لا أعرف كيف شعر أبو الغيط عندما سمع رد الفارس طيب رجب أردوغان على كلمة الرئيس الصهيوني في منتدى دافوس الاقتصادي. هل ستأخذه قشعريرة الخجل أمام نبل وشجاعة رئيس الوزراء التركي، أم أن منصبه وطول تعامله مع العدو وإتقانه الخضوع للصهاينة أمات فيه الشجاعة التي يتمتع فيها الشعب المصري العريق.
وكان أردوغان، قد علق على مداخلة الإرهابي بيريز وقال له” سيد بيريز أنت أكبر مني سنا وقد استخدمت لغة قوية أشعر أنك ربما تشعر بالذنب قليلا لذلك ربما كنت عنيفا، أنا أتذكر الأطفال الذين قتلوا على الشاطئ وأتذكر قول رئيسي وزراء من بلدكم إنهما يشعران بالرضا عن نفسيهما عندما يهاجمان الفلسطينيين بالدبابات.
وأضاف “أشعر بالحزن عندما يصفق الناس لما تقوله لأن عددا كبيرا من الناس قد قتلوا، وأعتقد أنه من الخطأ وغير الإنساني أن نصفق لعملية أسفرت عن مثل هذه النتائج”.
تأملوا في هذا الكلام الذي يقوله رئيس وزراء تركيا متأثراً بالجريمة الصهيونية والاعتداء البربري على فلسطين. بينما يفاخر أبو الغيط، وليته لم يفعل، بأن بلاده هي من أفشل قمة غزة في الدوحة، وقال بملء فيه، نحن من أفشلنا قمة الدوحة ، مصر أولا وفلسطين ثانيا ، من يزايد على مصر هنكسر رجله وهنقطع ذراعه ، أبلغت الرئيس بشار الأسد ووزير خارجية قطر أن بيان الكويت لن يتضمن أي إشارة لنتائج لقمة الدوحة وقلت لهما بكل قوة مش هيمشي أي بيان في هذا الصدد “، لقد افتخر وزير خارجية مصر، بأن بلاده كانت وراء عدم اكتمال النصاب القانوني في قمة الدوحة، بل وفاخر بأن بلاده هي التي قاتلت للتوجه إلى مجلس الأمن.
إن أبو الغيط يعلم تماماً، حاله في هذا كحال عمرو موسى، أن مجلس الأمن سيسعى إلى تعطيل أي قرار ضد وقف الحرب أو الإساءة للصهاينة، ولهذا أراد الوزير توجه العرب إلى مجلس الأمن كسباً للوقت ولإعطاء الصهاينة فرصة لإبادة جزء من الشعب الفلسطيني، والمساهمة بالتالي في تصفية القضية الفلسطينية كلها. ولهذا كان من الطبيعي أن تتوجه مصر حسني مبارك لإجهاض قمة الدوحة، لأن تلك القمة كانت ستعري مواقف دول الاعتدال العربي على الملأ، وستحرج مصر وغيرها أمام حليفها الأكبر في تل أبيب و البيت الأبيض في واشنطن.
نسي أبو الغيط أن مصر ساهمت مساهمة مباشرة بحصار غزة على مدار سنين عدة، وأنها لعبت أكبر دور في شق الصف العربي منذ زيارة السادات المهينة إلى الكيان الصهيوني واعترافه بهم.
تكلم أبو الغيط في تصريحاته الأخيرة، أن مصر أولاً وفلسطين ثانياً، وأن مصر فوق الدنيا بمن فيها وأن المهم أمن مصر القومي وقبل أمن فلسطين وغيرها، فمصر اختارت السلام طريقاً وهدفها الأول هو التنمية وهو ما تقوم به مصر اليوم.
مسكين أنت يا أبو الغيط، فالعالم كله، حتى أصحاب مصر في الكيان الصهيوني، يعلمون أن عهد الحكومة المصرية الحالي رجع بمصر عشرات السنين للخلف ولم تتقدم مصر في عهد حسني مبارك ولو قيد أنملة، بل خسرت للأسف دورها في المحيط العربي وبشكل واضح. فعن أي تنمية يتكلم أبو الغيط، هل يتكلم عن حرائق المؤسسة التشريعية في مصر، حيث لم يجد رجال الإطفاء مضادات الحريق، أم يتكلم عن آلاف الشهداء الذين قتلتهم الحكومة المصرية بإهمالها في تصادم القطارات وغرق العبارات، وسقوط الطائرات. لا أعلم إذا كان أبو الغيط يرى الأخبار ويعرف حال المواطن المصري العظيم والشريف، الذي لا يجد اليوم خبزاً يأكله. لقد كان المصري يقف في الطابور ليحصل على الدجاج، أما في عهدكم يا أبو الغيط فالمواطن يجاهد للحصول على رغيف الخبز. لا أعرف إذا كان أبو الغيط يقيس التنمية بزيادة عدد فنادق البغاء التي تستقبل وتخدم الصهاينة في سيناء، أو عدد المصابات بمرض الإيدز، اللاتي يدخلن مصر قادمات من الكيان الصهيوني وتشجيع السياحة الجنسية في بلاده. وليت أبو الغيط يخبرنا عن التنمية التي يقصدها أو أن يكف عن قول ما لا ينطلي على الصغير قبل الكبير.
