بقلم : منذر ارشيد
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين “ ونسأل الله أن يشرح لنا الصدر وييسر لنا الأمر ويحل العقدة من اللسان ويجعل كلامنا خفيفاً على أولي الأمر إن كان بهم خيرْ أو ثقيلاً إن كان بهم شرْ ” وأعني هنا من ولاهم الله أمور الأمة “ أو ممن إستولوا وأُسقِطوا إسقاطاً على رؤوسنا حتى أصبحت الحياة غُمة بلا مباديء ولا ذمة
فتنقلوا فوقها .. فمنهم من يدوس الرؤوس ومنهم من لا يسوس إلا بالتيوس وها نحن نرى العجب العجاب وقد غاب َ من غابْ , من القادة الكبار الأحباب ”وابْتُليَ شعبنا بمن هبَ ودبْ في الشرق والغرب ,وأصبحنا في والوطن كالأغراب ينعق فوق رؤسنا الغراب “وحالنا ما عاد يسر إلا الأعداء والأعراب ممن تحكموا في العباد فأكثروا فيها الفساد
(فصب الله علينا لخنوعنا صوت عذاب)
والله لهمْ هُمْ بالمرصاد
الله الله عليك يا شعب فلسطين ..وكيف أصبح حالك يا مسكين ..!!
من نكبة إلى نكسة إلى وكسة ….ومن مصيبة إلى كارثة إلى محرقة
لماذ…لماذا .. لماذا..!!
هل نحن فقط الفاسدين في الأرض ..!! وهل نحن من باع الدين الأرض والعرض .!!
وهل نحن من عمر وعاث فساداً في الأرض وكفر وعلى وتجبر ….!!
الحقيقة هذا سؤآل يتبادر حتى للأطفال ناهيك عن الكبار وحتى بعض المثقفين ونسمع من يقول: ليش هيك يا رب.! أنت معنا أو ضددنا.!
وحتى نسمع من يقول…(الله مع اليهود وليس معنا ) والعياذ بالله
( مِنَ ألآخر )
لنبدأ من الآخر كما يقال وسيكون مقالي هذا مراجعة حثيثة لكثير من الأمور
وسأستعرض خلالها كثيرا ً من النقاط , منها تحذيرات قلناها قبل سنوات ومن خلال معايشتنا للوضع الفلسطيني , ويشهد الله أني ككاتب أوكفلسطيني
منتمي لحركة رائدة أعتز بها وهي (حركة فتح) ما كنت يوماً منحازاً إلا إلى الحق والحقيقة مهما كانت , لأن فلسطين عندي أكبر من فتح الكبيرة والعظيمة بعظمة روادها الأوائل وشهدائها الميامين وأسراها المخلصين لله و لفلسطين والثوابت التي ثبت عليها الثابتون
(( محرقة غزة…ليست إسرائيلية فقط ))
إبتداء ً من إسرائيل أولا ً وأمريكا ثانياُ وأوروبا ثالثا ً والمستعربين من العربان رابعا ً, ونسأل الله أن ً يحرق قلب كل فلسطيني شارك بالقبول والرضى بما جرى لأغراض فئوية “ ويحرق قلب كل قائد فلسطيني غايته إستثمار صمود وتضحيات وعذابات أهلنا في غزة ليصبح طاووساً ينفش ريشه في العواصم العربية والإقليمية ليفصل القضية على مقاسه ويبيعها في مزادت إقليمية وعالمية ليعزز حزبه وفصيله ليثبت أنه الرقم الصعب
ربما كان يعتقد الكثيرون أن ما جرى في غزة يؤسس لمرحة جديدة ننتقل بعدها إلى الأفضل ونعيش مع واقع جديد خاصة بعد هذا الصمود الأسطوري لشعبنا العظيم في غزة هاشم ”مع الآلآف الذين استشهدوا وجرحوا وكلموا ويُتموا وهُدمت بيوتهم … ( وتدمروا ولم يتذمروا )
كنا نعتقد أن القادة سيكونون على مستوى هذا الشموخ الوطني الذي تجلى في غزة كما تجلى في الماضي القريب في جنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية ورام الله والخليل وبيت لحم ……هذا هو شعب فلسطين
ولكن أين قياداته من كل هذا..!!!
هذه القيادات التي تفتقد إلى رأس يجمعها ( رحم الله أبا عمار والياسين )
وبئست القيادات التي لا تعرف كيف تؤسس لمستقل أمة ووطن بعد غياب المؤسسين , وهل هكذا تكون القيادات الملتزمة وطنيا ً..!
