محمد الوليدي
أعتذر إليك بإسمي وبإسم كل عربي شريف أحترق من هذا الذل ، أعتذر إليك عن ثورتنا العربية الكبرى ضد دولتكم – دولتنا ، أعتذر إليك عن رصاصتنا الأولى التي قبل أن نطلقها على صدوركم ؛ أخترقت صدورنا.
أعتذر إليك عن جنوننا عن عمالتنا عن ردتنا ، ما كنا ندري بأنا سنظل بعد هذا العقوق ؛ يتامى في ظل سفاحين لا يرحمون أبدا ، ولا أن هذه الردة ستطول ، ولا أحد بمستوى نعل أبي بكر لها.
أعتذر إليك يا أردوخان عن كل قطرة دم عثمانية سالت على أرض العرب ، فقد كتب علينا منذ أن أرقنا دم الحسين أن نذبح كل من يأتي إلينا منتخياً، ومنذ أن سالت دماؤكم على أرض العرب وهي لم تعد لهم.
أعتذر إليك عن دموع أمهات تركيا اللواتي أثكلناهن بفلذات أكبادهن، وما كنا ندري بأنا سنثكل أمهاتنا سنيناً وسنيناً ..
” وعدنا عثمان بعاصمة التاريخ الأزلي .. فقدنا أبناؤنا فلذات أكبادنا هناك .. ولم نعد الا بالعويل والنواح .. يا يمن صحاريك كلها رمال متراكمة كثيفة .. ماذا أردتي من عزيزي وفلذة كبدي .. لا اعرف الطريق ولا اثر القدم والمسير .. يا يمن ان قلبي مشتاق لولدي
ان ولدي الشجاع سيفقد روحه .. وعندي ثلاثه ايتام ماذا اعمل .. وعروسة ابني مرضت ما ذا اصنع؟ “
من قصيدة تركية على لسان أم فقدت فلذات كبدها في صحاري العرب.
أعتذر إليك يا أردوخان فمنذ ذلك الحين وحياتنا عويل ونواح.
ما كنا ندري أيها العزيز بأن كرامتنا ستختزل في أكياس البن والدقيق الأنجليزية لرجال تلك الثورة الكبرى!
وما كنا ندري أن عزتنا ستظل حبيسة عباءة عودة أبو تايه ، وأن جهادنا سيكون رهن إشارة من أصبع لورنس العرب.
أما الأوطان فلها أثمان كأي سلعة ، وقابلة للبيع والأيجار والضمان ، وعلى لسان شريفنا : ” أدع أمر تقدير المبلغ الى حكمتها وعدالتها ” بالطبع حكمة وعدالة بريطانيا العظمى!.
رأيت يا أوردخان بعينك في ذاك المؤتمر الذي ركلته بقدمك ، رأيت كتلة من الذل في وجه من ( يمثلنا ) أمين جامعة الدول العربية!..
حين حرن مكانه ولم يلحقك ولو بخطوة عز واحدة ، لا تلمه فمنذ أن حاربناكم بحماقاتنا ونحن لم نذق طعم العزة أبداً، وحتى مبادئ الجاهلية الأولى التى علمونا أياها بدأوا يتخلون عنها ، فلم يعد يعني ما قاله هذا الشاعر شيئا : حكم سيوفك في رقاب العذل. وإذا نزلت بدار ذل فارحل. وإذا بليت بظالم كن ظالماً. وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل….
أعتذر إليك يا أوردخان ، وكم بودي لو تعود فأوطاننا محتلة ، ومقدساتنا أسيرة ، وثرواتنا منهوبة ، فتعال يا أردوخان أنقذنا من تلك الأيادي التي لاتعرف إلا تجارة النفط والدم .
قالت بريطانيا وقت الثورة : “أن تركيا دولة قائمة على الدين ؛ لذا سنقاوم الدين بالدين ” لذا رفعوا راية التوحيد عالياً ، ولكن على الطريقة الأنجليزية ، وتحت ظل هذه الراية يحرق كل شيء مقدس ، ونفسها التي أحرقت غزة بكل ما أوتيت من نفط..
تعال يا أردوخان ، فللعرب دينها الآن ولي دين.