عراق المطيري
( الحلقة الأولى )
في العراق شعب سمته الأساسية انه عربي رغم تعدد قومياته وتعايشها بشكل سلمي ومتآخي وهذه السمة تعطيه تميزا خاصا منبعه تاريخه المديد كواحد من أقدم شعوب الأرض ساهم الى حد بعيد في بناء الحضارة الإنسانية وكغيره من شعوب المنطقة عانى لفترة طويلة من سطوة الاحتلال والعدوان الغربي وتحت مختلف المسميات دفعت به الى الخلف قرون بعيدة قاسية استطاع بعدها ان ينهض ويتعافى ويعتلي ناصية متقدمة منحته دورا رياديا من خلال مشروع قومي عربي نهضوي طرحه توضحت معالمه بشكل جلي في النصف الثاني من القرن الماضي بعد ان وضع منطلق النظرية على المحك وخلص بعد صراع طويل الى قيادات وطنية دفعت به خطوات الى مصاف الدول المتقدمة شملت كل جوانب الحياة اليومية للمواطن العراقي وامتد تأثيرها الى الوطن العربي كله وتركز في الإسهام المباشر والفعال في قضية العرب المركزية فلسطين الحبيبة تلبية لمتطلبات المشروع القومي الذي طرحه.
هذه النظرة القومية التي تمسكت بها قيادته جعلته حجر عثرة أمام تنفيذ مشاريع تتقاطع كليا معها منها إقليمية كالمشروع الفارسي الذي يتستر بالدين الإسلامي وعالمية كالمشروع الصهيوني الذي ترعاه الامبريالية العالمية والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا بعد انهيار المعسكر الشرقي الذي كان يدعمه القطب العالمي الثاني آنذاك الاتحاد السوفيتي السابق , فكان لابد من إزالة حجر العثرة هذا مع ملاحظة الخصوصيات التي يتمتع بها المجتمع العراقي وروح المبادرة والقيادة والتضحية والتخلي عن الذات والأنانية والقطرية التي تجعله في المقدمة دائما , فتحالفت مجموعة القوى المحلية والإقليمية مع المعسكر الغربي للقضاء على هذا المشروع فتحركت اذرع العمالة المحلية التي كانت تمثلها وفي المقدمة منها العصابات الكردية بقيادة مصطفى البرزاني فكانت أول المصدات التي حاولت تنفيذ عملية الإجهاض وبتكاتف المجتمع العراقي والتفاف قواه الوطنية حول قيادته ضاعت فرصتهم في الفتنة المحلية وفشلت في تمرير مشروعها لأكثر من مرة وكان بيان 11 آذار 1971 باكورة إنهاء الاقتتال العراقي الداخلي .
وبعد ان تأكد الجميع ان القيادة الوطنية العراقية اكبر وأقوى من ان تهزها عصابة تتمركز وتتخندق في هذه المدينة أو تلك وبالإضافة الى قدرتها على المشاركة الفاعلة في المعارك القومية من خلال اشتراك القطر في حسم نتائج حرب تشرين 1973 مثلا لصالح العرب وتغيير أهدافها من حرب تحريك كما إرادتها القيادات التي قررتها آنذاك الى حرب تحرير وتغيير نتائجها وما رافق ذلك من العمل على استخدام كل الإمكانيات العربية ومنها الاقتصادية كأحد أسلحة المعركة , بدأت صفحة أخرى جديدة حيث تحركت القوى الإقليمية التي كان النظام الفارسي يقف في مقدمتها , وأيضا مرة أخرى استطاعت قيادة العراق الوطنية إفشال حالة التصادم التي سعت إليها قوى المعسكر المعادي من خلال اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975 الأمر الذي دفع الامبريالية الغربية الى إسقاط نظام شاه إيران عقوبة له على توقيع تلك الاتفاقية وتغيير أساليب اللعبة فسعوا الى المناورة بسلاح الدين والطائفة خصوصا بعد ان اثبت تأثيره في إيران لإسقاط ثورة مصدق والاستفادة من تجربتها ليلعب دورا مهما على جبهتين … الأولى ساهمت في الحد من نفوذ الاتحاد السوفيتي في أواسط آسيا ساهمت مع أسباب أخرى في انهياره ومن ثم زوال خطر الكتلة الشرقية في الموازنة العسكرية العالمية فيما بعد والثانية باتجاه المنطقة العربية اصطدمت بصخرة العراق القوية انتهت بتجرع زعيمها خميني كأس السم الزعاف وقبره غير مأسوف عليه .
