علي الجفال*
النظر إلى كأس الانتخابات العراقية يقود إلى الاتجاه ذاته سواء أكان النظر إلى نصفه الفارغ أم نصفه الملآن، فقد انقسم العراقيون إلى فريقين متعادلين من حيث العدد، إذ بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية، أو مجالس المحافظات كما تسمى، أكثر من خمسين في المئة بقليل، لكنهم في حقيقة الأمر اتفقوا على أمر واحد هو الخلاص من استمرار العيش في عنق الزجاجة.
العراقيون الذين لم يصوتوا، وجدوا أن هذه هي الطريقة المثلى للتعبير عن رفضهم للاحتلال وللعملية السياسية التي لم تجلب لهم، على مدى السنوات الست الماضية، سوى الموت والجوع والخراب وانعدام الأمن واستشراء ظواهر التخلف والفساد بكل أشكاله، إدارياً ومالياً وأخلاقياً، وهم بذلك بعثوا برسالة الرفض إلى من يهمه الأمر بالتزامن مع تقرير مؤسسة الحياة العالمية التي ترصد مستوى معيشة الشعوب، والذي أكد أن العراق قد حلّ في آخر القائمة من حيث العيش اللائق، متخلفاً بذلك عن بعض شعوب آسيا وأفريقيا التي تحكمها العصابات، بمعنى أن حكومات الاحتلال لم ترقَ حتى الآن، ورغم كل تبجحها إلى مستوى العصابات.
أما العراقيون الذين ساهموا في لعبة الانتخابات، فإنهم أعلنوا عن رفضهم أيضاً، ولكن بطريقة مختلفة، إذ أنهم قسموا السيئ إلى درجات، واختاروا أفضل القوائم والشخصيات السيئة من أجل الإطاحة بالأكثر سوءاً، وهذا ما تم بالفعل، فقد كانت الهزيمة النكراء لقائمة الحكيم تعني بشكل واضح رفض المقترعين لنهجه الطائفي البغيض وتبعيته المطلقة لطهران والتي مهدت للنفوذ المخابراتي الإيراني الأخطبوطي في العراق، والذي لم يسلم أي مفصل عراقي من عبث أذرعه.
أما الزخم الانتخابي الذي حصلت عليه قائمة المالكي فهو وقوف خلف كسرة أمن توفرت خلال الأشهر الماضية بفضل الحد من ظاهرة العنف التي تمارسها الميليشيات التابعة لأحزاب حليفة للمالكي، إضافة إلى ميليشيات أحزاب أخرى سواء الكردية منها أم تلك التي تدعي تمثيلاً سنياً. وقد حقق المالكي ذلك الزخم بعد أن أيقن أنه وحده سيدفع فاتورة الاستحقاقات الشعبية التي تترتب على استمرار تلك الظاهرة، كما أن هذا الزخم الانتخابي جاء نتيجة سير المالكي بموازاة الخط العلماني، أي العودة الصريحة إلى الخط العروبي الذي تميز به حزب الدعوة عن بقية التنظيمات (الشيعية) والذي نتجت عنه حزمة من القرارات كان أكثرها جرأة السماح بعودة فتح المطاعم والمحلات التي تبيع المشروبات الروحية، ما دعا شاعراً عراقياً ظريفاً إلى إطلاق وصف (انتفاضة الخمر) على قرارات المالكي التي دشنت مرحلة جديدة تنبئ بعودة الروح إلى الحريات الشخصية في العراق والتي وصل الحجْر عليها حدَّ إغلاق محلات الحلاقة ومحلات بيع الأسطوانات الغنائية.
