شنت صحيفة “الجمهورية” المصرية الحكومية هجوما حادا على دولة قطر واتهمتها بالتآمر على مصر من خلال محاولتها الدائمة للقفز على دورها الإقليمي والتقليل من شأنه بسعيها الدائم للتشكيك في نزاهة دور الوسيط الذي تلعبه القاهرة بين الفصائل الفلسطينية. وقال رئيس تحرير الصحيفة الكاتب الصحفي محمد علي إبراهيم في مقال له بعدد الصحيفة الصادر الخميس: “إن قطر نجحت في إرسال رسالة إلي الرأي العام بالمنطقة العربية مفادها أن كل الذين ينادون بعملية السلام جبناء.. وانهم وحدهم “القطريون” الشجعان ومعهم طبعاً سوريا وإيران.. فالشجاعة في نظرهم أن نقف مع الشارع الغاضب الذي ينادي بالحرب”.
اضاف: “قطر لا تملك مقومات الدولة المحاربة.. لكنها تملك المال.. والمال تغدقه علي فصائل المقاومة كحماس وحزب الله.. هذا المنطق في الانفاق لا يجعل قطر دولة. وإنما يجعلها بنكاً.. والبنوك لا تلعب أدواراً سياسية.. لكن الدوحة أرادت أن يكون لها هذا الدور”.
وتابع: “إن قطر تتعامل مع نفسها علي اعتبار أنها دولة عظمي طالما تطبق دبلوماسية الشيكات والحقائب المليئة بالنقود، مشيرا إلى أن الدول لا تأخذ مكانتها بنقودها، ومؤكدا ان دولة قطر التي يتكون جيشها من باكستان والبنغال، ويحميها الأمريكان وأميرها انقلب علي والده بأوامر واشنطن ورئيس وزرائها أكبر كذاب في التاريخ، لا يمكن أن تكون منافساً لمصر.
وقال: “الدوحة يحتلها الأمريكان برضائها.. قاعدتهم العسكرية فيها لو انطلقت منها صواريخ لضرب عاصمة عربية أو أقلعت طائرات مقاتلة لمهاجمة دولة أخري لما استطاعت الدوحة عصيان الأمر.. من ثم فإن التشدد الذي تلجأ إليه والممانعة التي تحاول الانتماء إليها لن يغنيا عنها في شيء”.
تآمر الدوحة علي القاهرة
واتهم رئيس تحرير “الجمهورية”، الدوحة بالتآمر على القاهرة، وقال قطر سعت إلي عقد مؤتمر الدوحة الطاريء لتكيد لمصر وتستصدر قراراً من الدول العربية التي ستحضره بأن المبادرة المصرية غير ملزمة للعرب..
ليس هذا فقط ولكنها هددت بتجميد مبادرة السلام العربية وقطع العلاقات مع إسرائيل.. التهديد كان تآمراً صريحاً ضد القاهرة.. وكانت مشكلتهم هي اكتمال النصاب القانوني وأرسلوا حقائب أموال إلي جيبوتي والصومال وجزر القمر ليحضروا ويكتمل النصاب.
ورغم موافقتهم إلا أن النصاب لم يتحقق.. اتصلوا برئيس وزراء المغرب في أوروبا وقالوا له إننا نريد أن تكون المغرب الدولة السادسة عشرة.
وكذب حمد بن جاسم في هذا الاتصال الهاتفي لأن النصاب كان 14 فقط فوافق المسئول المغربي لكنه عرف الحقيقة فامتنع..
وقالوا نفس الكلام للشيخ خليفة بن زايد رئيس الإمارات مؤكدين أن لديهم 15 دولة ويريدون أن تكون الإمارات الدولة السادسة عشرة. . وافق الرجل ثم عندما اكتشف التوريط اعتذر..
