كشفت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة والصراع في غزة عن حجم التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في القفز بالجهود لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فقد أظهرت الانتخابات الإسرائيلية ميلاً شعبياً نحو اليمين، ما يعني أن أي حكومة إسرائيلية مقبلة ، بصرف النظر عمن سيشكلها، ستكون أقل انخراطاً في عملية السلام من الحكومة الحالية التي يرأسها، إيهود أولمرت، وبالتالي فإن حل الدولتين سيكون بعيداً خلال الشهور المقبلة.
وعلى الجانب الآخر، فقد أدت “حرب غزة” إلى تعزيز موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس، في قطاع غزة، بوصفها القوة السياسية المهيمنة هناك.
وهكذا يتضح أنه لا يوجد الكثير من التفاؤل في الأجواء فيما يخض عملية السلام، وبالتالي فإن أهمية التوصل إلى حل للصراع أصبحت أكثر ضرورة من أي وقت مضى.
وفي الأثناء، فإن الوضع الأمني يشهد تراجعاً حاداً، وسيواصل تراجعه خلال الشهور المقبلة.
ونتيجة للمفاوضات العقيمة التي جرت بين الفلسطينيين والإسرائيليين طوال العام الماضي بين أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس حركة فتح، محمود عباس، فإن شريحة كبيرة من أنصار حركة فتح، يحثون الحركة على وقف استراتيجية التفاوض التي يعتمد عليها عباس.
وذهب هؤلاء إلى أبعد من ذلك، إذ صاروا يطالبون بالعودة إلى المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، التي تشهد تزايداً في المظاهر الاستيطانية والحواجز العسكرية الإسرائيلية ومصادرة الأراضي، واستمرار بناء الجدار العازل.
ويرى قادة فتح أن الانتخابات الإسرائيلية أفرزت ما كانوا يعرفونه بالفعل، أي عدم جدوى الاستمرار في المفاوضات مع إسرائيل، والتي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً أنها لم تثمر مع أولمرت، وستكون أكثر صعوبة مع خليفته، أياً يكن.
ومن منظور الفلسطينيين، فإن السنوات الثماني الماضية بانتظار المفاوضات مع إسرائيل تركت محمود عباس خالي الوفاض، وجردته من أمور كثيرة، في حين أن الصراع الأخير في غزة، أكسب حركة حماس موقفاً أكثر قوة من أي وقت مضى.
ورغم العنف الذي تمارسه حماس ضد حركة فتح وأنصارها في غزة، إلا أن الكثيرين من أنصار ومؤيدي فتح أخذوا يتجهون أكثر نحو المواجهات المباشرة مع القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ولا شك أن تزامن هذا التحرك مع انتخاب حكومة يمينية إسرائيلية، يبدو أن أركانها قد يكونوا “صقوراً”، يعني أن الشرق الأوسط يتوجه سريعاً نحو “صيف أكثر سخونة.”
وذهب البعض إلى طرح فكرة العودة إلى فكرة “الانتفاضة” في مواجهة الجمود الذي يلازم المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
ومؤخراً، بدأت التظاهرات الفلسطينية السلمية المناهضة للجدار العازل في قرى بلعين ونعلين تتخذ طابعاً أكثر حدة، إلى جانب أنها تحظى بتغطية صحفية وتلفزيونية لا بأس بها.