د/إبراهيم أبراش
حادا وأحيانا استفزازيا كان النقاش بين أنصار ومعارضي منظمة التحرير الفلسطينية بعد تصريحات السيد خالد مشعل في الدوحة بشان تشكيل مرجعية جديدة لفصائل المقاومة،وحتى داخل حركة حماس ظهرت تباينات فهناك من تحدث عن قيام بديل لمنظمة التحرير التي تعتبر في نظرهم قد ماتت أو موجودة كأطلال تُذكر بماض كان ،وهناك من فسر قول السيد خالد مشعل بأنه يقصد إعادة تفعيل منظمة التحرير بالعودة لبرنامجها الأصلي وهذا ما ذهب إليه السيد محمود الزهار.
بغض النظر عن جدل اللحظة فإن مسالة تفعيل وإعادة بناء المنظمة لتستوعب القوى الفلسطينية غير المنضوية بها ولتستوعب المستجدات الوطنية والمحلية والدولية وللنظر في برنامجها السياسي،كان محل نقاش منذ عقدين من الزمن عند ظهور حركتي حماس والجهاد.أولى جولات الحوار في السودان بداية التسعينات كانت منصبة حول المحاصصة على مؤسسات المنظمة وحول البرنامج السياسي وإن كانت المحاصصة أخذت الجزء الأكبر من الاهتمام،وتعمق النقاش وأصبحت مسألة تمثيلية المنظمة للشعب الفلسطيني وموقع حركة حماس في النظام السياسي مطروحة بحدة بعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية في يناير 2006 .صحيح أن فوز حركة حماس بهذه الانتخابات التشريعية لا يمنحها الحق بإدعاء تمثيل كل الشعب الفلسطيني لأنها لم تكن انتخابات حول مَن يمثل الشعب الفلسطيني؟ بل كانت انتخابات خاصة باختيار أعضاء للمجلس التشريعي من فلسطينيي الضفة وغزة،إلا أنها كشفت عن توازنات جديدة للقوى في الساحة الفلسطينية وكشفت مأزق فصائل منظمة التحرير وخصوصا حركة فتح العمود الفقري للمنظمة.
بالرجوع إلى ملابسات تأسيس المنظمة والأسباب التي صيرتها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني سنجد أن عدة أسباب أو شروط كانت وراء ذلك،فبالرغم من التباس الموقف العربي بالنسبة لدوافع تأسيس المنظمة بقرار قمة عربية حيث ذهب البعض للقول بان دافع الأنظمة العربية، وخصوصا مصر بقيادة جمال عبد الناصر، كان التخلص من عبء القضية الفلسطينية وتحميلهم مسؤولية صراع يسبب للأنظمة إحراجا ويكشف عجزهم المتواصل عن فعل شيء،بالرغم من ذلك فإن ظهور المنظمة شكل منعطفا مصيرا في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني للأسباب التالية:-
إنها عبرت عن الهوية الوطنية الفلسطينية التي كانت معرضة للتبديد، و أخرجت الشعب الفلسطيني من حالة اللجوء والوصاية واليأس والإحباط وجعلت القضية الفلسطينية قضية شعب يناضل من اجل الحرية والاستقلال؟.
ممارستها الكفاح المسلح قي مواجهة العدو،فصفتها التمثيلية للشعب واعتراف العالم بها استمدا من حضورها كحركة تحرر وطني وانطلاقا من حق الشعوب بتقرير مصيرها الوطني.كان العمل الفدائي داخل الكيان الصهيوني أو عبر الحدود الأردنية واللبنانية أو خارج فلسطين هو ما جعل الشعب الفلسطيني يلتف حول فصائل المقاومة وخصوصا حركة فتح وبالتالي حول المنظمة عندما سيطرت هذه الفصائل على المنظمة عام 1968،وكان عام 1974 عام الاعتراف بها ممثلا شرعيا ووحيدا هو عام ظهور إستراتيجية جديدة توفق ما بين المقاومة والنضال السياسي والدبلوماسي.
كانت قوة المنظمة مستمدة بالإضافة إلى ذلك من حفاظها على استقلالية القرار الوطني قي مواجهة كل التحديات الخارجية.ما كانت المنظمة تستحق صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب لو لم تكن تملك قرارا مستقلا بالرغم من التحديات والمعارك التي خاضتها المنظمة للحفاظ على استقلالية هذا القرار والمزالق الناتجة عن التفسير السيئ والممارسة الخاطئة أحيانا لاستقلالية القرار.
