فايز أبو راس
الاستشهاد بكلام الرئيسين (مبارك وعباس) كان درّة خطاب شمعون بيرس في ملتقى دافوس الاقتصادي ومع أن المواطن العربي و الإنسان الفلسطيني لم يكن بحاجة إلى المزيد من الدلائل والشواهد على الخلل والاعوجاج في السلوك عند قيادات محور الاعتدال العربي بخصوص موضوع غزة إلاّ أن الاستشهاد بكلام عباس ومبارك كان خشبة خلاص للصهاينة أمام العالم للتملص من تحمل المسؤولية عن نتائج جرائمهم في غزة ووسام عار وضعوه على صدر كل من عباس ومبارك .
منظمو منتدى دافوس كرّموا غزة بجلسة على هامش جلساتهم الاقتصادية جاءت على عكس ما كان يرجوه منظمو الجلسة فبدلاً من أن تُمتص نتائج المجازر لصالح إسرائيل صبت الزيت على نارها بسبب الكلام الذي تحدث به شمعون بيرس والطريقة الأوروبية المتعجرفة لمدير الجلسة التي حرمت رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) من الرد على كلام بيرس الذي ظهرت عليه العصبية والضيق ورفع الصوت أثناء الكلام في الجلسة وهو يسوق المغالطات مجاهداً لإظهار نفسه وكيانه العنصري بأنهم حمامة سلام وسط محيط من العداء وأنهم يكافحون على مدى ستين عاماً من الحصار والعزلة و العدائية وواجهوا سبعة حروب وانتفاضتين وإطلاق صواريخ.
رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان ) كان نجم الجلسة بامتياز فيما يتعلق بموقفه المبدئي ضد الظلم والجرائم الصهيونية في غزة وتزييف الحقائق أو فيما يتعلق بالكرامة الوطنية التي ظهرت بأجلى صورها في رفضه البقاء في مؤتمر لا يتوفر فيه الحد الأدنى من الاحترام لتركيا ورئيس حكومتها ودورها في الوقت الذي يسمح فيه لبيرس بأن يقول ما يشاء وبالطريقة التي يشاء ويصفق له الحضور بدلاً من إدانته, في حين أن أمين عام الجامعة العربية أدار الظهر لأي كرامة وطنية أو دفاع عن الحقوق بغض النظر عن بعض الكلام الايجابي الذي تحدث فيه عن غزة ومأساتها لكنه في النهاية حمّل الطرف الفلسطيني شيئاً من المسؤولية وبذلك فقد ساوى بين الجاني والضحية إضافة إلا أن خطابه بدلاً من أن يُكرس لغزة وملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة كان في جوهره تملقاً للإدارة الأمريكية الجديدة وتسويقاً للمبادرة العربية التي ماتت من سنين ولم تعد تحظى بالإجماع العربي اليوم بعد مؤتمري القمة في الدوحة والكويت والأسوأ من كل ذلك أن ممثل الجامعة العربية في خطابه تجاهل لغته القومية وتحدث بالإنجليزية كممثل لأحدى (دول الكومنولث) في موقف يفتقر إلى الاعتزاز القومي في الوقت الذي يعتز فيه كل الأشخاص الرسميين بلغاتهم القومية ويتحدثون بها, ولا عجب في ذلك لأنه لم يتحدث باسم الأمة ولكنه تحدث باسم أسياده -بعض القيادات في الأمة- التي تعمل لتحقيق أهداف العدوان على غزة عبر الابتزاز بعدم فتح المعابر وإنهاء الحصار وتحميل حماس المسؤولية عن العدوان .
بيرس والقادة الصهاينة اليوم يستعيرون كلام قادة دول الاعتدال وما يُنشر في صحافتهم ووسائل إعلامهم في إدانة المقاومة وحماس وتدمير الروح المعنوية للأمة والاستمرار في شق الصف الفلسطيني للاحتجاج به أيضاً في الدفاع عن أنفسهم وجرائمهم أمام العالم من جهة ولتبكيت المخالفين والمعارضين لهم داخل الكيان الصهيوني من جهة أخرى , إن ما جرى في دافوس مشهد يستدعي الوقوف عنده واستلهام الدروس والعبر منه فرئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) بموقفه في الجلسة المكرسة لغزة حاز على احترام شعبه الذي خرج لاستقباله في المطار مؤيداً ومتضامناً معه وحاز على احترام كل الشعوب العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص واعتذار إضافي من بيرس عن ما حدث, أما من استشهد بكلامهم بيرس فقد باؤوا بغضب واحتقار شعوبهم وشعوب الأمة العربية والإسلامية وعلى وجه الخصوص أهل غزة والشعب الفلسطيني إضافة إلى احتقار أعدائهم لهم, ومباركةٌ لهم أوسمة عارهم,وهنيئاً لك يا أردوغان عزك وانتصارك للحق والمقاومة .