فتحي درويش /غزه
الدعوة التي اطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل في الدوحه، لتشكيل مرجعية سياسية بديلة عن منظمة التحرير،الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين المعترف به عربيا ودوليا ،لن تودي في نهاية المطاف الا الى تعميق حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية ، وخلق المزيد من العقبات امام الحوار الوطني الفلسطيني ، واغراقه بالشروط والشروط المضادة ،وتبديد المكتسبات التي حققها صمود اهلنا في غزه ابان الحملة العسكرية الاسرائيلية الشرسة علي القطاع ،والتي كان يمكن استثمارها في اعادة بناء الحالة الفلسطينية و ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل.
بل وتعطيل الجهود المصرية الهادفة الى تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، ومعالجة الملف الفلسطيني بكل تشعبانه ،عبر المبادرة المصرية المدعومة عربيا ودوليا.
والمؤسف ان حركة ” حماس “تتعامل بانتقائية مع هذه المبادرة ، حيث تركز على موضوع التهدئة مع اسرائيل ، في الوقت الذي تتجاهل فيه المسالة الاهم بهذه المبادرة وهي المصالحة الوطنية ،وتعمل على اعاقتها و تعطيلها بشتى الوسائل.
ومن الطبيعي والحالة هذه ،ان تلجا فصائل المنظمة الي اشتراط الاعتراف بمنظمة التحرير ، كشرط مسبق للحوار مع حركة ” حماس ” ،لانه لا يمكن لاي طرف سياسي ان يتحاور مع طرف سياسي اخر لايعترف بمكانته وبشرعيته .
“جبريل والمنظمه”
دعوة مشعل سبقها هجوم عنيف من قيل احمد جبريل الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامه –على منظمة التحرير، التي اتهم فصائلها بالغياب الكلي عن ساحة المعركة في غزه ،وعدم القيام باي دور في مواجهة العدوان الاسرائيلي المتواصل لاكثر من ثلاثة اسابيع على غزه ،الامر الذي يشير الي ان الحملة على المنظمة كانت منسقة وبشكل مسبق ، من قبل” حماس ” والفصائل الاخرى المنضويه تحت لواء ما يسمي ب ” التحالف الوطني ” التي تتخذ من دمشق مفرا لها ،باستثناء حركة ” الجهاد الاسلامي “التي عبرت عن رفضها لتشكيل قيادة بديلة.
وبعيدا عن المزايدات الحزبية والفصائلية ، اود ان اقول ان الغائب الاكبر عن ساحة الحرب والفعل الحقيقي في غزه ،كان تنظيم -القيادة العامة- الذي يتراسه احمد جبريل ،والذي لا يتمتع باي وجود سياسي او عسكري حقيقي في غزه ،والذي لم يراه او يسمع بصوته احد في غزه خلال الحرب العدوانية على القطاع .
“التدخلات العربيه والاقليميه”
سوريا التي تاوي الفصائل المعارضة لمنظمة التحرير ،حاولت ابعاد الشبهة عن نفسها، من خلال تسريب خبر انفردت بنشره صحيفة “الصناره” الصادرة في الناصرة في الاراضي المحتله عام 48 ونقلته عنها الصحف العربية والفلسطينية، وهذا الخبر يقول: ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، استدعى موسي ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” وطلب منه تفسيرا للتصريحات التي ادلى بها خالد مشعل في قطر، وان التصريحات اللاحقه لقادة ” حماس “حرصت على نفي وجود نوايا لدى الحركة لتشكيل قيادة بديلة عن منظمة التحرير ،رغم التصريحات الواضحة لزعيم “حماس”.
فيما يستمر تدخل ايران وقطر في الشان الداخلي الفلسطيني، وتغذية الانقسام القائم في الساحة الفلسطينية ،خدمة لاجندات خاصة لاتخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية.