كونها إطارا جامعا للكل الفلسطيني مفتوحا للفلسطينيين جميعا أفرادا وجماعات بغض النظر عن الأيديولوجيات،ففيها تعايشت مختلف الأطياف السياسية،يسارية وقومية وعلمانية وإسلامية ووطنية،مسلمون ومسيحيون ويهود،هذا الانفتاح هو الذي مكنها من كسب تأييد شعوب العالم بدون حساسيات أيديولوجية .
إذن منظمة التحرير التي نتحدث وندافع عنها هي المنظمة الملتزمة بالشروط المشار إليها أو التي لم تفقد الإمكانية لتصحيح نفسها لتكون كذلك،منظمة تحرير تحمل وتحمي المشروع الوطني التحرري الذي لم يُنجز بعد،وبالتالي فإن الحق بقيادة منظمة التحرير ليس حكرا على أحد،لا أشخاص ولا أحزاب بل ملكا لمن يستطيع أن يكون أمينا لما مثلته المنظمة ولمن يقدر أن يحمل ويحمي هذا المشروع،كما أن مجرد الانتماء للمنظمة أو تبوء مواقع قيادية في ظروف تاريخية سابقة لا يمنح شرعية لأحد.إن أي حزب أو قائد أو حكومة لا يمكنه الزعم بالشرعية لمجرد عمله تحت مظلة المنظمة فالتاريخ لا يمنح شرعية لأحد، بل الشرعية تُستمد من الالتزام بروح المنظمة وبرنامجها التحرري بكل مضامينه.
قبل أن تفتح حركة حماس ومن يواليها النار على منظمة التحرير وت
قول بأنها منظمة متهرئة وعاجزة وفاشلة الخ كان الواقع يقول ذلك بشكل ما، حيث غابت أو غُيبت المنظمة في السنوات الأخيرة عن مركز اتخاذ القرار ليس بسبب حركة حماس – بالرغم من أن وجودها أصلا كان يمثل بديلا كامنا للمنظمة- ،ولكن لأسباب أخرى بعضها خارجي وبعضها داخلي .الأسباب الخارجية تكمن بالمحاولات الصهيونية المتواصلة لتدمير المنظمة وإفشال مساعيها التحررية سواء العسكرية أو الدبلوماسية،وقد خاضت إسرائيل معارك شرسة عسكرية ودبلوماسية لتدمير المنظمة لان المشروع التحرري للمنظمة نقيض للوجود الصهيوني وحتى مع دخول المنظمة معترك مسلسل التسوية فقد عملت إسرائيل على إفشال مشروع السلام الفلسطيني سواء من خلال إعاقة العملية السلمية أو من خلال إفساد السلطة و القائمين عليها من مفاوضين وسياسيين.أما الخلل الداخلي فتمثل بتاريخ طويل من الممارسات الخاطئة التي لم تجد محاسبة من احد وعدم قدرة المنظمة على تفعيل ذاتها حتى على ادني المستويات كتفعيل الاتحادات الشعبية ،ثم عندما انقلبت السلطة التي أسستها المنظمة عليها وخصوصا في السنوات الأخيرة،وبسبب خضوع متواصل لمسئولين في المنظمة للابتزاز الصهيوني تحت شعار استحقاقات التسوية والسلام والمفاوضات،بالإضافة إلى أن فصائل المنظمة- المنظمة تحالف عدة فصائل- اشتق كلها منها طريقا مستقلا سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو العلاقات الخارجية حتى بات القول بأنها فصائل منظمة التحرير قولا لا يعني شيئا،والاهم من ذلك حالة الإنفلاش في حركة فتح العمود الفقري للمنظمة،فلا يمكن استنهاض المنظمة بدون استنهاض حركة فتح ومن يعجز عن عقد مؤتمر لحركة فتح فكيف سيعقد مؤتمرا للمجلس الوطني الفلسطيني؟ ومن يعجز عن توحيد حركة فتح فكيف سيوحد الشعب الفلسطيني؟.
