انتخابات الاحتلال .. بين .. الصنم والتمثال
كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي
كما كانت عاصفة الاعلام الامريكي والمتأمرك حول العديد من القضايا المفبركة لتبشيع صورة دولة العراق الوطنية وقيادتها التاريخية .. تتصاعد عاصفة الزيف والكذب والادعاءات البهلوانية والكاريكاتورية عن مسخرة الانتخابات العراقية لتعطيها ما ليس فيها ولا يمت لمعاني الانتخابات واهدافها بأي دلالة او معنى، الاّ اللهم من المظهر الخارجي المخادع.
هذه ملاحظات واستنتاجات اولية وسريعة نضعها امام العراقيين النجباء بما فيهم من شارك او حتى رشح مخدوعا ببهرجة العاصفة وامام الرأي العام العربي ونترك الحكم على دقتها كنقاط استشراف مؤسسة ومبنية على فهمنا المتواضع لحيثيات سير العملية السياسية التي اسسها الاحتلال ويرعاها وينفق عليها اموالا طائلة من خبز العراقيين واموال دافع الضريبة الامريكي.
انفرط عقد الائتلاف الفارسي (الشيعي) قبل شهور من حصول الانتخابات ورافق ذاك الانفراط موجة اعلامية صاخبة جرمت بعض اطرافه (التيار الصدري) وبشعتهم وصولا الى نقطة امسكت بها ايران بعنق زعيم التيار مقتدى الصدر ووضعته امام خيار واحد هو ان يلجأ اليها لحمايته من قبضة شريكه، ومن اوصله التيار الى موقع رئاسة الوزراء وقبضة امريكا تاركا خلفه برلمانيي التيار يصولون ويجولون في المنطقة الغبراء وقبضة اميركا وبريطانيا والمالكي تنقض على (رعاع التيار) فتبيدهم في عملية عسكرية لفها الف تساؤل وتساؤل، العجيب فيها اننا لم نسمع عن مقتل عمامة واحدة من عمائم مناضلي المنطقة الغبراء من الصدريين. وهكذا مهر انفراط العقد بمهر الدم الذي لا يعني شيئا ولا ثمن له لدى المالكي او مقتدى لياخذ الانفراط مصداقية لا ينالها الخطأ لا من امامها ولا من وراءها. ومن جهة اخرى تصعّدت لغة الخلاف الاصطناعي بين المجلس وجناح المالكي لحزب الدعوة الاسلامية الطالع من بين حدقات عيون وعلى حساب دم سياسي غير طهور للافغاني ابراهيم الاشيقر ومجموعته التي القيت خلف سياج الذكرى المؤلمة لمسيرة جهاد وكفاح ومبادئ اسلامية شيعية مقدسة مشتركة لاقطاب العمالة الدعوتية دونما رحمة. وكان لابد من دليل قاطع يبرهن (لأولاد الخايبه ابناء الفرات والجنوب) على مصداق الخلاف بين مريض السرطان او الايدز الذي قلب الله وجهه في الدنيا قبل الاخرة الى قطعة ملساء من مؤخرته وبين المالكي الماسك بقدرات لا يستهان بها بكرسي الرئاسة رغم اهوال الفشل والانسحابات والرجعات والانسحابات والرجعات التي رتبتها المخابرات الامريكية والايرانية لمنح المشهد الديمقراطي اكبر حيوية ممكنة وطمنت المالكي ان ينام قرير العي
ن في كهفه الخضراوي بحيث اننا نزعم انه لم يتأخر يوما مع كل تلك الاهوال عن وجبة غداءه او موعد نومه كما يحصل مع مسؤول تعيش حكومته مثل تلك المحن ….
وعلى الجانب الاخر من المشهد الميلودرامي المخابراتي (تمالخ) اصطرع الاخوة الطائفيون السنة بمرارة في حبكة لا تقل تعقيدا من المشهد الجنوبي فانفصل من انفصل وتحالف من تحالف وصرح من صرح وارتجف من ارتجف وكانت عقدة الرواية هنا بين الصحوات الامريكان وبين شيخ العمالة السنية الحزب الاسلامي.
وفي هذه الاجواء حصلت الدعاية الانتخابية مصحوبة بدليل قاطع على انها عراقية بامتياز من خلال الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي طالت عددا من المرشحين والممارسة الانتخابية مترافقة باكثر من دليل على حيويتها العراقية الجديدة من مداهمات واغتيالات واعتقالات واتهامات متبادلة وتلميحات صغيرة وكبيرة الى ان هذه الانتخابات ستشهد انتصار الديمقراطية وتغيير الخارطة السياسة .. والخ من تعبيرات روايات البرتو مورافيا او اغاثا كريستي.
