بقلم : منذر ارشيد
غزة وما أدراك ما غزة ..!! غزة وأهلها الطيبين التي مر عليها ما لم يمر على بشر في عصرنا الحديث لا يمكن أن يستطيع أن يرسم مأساتها أي فنان على لوحة , ولا في مسرحية , أو يضع أحداثها في فلم سينمائي
إن ما جرى في غزة لا يمكن أن يتصوره العقل أو أن يدركه الخيال ولو حتى ممن كانوا في غزة ومهما وصفوا كما وصف أخانا الكاتب حسام أبو النصر …
أو أختنا نائلة السقا أواخي ابو اياد أو عدنان العصار او الدكتورناصر أو الأيوبي أو أختنا التي بعثت لي رسالة عى إيميلي وهي تقول… يا ويلكم من الله تجلسون خارج الوطن وتكتبون وأنتم لا تعرفون ما مر علينا وتقولون نصر …..!!
أقول لا يمكن لأحد أن يضع الحقيقة بشموليتها “ فلا البعيد يملك القدرة
ولا القريب يملك كل القدرة أيضاً و حتى من هُدم بيته فوق رأسه, وبدأ يقص علينا رحلة العذاب والمعاناة التي عاناها …
لأنه فقد كثيراً من وضوح الصورة من خلال معاناته فيتحدث من عواطفه المجروحه وقلبه النازف فقط
ما جرى في غزة بتقديري المتواضع هو كما جرى لمجاميع الصيصان التي أبيدت عندما فقد أصحاب المزارع الأعلاف أو الكهرباء بما يساعد هذه الصيصان على الحياة ” فتم إبادتها
فرأينا كيف كانوا يجمعون آلآف الفراخ داخل أكياس بلاستيكية ويغلقوا عليها ……..فأين المفر لتلك الفراخ …!!
هكذا وضع أهلنا في غزة في سجن… ولا أعتقد أن حالة مرت في التاريخ حتى كهذه الحالة
العدو من أمامهم والبحر من خلفهم والجار أغلق بابه في وجههم …وبدأت حمم النيران تتساقط فوق رؤوسهم (فأين المفر ) ..!!!
بالله عليكم أي صورة يمكن أن يتخيلها المرء لهكذا حال ..!!
((جَدْيِ…. خُذْنا إلى غزة لَِنقضِيَ الإجازة ))
))
بعد إنتهاء الحرب على غزة كنت في زيارة لإبني في الإمارات العربية
وفي جلسة في بيت أحد الأصدقاء الفلسطينين ممن أنعم الله عليهم بالعلم
والمكانة المرموقة وهو بالمناسبة ” إبن صفي في المدرسة الآن
(مهندس كبير) كنا في ضيافة أحد أصدقائه وشركائه الخليجيين الأثرياء
وهو رجل كبير في السن “كان الحديث كله وخلال أربعة ساعات يدور حول أحداث غزة والوضع الفلسطيني ” الحقيقة أني خجلت وانا أسمع هذا التعاطف والتأييد للقضية الفلسطينية من أناس كنت أعتقد أنهم لا يكترثون بغير المال والأسهم ….!!
أقول هذا الكلام لأني قبل عام بالضبط كنت في نفس المكان وفي نفس البيت
60;والمضيف هو نفسه… وكان كل الحديث عن المال والأعمال والأسهم والبورصة وغيرها من الأمور التي يتحدث بها رجال المال والأعمال
60;والمضيف هو نفسه… وكان كل الحديث عن المال والأعمال والأسهم والبورصة وغيرها من الأمور التي يتحدث بها رجال المال والأعمال
كنت أستمع لحديثهم وهم خمسة من الخليجيين وكنا سبعة فلسطيين
ولا أكاد أصدق ” وفهمت انهم لم يلتقوا منذ أن حدثت بدات الحرب على غزة بسبب تمسمرهم أمام شاشات التلفزيون “وبثوا مشاعرهم عما رأوا بكل شفافية وعفوية كبرائة الأطفال
كان شعور العطف والحب لفلسطين كبير “لم أسمع من أي منهم كلمة فلسطينيين إلا ويُسْبِقُها ب ( إخواننا ) الله ينصرهم
قال الرجل الكبير صاحب البيت هل تصدقون إذا قلت لكم ..!
