بقلم : رداد السلامي
يظن البعض أن صحيفته هي الفريدة من نوعها التي تخفظ من تشاء ، وترفع من تشاء وتعز من تشاء، وتذل من تشاء..!! وما ظنوا أن أقلامنا يمكن أن تكون روافع وخوافظ في زمن لم تعد فيه سوى الكلمة أداة الرفع والخفظ .
يستثمر بعض رؤساء التحرير غباء أحزابهم لتدعمهم بقوة، وأيضا تجارها ، كما يحضون بدعم قيادات عسكرية ضاربة النفوذ والتأثير في البلاد ، ضانين إننا كصحافيين بلا وظيفة يمكن أن نكون أداة طيعة تتكيف مع أسقام الوباء الذي ادخل البلاد في حالة” تيه سياسي” ومعرفي يحدد للناس مكامن الخلل ، وبؤر الأزمات ومصانعها ، بل وحتى مناجمها الذكية الثرية بكل أزمة جديدة هي أعفن من سابقاتها.
ليس هناك ما يغري بالبوح، سوى أن البوح أداة نضال في ظل وجود ما يعيق النضال، ويضاءل من تواجده ، فإذا كان هؤلاء رؤساء التحرير يستخدمون الكبت أداة لسحق أي قلم أو صحفي حر شفاف ، نقطة ضعفه تتمثل في قلة ذات اليد وغياب الدخل ، فإن الصبر يعد ترياق هذا الضعف، و يضاعف من عملية التحدي والتصلب إزاء الجواذب التي تدخل القلم متاهة التلميع و”المكيجة” ، أو سوق البيع والشراء ، على حساب وطن لم يعد قادرا على الولوج أكثر ، عمق المتاهة.وقلب الفوضى .
في اليمن وحدها يتربع على منابر الكلمة أشخاص يجمعون متناقضات الوباء:” الأدلجة المتطرفة والنفعية الانتهازية “ وعلى أساس ذلك الوجود، فإنهم طالما حرفوا مسار الحقائق وألبسوها البهتان ، فيما جعلوا الزيف حقيقة ، ترتدي أثوابها القشيبة بأناقة مغرية .
ليس هناك بريء مما يحدث ، بل هناك ألف مجرم في عمق كل حزب ، شارك في تدمير أسس نهضة البلاد وتحولاتها الأنيقة المحلوم بها شعبيا ، ومن موقع وجوده حرف المسارات ، وساوم السلطة ، وأرخى إرادة حزبه ، وهؤلاء يتربعون مواقعا حساسة في أحزابهم ، عللهم كثيرة ، مناطقية ومذهبية ومصلحية انتهازية ، وغباء أيدلوجي غير مدرك لحقائق الصراع ، وغيرها ، ولو استطعنا كصحافيين وكتاب أن نستغل هذا الهامش المتاح أيضا في عملية تهذيب أفكارهم وصياغة عقولهم الخربة من جديد لتكون مرسومة وفق قيم وأجندات وطنية جامعة ومناعة من السقوط في الإطارات الضيقة والتمذهبات القاتلة والساحقة للنهوض ، لكنا قدمنا شيئا جديرا بالاهتمام ، ومهما كان الثمن باهظا بسبب ذلك ، لكن المردود على الوعي سيكون إيجابيا ، وهل هناك أفضل من قيم وطنية مهمومة بالكل وليس بمنطقة جغرافية وجماعة مذهبية أو طبقة معينة ..؟؟
بكل قوة أستطيع أن أقول أن معظم صحافتنا يمتلكها ذوي نفوذ ، فيما الصحفي الحقيقي لا يستطيع أن يخرج تصريح بصحيفة ، إلا بشق الأنفس وبعد لأي طويل ، ومتابعة ، وخسارة وترضيات مضنية يعتكر فيها المزاج ويزداد الملل، ولاحظوا معي كيف أن القضايا الحقيقية غائبة فيها ، ومضمونها ليس سوى كيد وكيد آخر ، وأتحدى أي صحيفة أن تكتب عن شخصية قبلية تقليدية أو عسكرية فاسدة أو أمنية تخريبية ، إن ذاك خطا احمرا يثير الخوف والجزع ..؟؟!!
*صحـافي يمني