“يافطه بلا اعمده”
من الناحية العملية، الدعوة الجديدة التي اطلقها خالد مشعل لايجاد مرجعية بديلة ،ليس لها أي حظ من النجاح، ليس فقط لان هذه الدعوة مرفوضة فلسطينيا وعربيا ودوليا، ومن قبل بعض قادة “حماس” الذين اعربوا عن رفضهم لفكرة القيادة البديلة، لان الساحة الفلسطينية لا تحتمل المزيد من الانقسامات، بل ايضا لان ” التحالف الوطني “الذي يضم القوى المتحالفة مع “حماس” هوعبارة عن يافطة بلا اعمدة او هيكل عظمي لا يقوى علي حمل توجهات كبيرة من النمط الذي تسعى اليه
“حماس”.
“حماس”.
واذا استثنينا حركتي “حماس “والجهاد الاسلامي”، فان بقية قوى هذا التحالف لم يعد لها أي تاثير يذكر، بعد ان تلاشت وتحولت الى “جثث” سياسية هامدة لا تقوى على الحركة، بل اصبحت عبئا على الساحة الفلسطينية والعمل النضالي الفلسطيني .
” التخبط وعدم الاتزان “
ان الدعوة التي اطلقها زعيم حركة “حماس” تاتي في اطار حالة النخبط وعدم الانزان التي تمر بها الحركة منذ فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، ومنذ بدء فرض الحصارالدولي والاسرائيلي الخانق على غزه، هذه الحالة التي ادت الى فقدانها لبوصلة الاتجاه الصحيح، ودفعت الحركة الى الانقلاب على الشرعية الفلسطينية عام 2007، وخوض صراعات جانبية مع مصرالتي اتهمت بالمشاركة في حصار غزه، والسعوديه التي كيلت لها شتى التهم، والسلطة الفلسطينية التي اتهمت بالتواطؤ مع الاحتلال في الحرب على غزه ،في الوقت الذي ك
انت فيه كل الجهود الفلسطينية والعربية منصبة على وقف العدوان ورفع الحصار الظالم عن القطاع.
انت فيه كل الجهود الفلسطينية والعربية منصبة على وقف العدوان ورفع الحصار الظالم عن القطاع.
لذلك فان قيادة “حماس” مطالبة باجراء مراجعة سياسية نقدية لكل مواقفها السابقة، منذ نجاحها في الانتخابات وحتى الان، والاحتكام الى المصلحة الوطتية الفلسطينية ووضعها فوق كل الاعتبارات، لان الوقت اصبح ضيفا والخيارات باتت محدوده.
ونحن كفلسطينيين ليس امامنا أي خيار اخر سوي استمرارالحوار الوطني الهادف والشامل والبناء ،لتعزيز الوحدة وحل الخلافات فيما بيننا على طاولة الحوار، بحيث يكون هذا الحوار شاملا لكافة القضايا الخلافيه. وعلى القيادة الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ان تبدي حزما اكبرفي الدفع نحو تطبيق الاصلاحات المطلوبة لبنى المنظمة ، وتطوير وتجديد وتفعيل اطرها وفق اتفاقية القاهرة عام 2005 ووثيقة الوفاق الوطني، والدفع باتجاه تشكيل حكومة ” نوافق وطني “تكون مهمنها الرئيسية التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، وقيادة دفة الاعمار في غزه.
يذكر التاريخ الفلسطيني المعاصر الكثير من المحاولات التي بذلت للقفز عن وحدانية التمثيل، وتجاوز دور منظمة التجرير، والاطر التي صيغت لهذا الغرض، بدءا من تشكيل “جبهة الرفض “ومرورا ب ” جبهة الانقاذ “وانتهاءا ب “التحاف الوطني” القائم حاليا، لكن هذا التاريخ لم يذكر ولو لمرة واحدة نجاح اية محاولة من هذا القيبل ،بسبب الرفض الفلسطيتي المطلق لكل هذه المحاولات ،والاستماتة في الدفاع عن القرار الوطني المستقل.