زنظر إلى إبنه الذي الذي دخل وصافحنا جميعاً وقال له اولادك معك يا ولدي ..!! فقال معي عبد الله وسلمى …فقال الرجل محمود ما هو معك
فقال الإبن لا والله يا والدي راح هو وصحابه على الملاهي يلعبون
فقال : طيب نادي على عبد الله وسلمى “ ناديهم خليهم يسلمون على إخوانا وحبايبنا الفسطينيين وخلي إخواننا يسمعون شو يقولون عن فلسطين
وأكمل الشيخ حديثه قائلاً :والله ما لكم علي يمين إن الي صار في غزة غير عقل الأطفال ” وحتى أنا يا هالكبير والله ما كنت كثير أفكر ويخطر ببالي الي صار يخطر ببالي هالإيام ….اللي صار ما هو طبيعي يا إخوان ..إلي صار في غزة قلب لدنيا فوقاني تحتاني ..يا جماعة حتى الطفال ..الأطفال
وأضاف أحكي لكم هالسولافة حتى تصدقوني ان الأمر ما هو طبيعي
شوفوا يا خوان وصلوا على النبي
لي إبن مهندس وعايش في أمريكا وزوجته أمريكية” وعنده مشاريعه هناك ويشتغل وصار له سنتين يبعث لنا نروح نقضي عنده وقت الصيف في إجازات المدارس حتى يلتموا عيالهم كلهم مع بعض
حنا نقضي العطلة إما في اسبابنا أو في سويسرا عندنا بيوت هناك
إبني في أمريكا إشترى مزرعة مع بيت قبل اربعين يوم تقريبا واتراها لقطة بخمس ملايين دولار رغم أن ثمنها السابق بخمسة عشر مليون….(كان لممثل أمريكي خسر في الأزمة الأخيرة ) فباع مضطراً
بعث لنا صور فيديوا .. شيء يهبل (مزرعة ثلاثين دونم فيها ما تشتهي النفس من الخيل والأبقار والبرك والشلالات والأشجار والطيور والبيت الجميل الكبير …شيء لا يوصف ..لما شافوها الولاد أحفادي وعندي عشرين حفيد “ انهبلوا بيها ” وعندهم إجازة قريبة أسبوعين … فصاروا يقولوا لي : يا جدو من شان الله خلينا نروح الإجازة هذه .. أقول لهم يا أولاد لا لا .. ما تنبسطون بعشرة أيام وهي ما تحرز وتتنكدوا على الفاضي لما ترجعون …أقول لكم ..خليها للصيف ثلاثة شهور محرزات تنبسطون وتفرحون اكثر
طبعاً هذا الكلام كان قبل حرب غزة يمكن بعشرة أيام ……..
شوفوا أنا كنت أقول لأبنائي الكبار أنتم تخربون أخلاق أولادكم بأيديكم
يجلسون على الشاشات كبر الحائط وهم يتفرجون على المسلسلات البايخة
والاغاني اللي ما هي زينه
ودائما أتجادل مع الحريم زوجاتهم اطلب منهم يديروا بالهم على اولادهم من التلفزيون
فجأة يا إخوان ما أشوف الأولاد إلا ويتفرجون على الحرب في غزة وإذا أحدهم قال : أريد أن أغير المحطة .. ونريد نشوف شيء يفرح “
تسمع من يقول له : يا عيب عليك يا عيب تريد تفرح وإخوانك الاطفال في غزة يَنذِبحْونْ ..!!!
يضيف الشيخ ….
يا إخوان طول الفترة ما أسمع الولاد إلا يقولون يا جدي هذه فلسطين صحيح بلادنا …!!