الآن وقد انتهت الحرب على غزة نسمع من يقول. .(يا ليتها لم تنتهِ )
نعم فالوطن العربي كان يعيش ملحمة الصمود الوطني والتكاتف والتوحد أثناء الحرب رغم مرارتها ”ولكنه اليوم يعيش أسوأ مشهد لإنقسام والتشرذم وكأن شيئاً لم يكن بعد ما جرى من مجازر صهيونية لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا ً لها ,ولا ندري هل كان يجب أن يباد الشعب الفلسطيني حتى يستيقظ هؤلاء القادة ليعودوا إلى مصلحة قضيتهم بعيداً عن المهاترات واللعب على دماء شعبهم وإسرائيل تستثمر الوضع الفلسطيني الهزيل في مزيد من الإستقواء والهيمنة وتحقيق ما لم يتحقق في عقود من الزمن ..!!
(( حرب من نوع جديد ))
بدأت حرب جديدة مع انتهاء حرب إسرائيل بدأت مع الإعلان عن تقديم المساعدات العربية لإعمار غزة , وقد بدأ الصراع على التمثيل والمرجعيات , ومن يحق له ومن لا يحق له ..!
في تجديد لأسطوانة التخوين والإتهامات والتسويق والمهاترات “
وقد كتبت أول يوم بعد وقف النار تحت عنوان
( أنتهت المحرقة والحصار هل ستبدأ الحرب على الدولار ..!!)
فبينما كان شعبنا يئن ويعتصر ألماً على ما يجري تحت وطأة الحمم الحارقة ” بدات حرب إعلامية بين الإخوة الأعداء وتصاعدت كما تصاعد القصف الإسرائيلي ,بل بأشد وأقسى وأكثر مرارة ً من العدوان الهمجي الصهيوني “وكما أسلفت فالمواطن المغلوب على أمره رضي بقضاء الله وقدره جراء ما أحدثته آله الحرب الصهيونية ,ولكن ما عاد يطيق الغُلب والضيم من ذوي القربى وبدأ الجدل والدجل حول الدعم قبل أن نرى شيئاً حقيقياً اللهم سوى خطابات من قادة عرب وعدوا بالتبرع
وبدأ الصراخ من جانبنا الفلسطيني وكأننا في
(حفلة غجر يتخاطفون الكرشة ) … هل هذا معقول نختلف على المال وهو حق للشعب المظلوم ونجيره للسياسة الظالمة التي لا تعرف مبدأً ولا خلقا ً
وشعبنا يتضور جوعا ً وبرداً تحت سقف السماء ..!!!
((حماس المنتصرة ))
لنفترض جدلاً أن حماس خاضت المواجهة والتصدي لوحدها ,وهذا محض افتراء وظلم لبقية الفصائل “نعم كان الهدف المعلن لإسرائيل القضاء على حماس ,ولكن هل هذا كان صحيحاً ومنطقيا ً..! وكل العالم شاهد ببث حي ومباشر الأهداف التي طالتها حمم الطائرات والبوارج والدبابات والمدافع… هل فعلا ً كان الهدف حماس.. وحماس فقط .!
أم أن الصواريخ شملت كل أطياف الشعب الفلسطيني ..!
وهل المقاتلين الذين صمدوا وصدوا وضحوا وقاتلوا واستشهدوا…هل جُلَهم من حماس …!! بارك الله بمقاتلي القسام ولكن ماذا عن الجهاد الإسلامي وكتائب القصى وأبو الريش وصلاح الدين واللجان الشعبية وكتائب أبو علي مصطفى وكل أبناء التنظيمات الوطنية..!
ماذا عن أبنا فتح من الكتائب وغيرها ..! ماذا عن العمليات النوعية التي اعترف بها العدو التي قام بها أبطال الكتائب الفتحاوية..!!وماذا عن ثمانين شهيداً من كتائب الأقصى الذين سقطوا في غزة ..!!
وإذا كان هناك انتصار..! فالمنتصرون هم من ناضلوا واستشهد منهم من أستشهد وأصيب منهم من أصيب أوحتى تم أسره “
أليس من المعيب أن يردد البعض أن حماس وحدها
قاومت وانتصرت ..!!!
ونقول هنا إن أي ادعاء للإنتصار يخرج عن إطار المقاومة الشجاعة والصمود والشموخ الشعبي للرجال والنساء والأطفال يكون محض افتراء” ولنا في أمثال الطفل أحمد الذي قال (هذا أكبر حصار لإسرائيل ) والطفلة جميلة وهي تتحدث بكل كبرياء وقد بترت اطرافها “ والطفلة إبنه آل السموني التي قالت (نحن لن نغادر أرض المحشر والمنشر) لنا في كل هؤلاء وغيرهم أكبر صورة وعبرة للنصر إن كان هناك أي نصر
وعدا ذلك يكون مجرد هراء وضحك على الذقون ليس إلا..
قلنا ونقول انتصرت غزة وهُزَمت إسرائيل
والهزيمة لإسرائيل كان من خلال الإنحطاط الأخلاقي والإنساني بما قامت به من قتل لكل ما طالته قنابلهم وصواريخهم دون تمييز
(( قيادة السلطة وقيادة حماس ))
لا ندري كيف سيتم التصالح بين هذين الطيفين إن صح التعبير ..! لا ندري وكل طرف أصبح يتخندق في خندقه وهو يطلق النار على الآخر
لا ندري وكل طرف يطلق العنان لنفسه بإطلاق التهم والتخوين الذي وصل إلى حد الفجور …!
