كشف صحيفة ‘هآرتس’ الجمعة، أنّ إسرائيل وسورية كانتا في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على وشك اعلان بدء المفاوضات المباشرة، وذلك اثر مكالمة هاتفية غير مباشرة مطوّلة جداً استمرت عدة ساعات تمت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت، والرئيس السوري بشّار الأسد. وقالت الصحيفة ان رئيس الوزراء التركي، رجب طيّب أردوغان، اشرف على المكالمة إلا أنّ التفاهمات التي تمّ التوصل إليها بين أولمرت والأسد تمّ تجميدها بعد عدة أيام، بسبب بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة في السابع والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي. ونقلت صحيفة ‘هآرتس’ عن مصادر تركية رفيعة قولها، إنّ البيان المشترك الذي تمّ التوصل إليه بين الرئيسين خلال المكالمة الهاتفية يشمل تعهداً إسرائيلياً بالانسحاب من هضبة الجولان مقابل سلام دائم وكامل وترتيبات أمنية بين الدولتين، كما أكدت المصادر التركية.
ولفتت المصادر إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت قام في الثاني والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي بزيارة رسمية إلى أنقرة وعندما وصل إلى المقر الرسمي لرئيس الوزراء التركي أردوغان، اقترح عليه أردوغان أن يتكلم هاتفياً مع الرئيس السوري الأسد بهدف التوصل إلى بيان مشترك عن بدء المفاوضات المباشرة بين الدولة العبرية وسورية، ولفتت المصادر إلى أنّه حتى تلك اللحظة، كانت المفاوضات بين تل أبيب ودمشق تجري بصورة غير مباشرة بوساطة تركية.
وزادت المصادر ذاتها قائلة إنّ أردوغان ذهب إلى غرفة أخرى واتصل هاتفياً بالرئيس الأسد، وسأله فيما إذا كان على استعداد لإجراء مكالمة هاتفية غير مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بواسطته. وأكدت المصادر أنّ الرئيس الأسد وافق على الاقتراح التركي، وعندها بدأ الأطراف بصياغة البيان المشترك.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية أيضاً، نقلاً عن المصادر نفسها، إنّ المساعد الشخصي لرئيس الوزراء التركي كان يخرج من غرفة أردوغان ويتجه إلى غرفة أولمرت ويطلعه على تفاصيل المحادثة الهاتفية بين الأسد وأردوغان، وأولمرت من ناحيته كان بيدي الملاحظات ويعبّر عن رأيه، وقام رئيس الوزراء التركي بتزويد الأسد بملاحظات أولمرت، فيما أبلغ أولمرت بالأجوبة السورية على ملاحظاته، على حد تعبير المصادر التركية الرفيعة. ووفق نفس المصادر فإنّ المكالمة الهاتفية استمرت على مدار أربع ساعات، حتى بعد منتصف الليل، عندها أبلغ أولمرت أردوغان أنّه مضطر للعودة إلى تل أبيب، فيما واصل رئيس الوزراء التركي المحادثة مع الأسد وأكد لاولمرت أنّه سيقوم بإطلاعه صباح اليوم التالي على التفاصيل الجديدة التي استمع إليها من الأسد.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن المصادر التركية قولها إنّ صياغة البيان المشترك النهائي، السوري الإسرائيلي كانت قريبة جداً من النهاية، وكان ينقصه فقط بعض الكلمات لصياغته نهائياً. وتابعت المصادر أنّه بعد الإعلان عن البيان المشترك، كان من المقرر الإعلان عن بدء المفاوضات المباشرة بين الدولتين وإجراء اللقاءات المباشرة وجهاً لوجه بين الوفدين المفاوضين. ولكنّ المصادر التركية أكدت أنّه بعد مرور عدة أيام على المكالمة الهاتفية بدأت إسرائيل بحملتها العسكرية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة المعروفة باسم عملية الرصاص المسبوك، الأمر الذي أغضب رئيس الوزراء التركي، الذي شعر أنّ أولمرت غدر به.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي تركي رفيع المستوى قوله إنّ المكالمة الهاتفية استمرت حوالى خمس ساعات، وجلس أردوغان وأولمرت وأجريا حواراً مع السوريين، وكان بادياً للجميع أننّا أمام انطلاقة تاريخية في العلاقات الإسرائيلية السورية، ولم يخطر على بال أحد، أن يقوم أولمرت بالتصرف كما تصرف من وراء ظهر أردوغان، بحيث أنّه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد الى ان إسرائيل ستقوم بشن عملية عسكرية ضد غزة.
وساقت المصادر عينها قائلة إنّ أردوغان وخلال اللقاء الذي جمعه بأولمرت عبّر عن استعداده الكامل للعب دور الوسيط بين الدولة العبرية وبين منظمة حماس على خلفية مواصلة إطلاق النار في الجنوب، ولكنّ أولمرت تهرّب من الاقتراح التركي، وعندها، أضافت المصادر التركية، فهمنا أنّ إسرائيل تريد الرد على إطلاق حركة حماس صواريخ باتجاه جنوب الدولة العبرية، إلا أنّ صنّاع القرار في أنقرة لم يتوقعوا أن تقوم إسرائيل بالرد بالشكل الذي ردت فيه خلال الحملة العسكرية، والذي وصفه الأتراك بأنّه كان رداً مخيفاً جداً. ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنّ ما فعله أولمرت يُذّكر كثيراً بما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بالنسبة للمفاعل النووي العراقي، عندما وعده بعدم توجيه الضربة للمفاعل وبعد عدة أيام قام الطيران الحربي الإسرائيلي بقصفه، عندها شعر السادات، كما أردوغان، بأنّ الإسرائيليين غدروا به. ونقلت الصحيفة عن أحد المساعدين المقربين لرئيس الوزراء التركي قوله بعد بدء العملي
ة العسكرية الإسرائيلية ضد غزة إنّ أولمرت قام بطعني بالسكين في ظهري، وعليه أن يدفع الثمن، لأنّ تركيا اتهمت بأنّها كانت على علم بالهجوم الإسرائيلي على غزة مسبقاً وتعاونت مع إسرائيل.
ة العسكرية الإسرائيلية ضد غزة إنّ أولمرت قام بطعني بالسكين في ظهري، وعليه أن يدفع الثمن، لأنّ تركيا اتهمت بأنّها كانت على علم بالهجوم الإسرائيلي على غزة مسبقاً وتعاونت مع إسرائيل.
وبعد ذلك، قام أردوغان بالتعبير عن غضبه في سلسلة التصريحات التي أدلى بها ضد إسرائيل، وبعد ذلك تركه المنصة في مؤتمر دافوس. ونقلت الصحيفة عن أحد المساعدين الأتراك قوله إنّ مغادرة أردوغان المنصة في دافوس كان مخططاً لها ولم تكن عفوية، لأنّ تركيا كانت تنتظر الفرصة المواتية لإعادة الاعتبار لنفسها.