علي دراغمة
الغيبوبة هي حالة اللاوعي التي يدخل فيها الانسان وقد يرجع الى وعيه وقد لا يفيق وقد تؤدي إلى وفاته، هذا التفسير الطبي ربما ينطبق على حالة منظمة التحرير الفلسطينية التي اصبحت هدف لصقور حركة حماس الذين استغلوا حالة السبات للمنظمة منذ اتفاقيات اوسلو والمطالبة بتشكيل مرجعية بديلة للمنظمة.
لم تكن حكاية تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بقرار ناصري عربي في مؤتمر الاسكندرية سنة (1964) سوى مخرج طبيعي للحالة الفلسطينية بعد(16) عاما على النكبة وتهجير الفلسطينيين في شتات الارض ومحاولات الاحتلال محو الذاكرة الفلسطينية وجعل القضية الفلسطينية تبدو وكأنها قضية لاجئيين وحقوق انسان فقط .
الا ان منظمة التحرير شكلت كيان جامع لكل الفلسطينيين وحافظت على الهويه الفلسطينية في مواجهة مخاطر الطمس والضياع والاقتلاع، ووقفت في وجه حالة الذوبان للثقافة الفلسطينية في محيطها العربي، خاصة بعد ان دخل معظم الفلسطينيين في تيارات قومية واسلامية او انخرطوا ضمن احزاب عربية عملاقة في حينه ،هذا أهلها لأن يحسب لها حساب كطرف رئيسي من الاصدقاء والاعداء في المعادلات الدوليه.
ومن اهم المحطات للمنظمة
– هو تأسيسها وأنعقاد المؤتمر الفلسطيني الاول في مدينة القدس بتاريخ (28/5/1964)حيث أعلن “قيام منظمة التحرير الفلسطينية قيادة معبئة لقوى الشعب العربي الفلسطيني لخوض معركة التحرير ودرعا لحقوق شعب فلسطين وامانية وطريقا للنصر”
– المصادقة على الميثاق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية وعدده (29) بندا
– المصاقة على النظام الاساسي وعدد بنودة (31) بندا واللائحة الداخلية للمجلس الوطني والصندوق القومي الفلسطيني .
– انتخاب السيد احمد الشقيري رئيسا للجنه التنفيذية وتكليفة بأختيار أعضاء اللجنة التنفيذية و وعددهم (15) عضوا .
– يصبح المؤتمر بكامل اعضائه أل (397)عضوا المجلس الوطني الفلسطيني الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية .
وبعد هذا الانجاز بدأت الفصائل الفلسطينية بالخروج من رحم المعاناة في دول الشتات لتعلن حركة فتح عن انطلاقتها بعد ستة اشهر من تأسيس منظمة التحرير وتتوالى ولادة الفصائل الفلسطينية التي شكلت فيما بعد ركائز المنظمة التي استمرت في العمل بشكل متواصل حتى انشاء السلطة الفلسطينية التي بدأت تأخذ الدور من المنظمة لتدخل المنظمة في غيبوبتها حتى اعلان خالد مشعل توجه حركة حماس ومعها بعض الفصائل الصغيرة المدعومة من بعض الدول الاقليمية الى ايجاد مرجعية بديلة عن منظمة التحرير، علما ان حركة الاخوان المسلمين التي وجدت قبل المنظمة لم تحاول ان تخلق إطار جامع للفلسطينيين ولم تدخل في منظمة التحرير ولم تعترف بها منذ تأسيسها ،
فهل يعود للمنظمة دورها التاريخي الذي اسند اليها بعد هذا التغييب؟ وهل تتراجع السلطة عن مصادرة هذا الدور؟ وهل سيمر تاريخ تأسيس منظمة التحرير دون ان يتذكرها احد مثلما حصل في الذكرى السابقة ؟.