أو يقول لي واحد من الأولاد : صحيح اليهود جائوا على فلسطين من غير بلاد …!
وآخر يقول : يا جدي هُمَ اليهود بني آدميين وبشر مثلنا..!!
أقول له : نعم بشر مثلنا ” فيقول لا تقول هيك لا تقول هيك هذول حيوانات مش بشر يا جدي كيف يقتلون الأطفال ..!!
وأسمع منهم والله بنت بنت عمرها اثناعشر سنة تقول لي يا جدي أنا بدي أروح أدافع عن إخواني الفلسطينيين وادخل الجنه
وتابع الشيخ المضيف وهو يضحك ..بتعرفوا هذول اليهود فتحوا على حالهم باب ما كان مفتوح “ الله يخرب شرهم ما أتيسهم
حِنا الكبار خلص راحت علينا, وصدقنا إنهم ممكن يتعايشوا معانا “
وحتى لو وصلوا لعندنا وشاركونا في التجارة والمشاريع ”
لكن شو نقول لهذا الجيل الي بكرة راح يوعى ويكبر ..!ويشوف اليهود عندنا يتاجرون ويروحون ويأتون في بلادنا
مين يقنع أولادنا إننا ما كنا خاينين …!!
هذا اللي جرى في غزة يا إخوان شغل رب العالمين ما هو شغل العالمين.
وفي هذه الأثناء دخل الطفلين ولد وبنت” أحمد وسلمى”
سلموا على الشيخ وقبلا يده ” قال لهما : سلموا على إخواننا الفلسطينية
فقال الشيخ …إسمعوا نشوف راي أحمد ولو أنه مش حامي مثل أخوه عبد الله
قال : يا أحمد خلاص إتفقنا أنا وابوك الصيف راح نقضي في أمريكا عند عمك …. يلا شد حيلك وانجح
فقال : لا يا جدي نحن اتفقنا إننا نروح نقضي الإجازة في فلسطين
قال قول لي ليش بدكتروح فلسطسن.!
قال الطفل : أريد ان أقابل سميي أحمد وأهديه بندقيه
قال الشيخ : ما يسمحون لك تدخل بندقيه يا أحمد
فقال أحمد : أعطيه فلوس وهو يشتري
فنظر الى سلمى وقال شو يا سلمى سامعة أحمد يريد يحرمكم من مزرعة عمكم في أمريكا سامعة سامعه بيقول بدو يروح على فلسطين ” تروحين على فلسطين ها تروحين ..!!
نظرت البنت “عمرها ربما سبع سنوات” وقالت : يا جدي انت تريد تضحك علي..! إنت وعدتني توخذني على غزة ” حتى أشوف جميلة
قال : يا إخوان أتعرفون من هي جميلة .! هذه البنت الي قطعوا لها رجليها شو بدك تهد يها لجميلة …! قالت بدي أهديها رجلي
قال : وتعيشي بلا أرجل..!!
قالت : لا … برجل واحده وجميلة تصير برجل واحده
فضحك الجد وقال : ولا يهمك مثل ما بدك خلاص نروح فلسطين
رغرغت عينيها بالدموع وهمت بالأنسحاب وكأنها تريد أن تقول أنت تضحك علي يا جدي فأسرع شقيقها إليها وبحركة بريئة فيها حنان
قال : مالك زعلتي يا سلمى غزة في فلسطين وهم بلد واحدة
نظرت إليه وهي كأنها لم تقتنع نظرت إلى الجد وكانها تستفسر.!
هز الجد رأسه وقال : يا سلمى يعني ما بتعرفي انت انها نفسها الله يجازيهم في المدارس لازم يبدأوا من اليوم وصاعد يعلموكم مع ألف باء يعلمونك عن فلسطين
هذا ما حصل ….وما سمعت….. وما رأيت
واعتقد أن هؤلاء هم من عرفوا سر ما جرى في غزة
منذر ارشيد