محمد أبو علان
” هذه الانتخابات ستكون انتخابات على السلام، وسنثبت إن كُنا مستعدين للسير خطوة أخرى في هذا الاتجاه ، وهذا قرار مواطني دولة إسرائيل، الخيار سيكون إما دولة يهودية وإما دولة ثنائية القومية، حمامة السلام تقف على النافذة، بإمكاننا إغلاق النافذة في وجهها وحينها لن تكون، وبإمكاننا فتح النافذة لها وبهذا نتقدم في عملية السلام”.
بهذا الكلام المفاجئ عن عملية السلام بدأت زعيمة حزب “كديما” ومرشحته لرئاسة الحكومة القادمة الحديث في تجمع انتخابي عقدته مساء الاثنين في مدينة “هرتسليا”، هذا الخطاب السلمي يأتي في ظل عملية التراجع التي يشهدها حزبها في استطلاعات الرأي العام الإسرائيلية التي تبشر “لفني” بخياران افضلهما الدخول في حكومة برئاسة “الليكود” وأسوئهم رئاسة كتلة المعارضة لهذه الحكومة برفقة شريكها في جرائم حرب غزة “يهود براك”.
وقد يكون هذا “الاندفاع” المفاجيء تجاه عملية السلام المزعومة من قبل “تسيبي” لفني” مردة محاولتها اختراق ما يعرف نظرياً بجمهور اليسار من الناخبين الإسرائيليين بالدرجة الأولى بعد سيطرة حزب “الليكود” وحزب “إسرائيل بيتنا” على ساحة اليمين المتطرف من بين الناخبين الإسرائيليين ولم يعد لديها ما تفعله في تلك الساحة قبل سبعة أيام من موعد الانتخابات الإسرائيلية.
وقد يكون جذب جزء من الأصوات العربية لحزبها بعد النقمة التي تولدت عليها وعلى حزبها بين المواطنين العرب نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أحد أهداف مثل هذا الخطاب، ولمواجهة الحملة التي أعلنتها الأحزاب العربية تحت شعار “كل صوت لحزب كديما هو رصاصة في صدور أطفال غزة”.
وكيف يمكن ل ” تسيبي لفني” أن تتحدث عن السلام مع الفلسطينيين، وعن “فرصة السلام” التي يجب عدم إضاعتها ودماء أطفال غزة لم تجف بعد من على يديها الملطخة بهذه الدماء، فحمامة السلام التي تتحدث عنها هي وحزبها قد دفنت مع أشلاء أطفال وشيوخ ونساء قطاع غزة، وبين حطام المنازل وركام والمؤسسات والمساجد والمدارس والمستشفيات التي دمرتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي بالآلف الأطنان من القنابل والأسلحة المحرمة دولياً.
وحتى خطاب السلام التي تدعي “تسيبي لفني” إنها تسعى لتحقيه هو سلام تفوح منه رائحة العنصرية والدعوة للتهجير والترانسفير للمواطنين العرب عبر قولها ” الخيار سيكون إما دولة يهودية، وإما دولة ثنائية القومية”، ومفهوم الدولة اليهودية لا يحتاج لتفسير.
وهذا الموقف يأتي في ظل غياب موضوع السلام مع الشعب الفلسطيني وبشكل مطلق عن حملة الدعاية الانتخابية لكافة الأحزاب الإسرائيلية، بل على العكس امتازت هذه الحملة بالعنصرية ضد المواطنين العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948 ، وركزت على التحريض ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة،”أفيغدور ليبرمان” طالب بتدمير قطاع غزة بقنبلة ذريه كتلك التي ألقاها الأمريكان على مدينة “هيروشيما” اليابانية، ودعوا في الوقت نفسه لضرورة دعم وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ولم تخلو دعايتهم الانتخابية حتى من الندم والبكاء على أطلال المستوطنات التي أزيلت من قطاع غزة، وتوجت هذه المواقف بتعهد “نتنياهو” بعدم إخراج أي مستوطن من الضفة الغربية طيلة فترة حكمه القادمة إن هو فاز بالانتخابات القادمة، وفي ظل هذه المواقف سيطول انتظار كل من ينتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة لمعاودة إحياء عملية السلام.