرات الشوارع في تسويق وحشية اسرائيل وتشويه الضحية الفلسطينية وهو ما لم تجرأ على فعله الصحافة الاسرائيلية في المواقف الاكثر حساسية وانسانية.
باعتقادي ان ما تقوم به هذه الاقلام المأجورة هو أكثر من نكاية بالفلسطينيين من جراء خطأ ارتكبته منظمة التحرير الفلسطينية في غفلة تاريخية عندما اعلنت تأييدها لدخول الجيش العراقي الى الكويت عام 1990، بل هو عمل ممنهج وهو حصيلة نجاح التغلغل الصهيوني في جسم المؤسسات الكويتية ومنها الصحافة التي تعتبر الآن الجسر المتقدم والاكثر تقدما من السفارات في بعض العواصم العربية واكثر تقدما من المركز التجاري في الدوحة ، حيث سيتم من هناك توجيه الخطاب الصهيوني الى الامة العربية لتخريب الوعي العربي برمته تجاه طبيعة الصراع.
نود ان اعتقادنا هذا ليس في محله.. ولكن هل نكذّب عيوننا ونحن نقرأ مزامير اسرائيل في الصحافة الكويتية؟
كاتب فلسطيني