في نصفي كأس الانتخابات العراقي، الفارغ منه والملآن، ثمة استحقاقات ستفرضها النتائج التي تبدو في بعض أوجهها أشبه ما تكون بالمفاجأة. أولى تلك الاستحقاقات أن الأحزاب المهزومة، وفي المقدمة منها المجلس الأعلى، لن تستكين لهزيمتها، خاصة إذا ما تخلت عنها طهران باعتبارها ورقة أصبحت محروقة، بل ستلجأ إلى صقل خناجرها الطائفية، وستعمد حتماً إلى القيام بفعل إجرامي على غرار تفجيرات الإمامين العسكريين (عليهما السلام) أو على غرار أحداث جسر الأئمة، خاصة وأن ذكرى أربعينية استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) على الأبواب، أما ثاني الاستحقاقات، وهو الأهم، فإنه مطروح على سلّة المالكي التي عليه أن ينظفها من البيوض الفاسدة التي وُضعت فيها في خضم المعركة الطائفية المفتعلة، وأن يستبدلها بالطاقات العراقية الوطنية لكي يتمكن من ترسيخ ما تحقق حتى الآن، على بساطته، ولكي يتمكن من تحقيق النتائج ذاتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
العراقيون الذين لم يصوتوا، وجدوا أن هذه هي الطريقة المثلى للتعبير عن رفضهم للاحتلال وللعملية السياسية التي لم تجلب لهم، على مدى السنوات الست الماضية، سوى الموت والجوع والخراب وانعدام الأمن واستشراء ظواهر التخلف والفساد بكل أشكاله، إدارياً ومالياً وأخلاقياً، وهم بذلك بعثوا برسالة الرفض إلى من يهمه الأمر بالتزامن مع تقرير مؤسسة الحياة العالمية التي ترصد مستوى معيشة الشعوب، والذي أكد أن العراق قد حلّ في آخر القائمة من حيث العيش اللائق، متخلفاً بذلك عن بعض شعوب آسيا وأفريقيا التي تحكمها العصابات، بمعنى أن حكومات الاحتلال لم ترقَ حتى الآن، ورغم كل تبجحها إلى مستوى العصابات.
أما العراقيون الذين ساهموا في لعبة الانتخابات، فإنهم أعلنوا عن رفضهم أيضاً، ولكن بطريقة مختلفة، إذ أنهم قسموا السيئ إلى درجات، واختاروا أفضل القوائم والشخصيات السيئة من أجل الإطاحة بالأكثر سوءاً، وهذا ما تم بالفعل، فقد كانت الهزيمة النكراء لقائمة الحكيم تعني بشكل واضح رفض المقترعين لنهجه الطائفي البغيض وتبعيته المطلقة لطهران والتي مهدت للنفوذ المخابراتي الإيراني الأخطبوطي في العراق، والذي لم يسلم أي مفصل عراقي من عبث أذرعه.
أما الزخم الانتخابي الذي حصلت عليه قائمة المالكي فهو وقوف خلف كسرة أمن توفرت خلال الأشهر الماضية بفضل الحد من ظاهرة العنف التي تمارسها الميليشيات التابعة لأحزاب حليفة للمالكي، إضافة إلى ميليشيات أحزاب أخرى سواء الكردية منها أم تلك التي تدعي تمثيلاً سنياً. وقد حقق المالكي ذلك الزخم بعد أن أيقن أنه وحده سيدفع فاتورة الاستحقاقات الشعبية التي تترتب على استمرار تلك الظاهرة، كما أن هذا الزخم الانتخابي جاء نتيجة سير المالكي بموازاة الخط العلماني، أي العودة الصريحة إلى الخط العروبي الذي تميز به حزب الدعوة عن بقية التنظيمات (الشيعية) والذي نتجت عنه حزمة من القرارات كان أكثرها جرأة السماح بعودة فتح المطاعم والمحلات التي تبيع المشروبات الروحية، ما دعا شاعراً عراقياً ظريفاً إلى إطلاق وصف (انتفاضة الخمر) على قرارات المالكي التي دشنت مرحلة جديدة تنبئ بعودة الروح إلى الحريات الشخصية في العراق والتي وصل الحجْر عليها حدَّ إغلاق محلات الحلاقة ومحلات بيع الأسطوانات الغنائية.
في نصفي كأس الانتخابات العراقي، الفارغ منه والملآن، ثمة استحقاقات ستفرضها النتائج التي تبدو في بعض أوجهها أشبه ما تكون بالمفاجأة. أولى تلك الاستحقاقات أن الأحزاب المهزومة، وفي المقدمة منها المجلس الأعلى، لن تستكين لهزيمتها، خاصة إذا ما تخلت عنها طهران باعتبارها ورقة أصبحت محروقة، بل ستلجأ إلى صقل خناجرها الطائفية، وستعمد حتماً إلى القيام بفعل إجرامي على غرار تفجيرات الإمامين العسكريين (عليهما السلام) أو على غرار أحداث جسر الأئمة، خاصة وأن ذكرى أربعينية استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) على الأبواب، أما ثاني الاستحقاقات، وهو الأهم، فإنه مطروح على سلّة المالكي التي عليه أن ينظفها من البيوض الفاسدة التي وُضعت فيها في خضم المعركة الطائفية المفتعلة، وأن يستبدلها بالطاقات العراقية الوطنية لكي يتمكن من ترسيخ ما تحقق حتى الآن، على بساطته، ولكي يتمكن من تحقيق النتائج ذاتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
*رئيس تحرير جريدة المدار