ما هو القادم؟
كرست الانتخابات صورة البلد المقّسم، فالشيعة انتخبوا الائتلاف الشيعي بالمرتبة الاولى والثانية وربما حتى الثالثة وتوزعت النسب الضئيلة المتبقية بين العلمانيين والعشائر، والتي طبّل لها من خلال ما عرف بالنتائج الاولية المعتمدة على نتائج محطات وليس على نتائج محافظات للايحاء بتقدم ملموس لها على حساب المرشحين الطائفيين. والسنة انتخبوا الحزب الاسلامي والصحوات ومع اعلان غير مؤكد عن تقدم ملحوظ لتيار المطلك. ولا يمتلك أي محلل او باحث أي فكرة عن نسبة العراقيين الذين صوتوا لصالح الوحدة الوطنية، مع اننا واثقون انهم يشكلون نسبة عالية. المهم كما قلنا ان الشيعة انتخبوا الشيعة والسنة انتخبوا السنة وهذه هي النتيجة الحتمية التي لا غبار ولا جدل حولها.
نرى ان الائتلاف سيعود الى الائتلاف مجددا بأوامر من ايران ومكتب السيستاني وليس برغبة او صدقية ذاتية لأطرافه. وسوف تعاد الهيبة التي سلبها المقترعون من عمائم المجلس بطريقة او باخرى وسوف يعود المالكي شاء ام ابى امريكيا وايرانيا وحوزويا الى حيثيات الدستور الفيدرالي المحكوم برأي الولي الفقيه وبالتزاماته الشخصية المعروفة بخط العملية السياسية العميلة بعد أن صار حصان طروادة في انقاذ الائتلاف من قرار الشعب باسقاطه. وسوف ينطلق عمار الحكيم في روزخونيات الفيدرالية الجنوبية التي هي الحل الذي لا حل سواه لرفع مظلومية الشيعة التي يقصد بها تسلط عمار وزمرته وباقي الجوقة المجرمة على ميزانيات محافظات الفرات الاوسط والجنوب.
وستختفي بعد اسابيع من اعلان النتائج على لسان المفوضية الطائفية كل ملامح الاقتتال الاسلامي _ الصحوي مع اختفاء نقاط التباين الطارئة المؤسسة على النتائج غير الرسمية التي ستكون مختلفة بهذه الدرجة او تلك عن القراءات الاولية ولصالح الاسلامي في الغربية والمجلس في الجنوبية. وهكذا تكون الانتخابات في حقيقتها هي خيار العراقيين بين الصنم والتمثال.
لماذا اللعبة الانفراطية؟
اولا”: ليفهم كل العراقيين ان مَن قتل من ابناءهم او اعتقل او شرد قد ضاع حقه بين القبائل. الائتلافات التي قتلت وهجرت واعتقلت وخرقت ستر العوائل والبيوت ليس لها قرار بل هي تجمعات رمل متحرك وكل منها بوسعه ان ينزع ثيابه الملطخة بالدم والظلم ليلقيه على سواه، فيكون الجميع في مأمن من الوقوف امام منصات العدالة.
ثانيا”: ليتغلب المجلس الاعلى وبقية اطراف الائتلاف الايراني على السمعة النتنة التي ملئت الشارع العراقي ويتغلبوا على اعجميتهم الممقوتة عراقيا عن طريق الارتكاز على عروبة المالكي المفترضة، وبالاستفادة من عناوينه الرسمية والتخلص من صفة الارهاب امريكيا عن طريق ذبح العراقيين في البصرة والحلة وذي قار ومدينة صدام لتوثيق الثقة الامريكية بخط الائتلاف على حساب التيار الصدري الذي اعلن عن استعداده للتحالف مع المالكي وكأن ما حصل في هذه المدن لم يحصل وكأن الدماء التي سالت لا تعني أي شئ لمقتده.
ثالثا”: الضحك على ذقون العراقيين وخداعهم
ليضيع عليهم موقفهم الرافض للطائفية والفيدرالية وفساد الطائفيين المالي والاداري. فيعود كل من قرر العراقيين اخراجهم من الباب .. بعد الانتخابات .. من الباب.
لن نقول اننا نراهن على هذه الصورة والنتائج غير اننا نزعم انها ستكون هي الفأرة التي ولدها جبل الانتخابات ونحن لا يفرق عندنا تيار علماني عن تيار طائفي طالما ان كليهما يلبسون ثوب العار, ثوب التعامل مع الاحتلال. ويبقى علاوي يوصف شيعي والمطلك سني من الامريكان وكلاهما باع العراق في اتفاقية العار حتى لو قالوا هم غير ذلك عن انفسهم.