وتابع ابراهيم: لقد سقت هذه التفاصيل لأدلل علي أن قطر لا تتنافس مع مصر. ولكنها تتآمر عليها.. ونفس ما حدث في مشروع قرار مجلس الأمن. حدث في مؤتمر الدوحة الذي انعقد بعيداً عن مظلة الجامعة العربية.. وحدث كذلك في محاولة سرقة مؤتمر إعمار غزة والتآمر علي إفساده..
وقال ابراهيم إن رئيس الوزراء القطري ووزير خارجيتها حمد بن جاسم يتصرف كرجل متآمر وليس كمسئول في دولة يفترض أن لها ثوابت وأعرافاً.
فقد تصور الشيخ حمد أن مسارعته بعرض فدية لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط “والذي يحمل الجنسية الفرنسية” ودفعهم أموالاً ضخمة لإطلاق سراح الممرضات البلغاريات بناءً علي طلب الرئيس ساركوزي وفرنسا.. ودفعهم أموالاً للفرقاء اللبنانيين لإصلاح ذات البين بينهم ومساعدتهم علي اختيار الرئيس..
كما تصور المسئول القطري الضخم الجثة والعقل أن هذا سيشفع له عند الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لينتقد مصر في الإليزيه ويهاجم مؤتمر الاعمار الذي تنوي عقده لكن ساركوزي أوقفه عند حده وطلب منه عدم انتقاد مصر أو أي شيء يمسها في حضوره أو علي أرض فرنسية.
وختم ابراهيم مقاله بالقول: هذه مصر الدولة.. وهؤلاء أشقاؤها الصغار الذين لا يقوون علي التفكير في شيء ويخصصون وقتهم للتآمر وإلقاء الأحجار والطوب علي كل من لا يأتمر بأوامر إيران”.
قطر أصبحت محورا للحرب الباردة
كانت صحيفة “بوسطن هيرالد” الأمريكية ذكرت في عدد سابق لها إن قطر أصبحت محورا لما وصفته بـ “الحرب الباردة” في العالم العربي، بسبب علاقاتها المتشعبة بالولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، وفي نفس الوقت تلقى انتقادات لمحافظتها على روابط قوية مع إيران وحماس و”خصوم الغرب” في المنطقة.
وقالت الصحيفة إن قطر قامت مؤخرا باستضافة مؤتمر عن غزة حضره الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وأصبحت منبرا لانتقاد الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، ثم اجتمع القادة القطريين بعد ثلاثة أيام فقط في الكويت مع الملك عبد الله ملك السعودية، متحدثين عن الوحدة مع أكبر حلفاء واشنطن في العالم العربي.
اضافت: “الأمر يبدو إلى حد ما شبيها بالحرب الباردة في الشرق الأوسط الآن، فهناك جانب يقف بشكل ثابت مع الولايات المتحدة، و(الرئيس الفلسطيني محمود) عباس، والآخرون يدعمون حماس، وبالتالي يُنظر إليهم باعتبارهم يتحركون باتجاه إيران”.
وتابعت: “وكما هو الحال في الحرب الباردة، لا يرغب أحد في الضغط بقوة لأن المخاطر كبيرة للغاية.
وذكرت إن هذا ظهر واضحا في قمة الكويت عندما صمت رئيس الوزراء القطري أمام قيام الرئيس المصري حسني مبارك بانتقاد القيادات العربية التي لها علاقات مع إيران.
وأشار تحليل الصحيفة إلى أن قطر لديها مكاتب تجارية إسرائيلية، كما أن لديها علاقة خاصة مع الولايات المتحدة وتستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة.
ولفتت كذلك إلى ان نجاح قطر في الوساطة بين الفرقاء اللبنانيين في 2008، وعرضها استضافة وساطة لإنهاء الصراع في إقليم دارفور السوداني.
لكن قطر، بحسب الصحيفة، تتجه نحو لعب دور أكبر “وربما أكثر خطورة” باستضافتها ممثلين عن إيران وحماس وغيرهم من “خصوم الغرب” على حد تعبير الصحيفة.