المحرقة القادمة لفلسطينيي ال 48 ! الدكتور عدنان بكرية لا أبالغ إذا قلت انه ينتابني القلق إزاء ما قد يتأتى بعد العدوان الهمجي على غزة وما رافقه من محارق ومجازر بحق أبناء شعبنا .. وبعد أن تجاوز قادة إسرائيل كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية والسياسية ! فلم يعد هناك محرمات في قاموس الصهيونية ولا يوجد قوة عربية أو عالمية تكبح جماح شهوة الاعتداء والبطش التي تسيطر على غريزة قادة الدولة العبرية ! قلقي له ما يبرره، ليس فقط العدوان بحد ذاته، إنما ما رافق هذا العدوان من تأييد شعبي إسرائيلي كاسح عبّر عن طبيعة المجتمع الإسرائيلي الذي رضع من حليب العداء للعربي وبات فريسة للدعاية الإعلامية الصهيونية المضللة وأكثر تشددا وتطرفا من قيادته الحالية! كيف لنا أن نفهم صمت الشارع الإسرائيلي على ما يقوم به قادته العسكريين والسياسيين ؟وكيف يمكننا أن نفهم تقبله وتأييده لقتل الأطفال وحرق الأخضر واليابس ؟! وكيف لنا أن نفهم الإجماع الشعبي الإسرائيلي على ضرورة الاستمرار في العدوان وهذا بدا جليا في ارتفاع أسهم اليمين المتطرف الذي يتبنى هذه الفكرة في استطلاعات الرأي الأخيرة ؟! العدوان على غزة كان المجس لطبيعة ووجهة المجتمع الإسرائيلي وباعتقادي أن هذا المجتمع لا يتجه نحو إحداث تغيير جوهري وحقيقي في سياسة الأحزاب التي تقوده وهو غير ناضج لتقبل الخيارات السلمية كمخرج من أتون المحارق التي تلتهب هنا !كل هذا بسبب غياب الإعلام العربي وسيطرة الإعلام الصهيوني المضلل .. كل هذا بسبب الثقافة العنصرية التي تُصب في أذهان المجتمع .. كل هذا بسبب اللامبالاة والتواطؤ الفلسطيني والعربي وبسبب غياب مشروع عربي ردعي يلجم شهوة البلطجة والقتل والتدمير! التقرير الذي أعده مركز حقوق المواطن قبل سنة يعبر عن العنصرية المستشرية داخل المجتمع الإسرائيلي ! 55 بالمائة من المواطنين اليهود يؤيدون التهجير للعرب من وطنهم 78بالمائة يعارضون وجود العرب داخل الحكومة… 55 بالمائة يعتبرون العرب قذرين وأغبياء 75… بالمائة لا يرغبون في السكن مع العرب في بنايات مشتركة ! ليس لدي أدنى شك من أن هذه المعطيات ارتفعت اثر العدوان على غزة وهذا يؤكده ارتفاع أسهم ممن ينادون بضرورة الحفاظ على نقاء الدولة “العبرية “والبحث عن سبل لتحاشي الخلل الديموغرافي الذي يحدثه عرب ال 48 ! نغمة الانتقام من فلسطينيي ال 48 وعمليات الاستفزاز لا تخيفنا ولا تقلقنا بقدر ما تقلقنا امكانية اقدام حكام الدولة على عملية تهجير جماعية على نمط ما حصل عام 48 فهذه النغمة نسمعها بين الفينة والأخرى من قادة الدولة الرسميين وتلاقي تأييدا شعبيا كاسحا ! ارتفاع أسهم وقوة اليمين المتطرف بقيادة (نتنياهو) واليمين الفاشي بقيادة (ليبرمان ) صاحب فكرة القاء قنبلة نووية على غزة ومهندس فكرة تهجير عرب الداخل .. واللذان وظفا محارق غزة ووجوب الاستمرار بها في دعايتهما الانتخابية لتعزيز قوة اليمين ورفع أسهمه… يترك أكثر من مؤشر خطير على ما ينتظر المنطقة … ويثير القرف والقلق في آن واحد ! وفي نفس الوقت يستنهضنا لقراءة المستقبل وما قد يحمله من ارتدادات على وضعية الأقلية الفلسطينية هنا والتي تتجاوز المليون ونصف المليون مواطن !