التنمر الالكتروني
بقلم سهام البيايضة
كل من حاول, او يحاول الكتابة على الارض العربية هذه الايام , لا بد ان يقع بشباك الانتقاد, الذي يصل احيانا الى سن خناجر الجرح والقطع, لتصل للشخص ذاته, لا للفكرة اوالراي.,ربما هذا حال العالم الانساني في كل مراحل وسنوات تطوره,كثيرون, من قتلتهم افكارهم, ونبذتهم شعوبهم ,واستقصدتهم ادوات القمع والاضطهاد ,في سعيهم الى فكر منير, او البقاء في دهماء العقل, غير مبارح عن اشترار فكره ,حتى درجات التطرف, الذي يقتل الراي ويوقف تنامي الثقافة والتنوع ,ويحجب اغناء عناصر الحياة حولنا وزيادة الخيارات والبدائل, دون ان نتقوقع داخل افكارنا الخاصة ,نرفض الفكر المضاد, ونقرعة, لا بل نعلن الحرب عليه, ولا بأس لو حكمنا عليه بالشنق او اطلاق الرصاص, وصفيناه جسديا حتى تخمد حرارة التبادلات والاختلافات.
لقد بُلينا بالجهل والمجهولين, على صفحات الثقافة والمعرفة ,يصلون الى المواقع يتركون ارائهم تحت اسماء غير معروفة ,يمارسون ما يعرف الان” بالتنمر الالكتروني “,واطلاق المسميات والشتائم , غير آبهين ولا مقدرين, في مواجهة لا تنم الا عن الجبن وتقهقر الفكر.
انا لا ادعي الصلاح المطلق أوالمثالية , ولا ادعي احتكار الحق والفكرة, فنحن بشر نخطيء ونصيب ,نقترب ونبتعد عن الحقيقة ,اضع افكاري على الورق لانها تؤرقني وتتعبني اذا بقيت تدور في افلاكي الفكرية ,فالكتابة هي وسيلة تعبير وطرح فكر, ومواضيع تثير اهتمام الكاتب ,لا يرجوا منها الا ان تصل به الى تفريغ, مخزون التعابير والكلام الدائرة رحى حربها في عقلة.ورسالة يحملها في ضميره ليشارك فيها هذا العالم وان لا يكون اسما مجهولا ,بل مجتهدا ومشاركا ,يتحمل مسؤولية اسمه وفكره المطروح في سوق التعاملات الفكرية الرخيصة والغالية.و أن تكون معنيا في مستجدات ,مجتمعك وامتك ,وقادرا على التعبير عن متغيرات الساعة, وانعكاسات الفكر على الاحداث والمواقف ,فهذا لا بد يرافق الاستعداد الذاتي العلمي والثقافي القادر على مواجهة , اجواء من القبول والرفض, المعقول ,.حتى لو كانت الكلمة تحمل في طياتها افكار غريبة, او غير مقبولة, من اطراف معينة ,فهي بالنتيجة نتاج جرة قلم ارتبط باحرف تحمل معاني ,وليست قذائف آر بي جي, او صواريخ عابرة للقارات , تلقى على الناس تجرح وتدمي وتقتل.
الرد بالمثل و بنفس الاسلوب هو غاية الثقافة والمثقفين,واحترام الراي والراي الاخر حضارة عزت على الكثيرين من متلقينا, ومعلقينا ,وتناسوا ان الفكر حضارة والتنوع جمال , والتبادل انفتاح واتساع في الرؤية .
ان اختلاف الرؤية بين الاطراف المختلفة, مطلوب ومقبول ,فلكل منا غاياته ومداراته الفكرية,وزوايا نظرخاصة و مختلفة, لا تضعنا في طابق فكري واحد, موجهة نحو فكرة او مبداء بعينه , لا نقبل الاما قرب منه, ونرفض ما ابتعد عنه .
التفكير والطرح الفكري حق انساني, طالما , كانت الفكرة غير مؤذيه ولا تحمل شتيمة ولا تحقير للطرف الاخر.
انه فن الفكر والطرح الذي عدمناه ,فلو تحدثت عن القتال في الصومال, وادعيت انني مع المحاكم الاسلامية هناك, على سبيل المثال,فهل من حق الفكر المضاد ان يذكرني بانني سيدة من الافضل جلوسها في البيت لارضاع الاطفال وولادتهم؟؟ ..هل هذا انتقاد لفكرتي الاساسية في انني مع المحاكم الاسلامية ؟؟
هنا يضيق الفكر وهنا يكبر,يضيق عندما يٌتقصد الكاتب شخصيا ,ووطنيا , وعقائديا,ويكبر عندما تنتقد الفكرة بايجابياتها وسلبياتها ,ومكامن اختلالتها .وانحرافاتها .
لقد فقدنا بوصلة الاحترام والتواصل الطيب في غمرة الغضب و التوحش, الذي شرذم العقائد والبلاد,فاما ان نكون اتباع لفكر مؤطر موحد من الممكن ان يصل بنا الى الشمولية والمجالس الثورية واعمدة الكتاب المطبلين والمزمرين للقادة والانظمة , او منبوذين في عرف الجهلاء والمجهوليين واصحاب المصالح وانصاف المثقفين وأدعيائها,
مقارعة الفكر للفكر كمقارعة ,السيوف, الند بالند والفارس بالفارس ,ولقد حذرنا العلماء واصحاب فكر من مخاطبة الحمقى والجهلاء,لانها حمق وانتقاص لهيبة العلم والمعرفة بكل المعايير,و”رحم الله امرء عرف قدر نفسه”, وصانها من ان تداس بجهل الجاهلين ,ورفعها وترفع بها عن مخاطبة الجهلاء والحمقى ,الذي اصبح سهلا في هذه الايام وفي متناول اليد, من خلف المواقع والانترنت والشبكات العالمية .
الانتقاص من كرامة الانسان ووجوده, وعلمه وثقافته, ومرجعياته الوطنية والفكرية والمكانية, في ظل انعدام تقوى الله, ومخافة الله, وتدني الاخلاق العامة ,سهل جدا ….
اسهل بكثير من كبسة زر !! .,