قول بأنها منظمة متهرئة وعاجزة وفاشلة الخ كان الواقع يقول ذلك بشكل ما، حيث غابت أو غُيبت المنظمة في السنوات الأخيرة عن مركز اتخاذ القرار ليس بسبب حركة حماس – بالرغم من أن وجودها أصلا كان يمثل بديلا كامنا للمنظمة- ،ولكن لأسباب أخرى بعضها خارجي وبعضها داخلي .الأسباب الخارجية تكمن بالمحاولات الصهيونية المتواصلة لتدمير المنظمة وإفشال مساعيها التحررية سواء العسكرية أو الدبلوماسية،وقد خاضت إسرائيل معارك شرسة عسكرية ودبلوماسية لتدمير المنظمة لان المشروع التحرري للمنظمة نقيض للوجود الصهيوني وحتى مع دخول المنظمة معترك مسلسل التسوية فقد عملت إسرائيل على إفشال مشروع السلام الفلسطيني سواء من خلال إعاقة العملية السلمية أو من خلال إفساد السلطة و القائمين عليها من مفاوضين وسياسيين.أما الخلل الداخلي فتمثل بتاريخ طويل من الممارسات الخاطئة التي لم تجد محاسبة من احد وعدم قدرة المنظمة على تفعيل ذاتها حتى على ادني المستويات كتفعيل الاتحادات الشعبية ،ثم عندما انقلبت السلطة التي أسستها المنظمة عليها وخصوصا في السنوات الأخيرة،وبسبب خضوع متواصل لمسئولين في المنظمة للابتزاز الصهيوني تحت شعار استحقاقات التسوية والسلام والمفاوضات،بالإضافة إلى أن فصائل المنظمة- المنظمة تحالف عدة فصائل- اشتق كلها منها طريقا مستقلا سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو العلاقات الخارجية حتى بات القول بأنها فصائل منظمة التحرير قولا لا يعني شيئا،والاهم من ذلك حالة الإنفلاش في حركة فتح العمود الفقري للمنظمة،فلا يمكن استنهاض المنظمة بدون استنهاض حركة فتح ومن يعجز عن عقد مؤتمر لحركة فتح فكيف سيعقد مؤتمرا للمجلس الوطني الفلسطيني؟ ومن يعجز عن توحيد حركة فتح فكيف سيوحد الشعب الفلسطيني؟.
لكل ما سبق يمكن القول بان طرح موضوع المنظمة للنقاش مبرر ومشروع والدعوة لتفعيلها وإعادة بنائها أمر مشروع حتى الحديث عن قيادة جديدة للمنظمة أيضا أمر مشروع ومبرر،وفي هذا السياق يصبح من حق حركة حماس أو غيرها التطلع لقيادة المنظمة وبالتالي قيادة الشعب الفلسطيني، إلا أن ما يؤخذ على حركة حماس هو أنها منذ تأسيسها لم تكن جادة بان تكون جزءا من منظمة التحرير ومن المشروع الوطني بل كانت تتطلع لتكون بديلا وبالتالي كانت مواقفها وممارساتها معارضة بل معيقة لجهود المنظمة لتفعيل ذاتها أو التقدم نحو تحديث وتطوير النظام السياسي،أيضا يؤخذ على حركة حماس أنها تتحدث عن بديل للمنظمة وليس تفعيلها مما يعزز حالة الانقسام والقطيعة وخصوصا قي ظل وجود (كيانين) سياسيين منفصلين في الضفة وغزة،كما أن عدم وضوح البعد الوطني عند الحركة وتركيزها على الايدولوجيا الإسلامية وارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين يؤسس لحالة من القلق والخوف عند الوطنيين الفلسطينيين من فصائل منظمة التحرير وحتى بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي،ويطرح تساؤلا حول قدرة حركة حماس على التعايش مع والقبول بحركات وتيارات وطنية و ليبرالية وبسارية وعلمانية تختلف أيديولوجيا مع حركة حماس،أيضا فإن طرح موضوع القيادة الجديدة للشعب أو تفعيل المنظمة خارج إطار الحوار والمصالحة الوطنية لن يساعد على تفعيل المنظمة بل يؤشر لتأسيس قيادة موازية مرتبطة بمرجعية خارجية مما يُغيب استقلالية القرار الوطني.
نخلص للقول،إن كان يصح القول بأن واقع منظمة التحرير الفلسطينية لا يطمئن بأنها قادرة على قيادة الشعب في هذه الظروف الصعبة سواء على مسار السلام أو مسار المقاومة،ويصح القول بأن قيادة الشعب والمنظمة ليسا حكرا على احد، إلا أنه يجب التأكيد بأن هذه القيادة لا تصح إلا تحت راية الوطنية الفلسطينية وفي إطار المشروع الوطني الفلسطيني المتصالح مع الأبعاد القومية والإسلامية للشعب الفلسطيني والمنفتح على العالم الخارجي وليس الملحق بأي منهم،ونعتقد أن الحالة الراهنة تتطلب قيادة جماعية للشعب الفلسطيني يكون على رأسها من تمنحه انتخابات تشريعية قصب السبق.
10/02/2009