هل شعبنا الفلسطيني مجرد مجموعة من الأصنام أو قطعان من الأغنام (ماع ..ماع )!!!
وكيف سيثق الشعب بقياداته سواء ً في السلطة أوفي حماس ..!
وهذا يقول ..( أنتم تنفذون أجندات إقليمية إيرانية ) ….
وذاك يقول..( أنتم تنفذون أجندات أمريكية صهيونية )
في رام الله لا يعترف أحد بالمقاومة ولا بالصمود حتى أن أحداً لم يذكر بطولة مقاتلي فتح ” اللهم سوى التباكي على ما دمر العدو وقتل وحرق” ويلقي باللوم على حماس بأنها السبب متجاهلا ً أن إسرائيل هي سبب كل مصائبنا وسبب ثورتنا حتى نحن في فتح منذ نصف قرن
وفي دمشق يقف خالد مشعل يقول ….
(إنتصرت حماس ولا يحق لأحد أن يتحدث أو يطالب بشيء إلا حماس) ويضيف …( هي مؤآمرة شاركت فيها السلطة )
وفي الدوحة يقف نافشا ً نفسه كالطاووس ليعلن عن مرجعية جديدة ..!
ومنظمة التحرير ما كانت إلا الإطار الجامع لكل قوى الشعب الفلسطيني فمهما تم التفسير بعد ذلك ماهو إلا تراجع لما لاقت هذه الدعوة من إستنكار.
أي انتصار تنفرد به حماس ونرى هذا الظلم الذي وقع على بعض أبناء فتح في غزة وهم من أسس الثورة والنضال منذ أكثر من نصف قرن وهذا باعترافهم أنفسهم ..!!
أي انتصار تحتكره حماس لنفسها وهي تفرق الصف الفلسطيني في غزة وفي الوطن والشتات ..!!
أما السلطة ..!!
أي سلام تدعيه السلطة وهي باعترافها أنها أضاعت عقداً من الزمن دون طائل مع عدو حاقد مجرم وتعيب على من يقاوم الإحتلال !!!
منظمة التحرير…! نعم وألف نعم لمنظمة لتحرير” ولكن على القائمين عليها أن ينفضوا عنها غبار الزمن ويكنسوها من الفاسدين ويعيدوا لها مكانتها من خلال العمل الجاد والمخلص في إعادة هيكلتها وتأهيلها وتطويرها وضم كل أطياف العمل الوطني ضمن برنامج يتفق عليه الجميع
أما أن نقول منظمة التحرير ومن لا يعترف بها لن نحاوره …!
فهذا كلام بعيد عن الحكمة والإقتدار
ومن يعتبر نفسه قائدا ً فعليه أن يكون على قدر المسؤولية ويستوعب الجميع ولا يكون نداً ولا خصما ً لأحد
وكما يقال …لا يعالج الخطأ بخطأ ” فما جرى من تفاعل وتصريحات من قبل بعض القادة كرد على مشعل لم يكن في أكثره ضرورياً لا بل كان بعضه فشة خلق لا ترتقي إلى حجوم من قاموا بها ولا مكانتهم
أخيراً نقول ……الوحدة الوطنية الفلسطينية هي مطلب كل فلسطيني على امتداد الوطن والشتات …وإذا لم يتداعى أصحاب القضية أنفسهم للتلاقي والتفاهم ” فهل يجب أن ننتظر العالم الذي ساعد إسرائيل للم شملنا أمام فشل الوساطات العربية التي لم تفلح رغم الكارثة التي حصلت ..!!
الآن ……هناك مشروع تهدئة ستوقعه حماس لفترة زمنية محدودة ” وسمعنا الأخ أبو مازن اليوم يقول أمام الأوروبيين لن نصبر إلى الأبد على اسرائيل وهي تماطل وتضيع الوقت وسننتظر لفترة محدودة وحذر قائلا ً أن شعبنا سيتخذ موقفا ً أمام التعنت والإجرام الإسرائيلي ربما سيحول المنطقة على خراب ودمار وخاطب الأوروبيون بأنهم يتذكرون الحرب العالمية وما سببته لهم من هلاك
هنا علينا ان نتوفق أمام الحالتين ونقول ….ألا يوجد هنا قاسم مشترك يجمع الطرفين ..!!
أعتقد من هنا نستطيع أن نضع لَبِنَة من لبناتٍ يُمكن أن تتراكم في المستقبل القريب مما يُمَكِنْ جمع حماس مع منظمة التحرير الفلسطينية
شعبنا يتوق لرؤية جميع الفصائل تتوحد تحت مظلة المنظمة لإن المنظمة يجب أن تبقى ويتم إصلاحها لأنها تمثل الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده في العالم
وهذا يُثبِتْ حق العودة الذي يراهن العدو على شطبه