وعلى وضعية ومستقبل الصراع العربي الإسرائيلي وبالتحديد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . قد نتجاهل التهديدات التي يطلقها الأفراد هنا فلقد تعودنا عليها ! لكن التصريحات التي يطلقها القادة الرسميين للأحزاب الإسرائيلية تدعونا للحذر والتيقظ والتهيؤ لما هو قادم (فتسيبي ليفني) أعلنتها أكثر من مرة وقبل شهرين بأن الكيان الفلسطيني (الكانتون )سيقوم.. وعندها سنقول للعرب هنا بأن مكانكم داخل الكيان الفلسطيني !وقبلها طالبت الدول العربية الاعتراف بيهودية الدولة كشرط لأي تقدم في “العملية السلمية “وهذا يعني تنقية إسرائيل من الفلسطينيين والذين بقوا في وطنهم وعلى أراضيهم عام 48. ليبرمان يتوعد ويهدد بترتيبنا بعد الانتخابات وكذالك نتنياهو يعلنها ‘ أقول لعرب إسرائيل: انبذوا المتطرفين من بينكم. وللمتطرفين أقول: احذروا، سنعمل بيد من حديد ضد مؤيدي حماس داخلنا’ فالتضامن مع شعبنا الذي يحرق بالفوسفور الأبيض واليورانيوم المخضب هو التطرف من وجهة نظر (نتنياهو) وهو عدم الولاء للدولة !أقولها ودون عوائق وبفم ملآن ودون تأتأة بأن واجبنا الأخلاقي والإنساني والوطني ،يحتم علينا التضامن مع أهلنا ودعمهم بمقومات الحياة والبقاء .. لا احد يستطيع التحكم بموقد مشاعرنا وأحاسيسنا.. لا ليبرمان ولا ليفني ولا نتنياهو! وحتى لو هددونا بالترحيل فإننا باقون هنا ما بقي الزعتر والزيتون ! نحن المواطنين الأصليين ولا شرعية لطائر يحلق في الفضاء دوننا ! نقول لهم “هنا على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم كشوكة الصبار .. كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل ” زمن الترحيل والتهجير ولّى الى غير رجعة وعليكم وقبل أن تفكروا بترحيلنا وتهجيرنا أن تجهزوا مليون ونصف المليون تابوت (بعددنا).. لأننا نفضل الموت على الرحيل ! لم يتعلموا من تجارب الماضي ولا من التاريخ وهم ماضون في نسج المخططات الهادفة الى (تطهير الدولة من العرب) حسب تعبيرهم ! نحن جزء من هذا الشعب شاء من شاء وأبى من أبى ! وفي نفس الوقت لا نخاطر ونغامر باختراق السقف القانوني نناضل وفق طاقاتنا وقدراتنا وهامش تحركنا !ولا نجازف ونرتكب الحماقات لأننا نعرف بأن لنا هنا ماض وحاضر ومستقبل واخوتنا في الفصائل الفلسطينية يتفهمون ظروفنا ويعون هذه الحقيقة . إن
ما أخشاه وبعد محرقة غزة أن تجازف القيادة الإسرائيلية وتقامر بمصيرنا مصير مليون ونصف المليون فلسطيني ممن بقوا في أرضهم !واخشي أن يعتلي سدة الحكم أمثال (ليبرمان) مهندس فكرة الترانسفير ومُقترح القاء القنبلة الذرية على غزة !فدخوله أي ائتلاف حكومي سيجعل مشروعه (التهجيري)الدموي سهل التنفيذ! إن تخوفي نابع مما حصل في غزة في أجواء صمت عالمي وتقاعس عربي ، وأصبح الحرق والقتل والتهجير شيئا عاديا بالنسبة للقادة الإسرائيليين (شُربة سيجارة ) كما يقول مثلنا !فهل يا ترى سيجسد ليبرمان مشروعه الترانسفيري ضدنا بالمحارق والبطش والقتل ؟! ان اكثر ما يقلق المؤسسة الحاكمة هنا هو الخلل الديموغرافي الذي سيحدثه فلسطينيي ال 48 مستقبلا وتحولهم الى اكثرية في اسرائيل وبالتالي فقدان طابع الدولة اليهودية ! لذا دأبوا على وضع المخططات لتحاشي هذا الخلل الخطير! واذا عجزت اسرائيل عن تحاشي هذا الامر فانهم لن يتورعوا عن تهجير جزء كبير من فلسطينيي الداخل بالقوة والبطش والقتل ! فهل المحرقة القادمة ستكون من نصيبنا ؟!سؤال يبحث عن جواب ! الدكتور عدنان بكرية كاتب من فلسطين ال 48 [email protected]