د. وسام جواد
يبدو أن الأدوار والمهمات الهادفة للسيطرة على أفغانستان وإيران والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين قد وزعت على الولايات الصهيونية المتحدة وإسرائيل والأنظمة العربية ذات التبعية المعروفة لهما, لإخضاع المنطقة وإجبار شعوبها على القبول بإملاءات الإمبريالية الأمريكية والحركة الصهيونية العالمية . ويتبين من خلال الحرب على العراق وأفغانستان أن العدوان الإمريكي كاد يطال إيران وسوريا لولا الضربات الموجعة, التي تلقتها القوات الغازية على يد المقاومة العراقية والأفغانية, والتي أدت الى فشل الولايات المتحدة في بلوغ أهدافها, وعجزها تحقيق عن مهماتها في المنطقة .
وقد فشلت إسرائيل أيضا في تحقيق ما أنيط بها من مهمات في حربها على لبنان . فبدلا من ضرب المقاومة الوطنية وتدمير قدراتها, تلقت هي ونخبها العسكرية صفعات موجعة لم تتوقع قوتها, ناهيك عن كسرها لأنف كبريائها العسكري وغطرستها السياسية. ولما قررت أن تجرب حظها العاثر ثانية في غزة, إصطدمت بالصمود البطولي لرجال المقاومة الفلسطينية,الذي لعب دورا محوريا في إخفاق آخر, منيت به إسرائيل بعد عدوانها على لبنان .
أما الأنظمة العربية الرجعية, فقد ظل دورها مسخرا لخدمة ما ترتكبة الولايات المتحدة وإسرائيل من جرائم بحق دول وشعوب المنطقة, من خلال تسخير وسائل الإعلام المختلفة, والبذخ على أصحاب الأقلام الرخيصة, من أجل الإساءة الى المقاومة الوطنية واللجوء الى الأساليب الدنيئة للنيل من قادتها ورموزها. وقد برز الدور القذر لهذه الأنظمة العبرية في المضمون والعربية في الشكل منذ العدوان على العراق في 1991 وفي فترة الحصار على الشعب العراقي, وخلال الحرب الأنجلو- أمريكية في 2003, وأثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان وبعده, وإبان الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة .
ويظل الفرق كبيرا بين من طالبوا القيادة السورية بالتدخل أثناء العدوان الغاشم على لبنان في 2006, والذين انتقدوا قيادة حزب الله لعدم الدخول في الحرب ضد إسرائيل أثناء عدوانها على غزة, وبين من تسائل أنطلاقا من دوافع وطنية وقومية مخلصة عن أسباب عدم التدخل . ومعلوم أن بعض من طالب سوريا بفتح الجبهة مع إسرائيل هم نفس اولئك الذين يتمنون تحطيمها في وقت, إستكلبت فيه قوى الشر لتمزيق جَسَدٍ, لم يغرس قطيع التحالف الأمبريالي- الصهيوني- العربي أنيابه فيه بَعد .
لا يشك أحدٌ من المحبين لأمتنا في أن سلامة سوريا يعني سلامة المقاومة الوطنية الباسلة في لبنان وفلسطين, ويشكل دعما معنويا,لا غنى للمقاومة العراقية عنه, فسلامة هذه القوى المقاومة سيضمن الدعم الأكيد ورد الجميل لسوريا على مواقفها, في حال إرتكاب حماقات محتملة ضدها من قبل أمريكا وإسرائيل. ولن يكون ذلك كافيا, ما لم تعد سوريا العدة لأسوء الإحتملات,التي يعتمد تنفيذها على قدراتها الدفاعية,التي تتطلب الإستعداد والتحديث المستمر للسلاح الباهض الثمن, وهذا يقتضي مد يد العون اليها من قبل الدول العربية والإسلامية الرافضة للهيمنة الأمريكية والصهيونية,لا من الناحيتين المادية والمعنوية وإنما بمدها بالعقول العلمية,التي طالما إستعانت بها قبلا معظم الدول المتقدمة للنهوض باقتصادها وصناعتها ( بما في ذلك التصنيع العسكري).
ولطالما إمتلك العدو الإسرائيلي السلاح النووي والكيمياوي والجرثومي فإن من الإجحاف أن يدور الحديث حول منعه على الدول,التي يراد لها أن تظل دائما تحت رحمة من يشن غاراته, ويشكل خطرا على أمن وسلامة شعوب المنطقة, ويهدد في كل مرة على أن الأمور إذا ما سارت في جبهات القتال في غير صالحه, فإنة سوف يستخدم ( وقد يلجأ.. ) ما لا يملكه غيره .
الخلاصة :
لم ينطق المفكرون والمجربون بمقولات : “من يريد السلام,عليه أن يستعد للحرب” و” ما أخذ بالقوة,لا يسترد إلا بالقوة” و”الحق مع القوة” جزافا, وإنما أرادوا أن يجسدوا بها واقع حال الشعوب والأمم ,التي عاشت ولا يزال بعضها يعيش في عالم يتحكم بمصيره القوي,الذي لا تردعه القيم ولا الاخلاق عن تحقيق أهدافه. ولكي لا تكون سوريا هدفا تهدد وجوده الإمبريالية الامريكية والصهيونية, وتتأمر علية بعض الدول العربية المعروفة بمواقفها المخزية من قضايا أمتنا, لا بد من العمل على جعلها قوية, وقوة رادعة في وجه قوى العدوان والغطرسة الصهيو- أمريكية ..