خرجت القيادة العراقية بعد صد الاعتداء ألصفوي اشد بأس واصلب عودا وزادت من التفاف الشعب العربي عموما حول القيادة العراقية الشابة والشعب العراقي بشكل خاص فكان لابد من تهشيم أواصر ذلك الالتفاف والانتقام منها خصوصا بعد العزلة الجماهيرية العربية التي أحاطت نظام أنور السادات اثر استسلامه للصهيونية العالمية وإعلانه عن نواياه وانكشاف أمر عمالته ودوره القذر في تذويب القضية الفلسطينية وتوقيعه لاتفاقية كامب ديفد أولى خطوات ذبح فلسطين , فكانت هذه المرة بداية صفحة أخرى باستخدام سلاح الاقتصاد العربي وبدلا من دعم العراق الذي عانى اقتصاده من عدوان السنوات ألثمان ألصفوي عملت مشايخ الخليج العربي تلبية لأوامر أسيادهم الغرب الى دهورة أسعار النفط حتى كادت عائداته ان لا تغطي ثمن الكلفة رافق ذلك إصرار على ضرب الاقتصاد العراقي بعدة وسائل انتهت بتأديب حكام الكويت بعد ان فشلت كل الطرق الدبلوماسية والقنوات العربية الرسمية فكانت ذريعة قادتها الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي ونفذته أنظمة الحكم العربية المت
خاذلة وفق الخطة المرسومة في دوائر الاستخبارات الصهيونية والغربية, فلم يكتفي هذا المعسكر في تدمير البنى التحتية للاقتصاد العراقي المنهك بل راح الى فرض حصار ظالم على الشعب العراقي شمل كل مرافق الحياة استمر اكثر من ثلاثة عشر عام ادى الى استشهاد ما لا يقل عن مليون ونصف المليون من مواطنيه وهجرة إضعاف ذلك العدد الى خارج القطر وكسلسة محكمة الحلقات معدة مسبقا في دهاليز المخابرات الأمريكية قبل عشرات السنين بدأ تنفيذها على يد المجرم جورج بوش الأب وانتهت آخر حلقاتها على يد القزم بوش الابن بغزو عسكري مغولي وهجمة تترية ثانية على العراق استخدمت فيه أقسى الأسلحة وأكثرها تطورا وأسقطت فيه على شعبنا مئات الآلاف من أطنان أنواع الأسلحة حتى المحرمة منها دوليا وبمعارضة كاملة من المنظمة الدولية وعدد كبير من دول العالم الحرة مع ملاحظة ان الأراضي العربية المجاورة للعراق كانت نقاط الانطلاق والمثابة للجيوش الغازية لتتم تدمير ما بدأته في الحصار .
خاذلة وفق الخطة المرسومة في دوائر الاستخبارات الصهيونية والغربية, فلم يكتفي هذا المعسكر في تدمير البنى التحتية للاقتصاد العراقي المنهك بل راح الى فرض حصار ظالم على الشعب العراقي شمل كل مرافق الحياة استمر اكثر من ثلاثة عشر عام ادى الى استشهاد ما لا يقل عن مليون ونصف المليون من مواطنيه وهجرة إضعاف ذلك العدد الى خارج القطر وكسلسة محكمة الحلقات معدة مسبقا في دهاليز المخابرات الأمريكية قبل عشرات السنين بدأ تنفيذها على يد المجرم جورج بوش الأب وانتهت آخر حلقاتها على يد القزم بوش الابن بغزو عسكري مغولي وهجمة تترية ثانية على العراق استخدمت فيه أقسى الأسلحة وأكثرها تطورا وأسقطت فيه على شعبنا مئات الآلاف من أطنان أنواع الأسلحة حتى المحرمة منها دوليا وبمعارضة كاملة من المنظمة الدولية وعدد كبير من دول العالم الحرة مع ملاحظة ان الأراضي العربية المجاورة للعراق كانت نقاط الانطلاق والمثابة للجيوش الغازية لتتم تدمير ما بدأته في الحصار .
ان شعبا له هذا الامتداد في عمق التاريخ وله هذا المشروع القومي الذي يتمسك به وهذا جزء من حاضره ماذا يمكن ان يكون رد فعله إزاء هكذا عدوان شنته جبهة ضمت اقوي دول العالم بالتعاون مع دول الجوار وخصوصا العربية ولم تترك سلاحا إلا واستخدمته ؟؟؟؟؟؟؟
ان العدوان كان تحصيل حاصل للمواقف القومية والوطنية التي تبنتها القيادة العراقية وهو أمر كان محسوب له حسابه وله تدابيره التي أعدت مسبقا فعملت القيادة على تدريب الشعب وتسليح كل من يقدر على حمل السلاح ومن خلال حساب بسيط لآلية المواجهة مع قوات الغزو التي تمتلك القدرة العسكرية الهائلة وخصوصا في السلاح الجوي فان موازين القوى بالتأكيد ستكون لغير صالح العراق الذي يتفوق في الإيمان بالقدرة على الدفاع عن أرضه لذلك فان القيادة أعدت العدة على ان تكون المعارك غير نظامية ( أي استيعاب الهجمة العدوانية وتحويل المعارك الى حرب استنزاف) وحرب مقاومة لا يستطيع خلالها العدو تحديد الوقت والزمان وطريقة المجابهة فبعد ان أعلن القزم الأمريكي انتهاء الأعمال العسكرية لغزوه بعد عدة أيام وبخسارة لا تتجاوز ألمائتي قتيل لازلنا نرى ان جيشه لم يستقر في أي شبر من العراق وان خسارته قد قاربت الأربعة آلاف ونصف القتيل بإهمال لاعداد الجرحى الرهيبة وللنتائج النفسية والانعكاسات التي لحقت بالمجتمع الأمريكي وللخسائر المادية الباهظة , فكيف ارتفع عدد القتلى الى هذا العدد ؟
لقد تساقطت مبررات العدوان المعلنة الواحد تلو الآخر بينما واصلت الإدارة الأمريكية تشبثها بالعدوان ولهذا دلالة على وجود هدف حقيقي للعدوان غير معلن تحاول إدارة الشر إخفائه هو ما تطرقنا إليه في المقدمة فالعدوان يتجاوز حدود الأطماع الاقتصادية أو الاختلاف الفكري أو العقائدي الى ابعد من ذلك بكثير , فعدوان القذر بوش كان تلبية لصراع حضارات امتد الى عمق تاريخ البشرية وتصفية حسابات بين اكثر من طرف كان مسرح الأحداث فيه ارض العراق والخاسر الوحيد فيه هو الشعب العراقي وقد تعددت مراحل التنفيذ منذ الغزو الى يومنا هذا فمن تدمير مرتكزات الدولة العراقية الى فتنة طائفية الى محاولات تقسيم القطر الى إقامة مشاريع تكريس الاحتلال تحت مختلف المسميات .
وللحديث بقية ان شاء الله