وعن أي أمن قومي يتحدث أبو الغيط، فالصهاينة يقتلون كل يوم مواطناً مصرياً أو جندياً على الحدود مع فلسطين ولم نر أي ردة فعل من الحكومة المصرية التي ستكسر رجل كل من يدخل الأراضي المصرية طبعا فقط من الفلسطينيين. أي أمن قومي يا وزير الخارجية وحكومتك لا تستطيع أن
تحرك جندياً على حدودها دون موافقة الحكومة الصهيونية. أي أمن هذا، وليفني تعلن من القاهرة أنها ستبيد جزءاً من شعب فلسطين فلا تنبس سيادتك أمامها ببنت شفة. وهل ينفصل الأمن القومي المصري ، أيها الرجل، عن الأمن القومي لفلسطين أو أي بلد عربي، أم أنك لا تستطيع القول أن الحكومة المصرية لم يعد لها أي وزن في العمل العربي والإقليمي فلم تجد حلاً للعودة إلى هذا الدور إلا المرور من بوابة الصهاينة والإساءة للأمة العربية وتاريخها الطويل.
تحرك جندياً على حدودها دون موافقة الحكومة الصهيونية. أي أمن هذا، وليفني تعلن من القاهرة أنها ستبيد جزءاً من شعب فلسطين فلا تنبس سيادتك أمامها ببنت شفة. وهل ينفصل الأمن القومي المصري ، أيها الرجل، عن الأمن القومي لفلسطين أو أي بلد عربي، أم أنك لا تستطيع القول أن الحكومة المصرية لم يعد لها أي وزن في العمل العربي والإقليمي فلم تجد حلاً للعودة إلى هذا الدور إلا المرور من بوابة الصهاينة والإساءة للأمة العربية وتاريخها الطويل.
أي أمن قومي ذلك الذي يتحدث عنه أبو الغيط، ولم تراع الحكومة الصهيونية أي اعتبار لمصر عندما واصلت العدوان على فلسطين ولمدة اثنين وعشرين يوماً، ولم تلفت للمبادرة المصرية، ولما شعرت القيادة الصهيونية بحرج موقفها أمام ثبات المقاومة أعلنت انسحابها من الحرب، وهنا صرخ الرئيس حسني مبارك أنا من أوقف الحرب على غزة، ووالله ما التفت له أحد وما سمع رأيه أحد.
لقد اختار أبو الغيط، وهو الذي قال ذلك، الوقوف ضد بيان قمة الدوحة، وذلك لإرضاء الرئيس الأمريكي الجديد، فقد بين الوزير، كعادته، حرصه على العدو أكثر من حرصه على الشقيق فهو لا يريد أن ينتصر لفلسطين ولو بالعبارات بل لا يريد كما قال، أن يعلق المبادرة العربية للسلام ويرميها في وش الرئيس الجديد.
وبعد كل هذا، يقوم جهاز أبو الغيط في مصر وبعض الصغار من حوله بقذف الاتهامات يميناً وشمالاً لكتاب شرفاء واتهامهم بأنهم يحاولون تشويه صورة مصركما يفعلون ضد الأستاذ عبدالباري عطوان.
عجباً يا أبو الغيط، كل هذه التصريحات التي ذكرتها بلسانك لا تشوه صورة مصر، فمن يشوه صورة مصر إذاً؟ لقد كنت أنت وحكومتك أول من شوه صورة مصر وقلل من شأنها، بل وساهمتم بتشويه صورة الشعب المصري العريق وتاريخه الذي لا يندثر. فهل يعقل أن يتهم الذي يطالبون برفعة بلادكم وعزتها وعودتها إلى تاريخها المجيد بتشويه صورة مصر ولا تتهم الحكومة المصرية بذلك، وهي التي عملت منذ ثلاثين سنة على حماية أمن الصهاينة والدفاع عنهم في كل محفل. يكفيك أنك تشوه صورة مصر باستخدامك الصغار من الفساق والشواذ للهجوم على كتاب قضوا عمرهم يدافعون عن فلسطين بل ويدافعون عن مصر وصورتها وكرامتها.
صدقني يا أبو الغيط، فلو اجتمع كل مشوهي الصور من متآمرين وأعداء وخونة وعملاء وحاقدين على مصر ووصلوا الليل بالنهار لتشويه صورة مصر ما وصلوا إلى ما وصلت إليه أنت في هذا العمل من خلال قيادتك لوزارة الخارجية.ولا حول ولا قوة إلا بالله