لا نصر لأي من الفلسطينيين إلا بتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام
عبـد الكـريم عليـــان
عضو صالون القلم الفلسطيني
ليس من الحكمة عمل التنظير والفكر في أثناء المعركة، لأن المعركة تكون قد انتهت وأصحاب الفكر والعقل لم يبرحوا التأمل والتفكير بدون جدوى.. أو أي منهم يستطيع أن يقنع كل العاملين في الشأن العسكري..؟ كذلك ما لم يتحقق الهدف من المعركة مباشرة بعد انتهائها يكون الحديث عن تحقيق النصر هراء وغوغائية لا تفيد الواقع بشيء! انتهى العدوان الشرس على غزة، ولم ينتهي تماما..! والحقيقة الدامغة التي شهدها العالم أجمع هي: أن أهل غزة لم يحققوا شيء إلا مزيدا من المعاناة والقسوة، ومزيدا من الدمار في الشجر والحجر والبشر ما لم يقدر ولا يحصى.. وبقي الصمود الأسطوري الذي سجله شعب غزة هو المنتصر الوحيد في هذه المعركة، كما في كل المعارك السابقة..
قبل الحديث عن نتيجة العدوان علينا أولا أن ننحني إجلالا وإكبارا لأرواح الشهداء الذين قدموا أنفسهم قربانا على مذبح الحرية والاستقلال، وعلينا أن نصلي من أجل الشفاء العاجل للجرحى، وأن يلهم الله الصبر والسلوان للثكلى، والإفراج العاجل لكل الأسرى… ونقدم الشكر الجزيل لكل الشرفاء الذين وقفوا متضامنين ومساندين لشعبنا وقضيتنا. أما العدوان الغاشم الذي شنه الجيش الصهيوني مستخدما كافة أنواع الأسلحة الجوية والأرضية والبحرية على بقعة صغيرة من الأرض تسمى غزة لا يمكن أن يصدق، ولا يمكن لأي بقعة مماثلة على هذا الكوكب أن تتحمل تلك الضربات على مدى أربعة وعشرين يوما متصلة الليل مع النهار.. ولا يمكن الحديث عن معركة حقيقية دارت بين جيشين متقاتلين سوى بعض الكمائن التي نصبت هنا وهناك.. للتصدي لجيش الاحتلال المعتدي، من هنا لا يمكننا الحديث عن نصر، أو هزيمة لأي من الطرفين اللذين ادعيا النصر كل منهما على الآخر.. ولو قسنا مدى تحقق أهداف إسرائيل المعلنة؛ فأي منها لم يتحقق حتى نهاية العدوان وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، أما إذا افترضنا أن لإسرائيل هدفا خفيا من المعركة بترسيخ الانقسام الفلسطيني؛ فمؤشرات الإعلام من طرفي الانقسام (فتح وحماس) ازدادت تطرّفا وعدوانية بما لا يحتمل، وهذه الحملات إما لا تبشر بخير، وإما تكون وسيلة لاستنفاذ كل طاقتهما تمهيدا للمصالحة…
حالما انسحب الجيش الإسرائيلي من غزة كنا نعتقد أن حماس ستقول مثلما قال حزب الله بعد العدوان على لبنان بلسان القائد العام للحزب، حيث قال: “لو كنا نعرف حجم العدوان لما قمنا باختطاف الجنود الإسرائيليين..” لكن حماس فور انتهاء العدوان أعلنت النصر المبين.. أجل إنه النصر! نصر لأن غزة لم تمت.. نصر لأن عدد الشهداء والجرحى لم يزد.. نصر لأن حجم الدمار كان صغيرا مقياسا بحجم العدوان.. نصر لأن غزة لم تستباح ولم يعث فيها الجنود فسادا… أجل! من منا يكره النصر ولا نريد لإسرائيل أن تنتهي ويأكل السمك أبناءها..؟؟ المضحك المبكي هو قول السيد خالد مشعل: أن سوريا شريكة في النصر! لماذا لا تقول يا مشعل: إن النصر هو لسوريا، أو إيران فقط ! لا نعتقد يا سيد مشعل أن أهل غزة يوافقونك في ذلك.. ولا نعتقد أن أبناء غزة كانوا يقبلون بأن تكون سوريا التي تزج بعضهم في غياهب السجون، وأن سوريا التي ذبحت منهم الآلاف في تل الزعتر وبرج البراجنة هي: شريكة في النصر، يا سيد مشعل! أهل غزة يعرفون أن مظاهرات التضامن والتأييد التي نظمت في دمشق، نظمت من قبل مخابرات النظام السوري.. كذلك العديد من المظاهرات التي عمت العواصم العربية كانت أولا تعبر عن نقمة هذه الشعوب ضد أنظمتها العفنة، وأن حال هذه الشعوب ليس أفضل حال من أهل غزة..؟ يا سيد مشعل! إن أهل غزة سيكونون سعداء ومنتصرين إذا تحررت هذه الشعوب أولا من أنظمتها الدكتاتورية المتخمة بالفساد والسطوة.. نعم يا حماس! إن النصر يكون بمدى تحقيق الأهداف الفلسطينية.. سمعنا خطابين للسيد رئيس الوزراء في أثناء المعركة، وكل الأهداف أو المطالب التي ذكرت في الخطاب كانت انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وفتح المعابر وإن ذلك قد تحقق.. ودخل الموز والفواكه وكافة (الحاجيات الإنسانية) لغزة، لكن شعب غزة ليس بمقدوره شراء هذه الحاجيات، كما كان ليس بمقدوره شراء الحاجيات المهربة من الأنفاق..! وغابت كل الأهداف الوطنية للفلسطينيين مثل: الدولة واللاجئين والقدس.. نعم يا حماس! إن النصر المبين قد تحقق…
مع أن إسرائيل ظلت تهدد بدخول غزة منذ أكثر من سنتين وتقوم بتدريب وتجهيز الجيش والرأي العام، إلا أنني بقيت مقتنعا بأن إسرائيل لا ترغب باجتياح غزة لسبب رئيسي هو: قناعتها الكبيرة بأن ذلك قد يدفع بتغيير الخارطة السياسية الفلسطينية الحالية (حالة الانقسام) والتي ت
عتبرها مثالية لضعف الفلسطينيين وتمزقهم، وهذا ما أفصح عنه معظم القادة الإسرائيليون في أثناء الحرب عندما قالوا: من سيحكم غزة إذا ما قضينا على سلطة حماس؟ لا مصر مستعدة لتحمل مسئوليتها في غزة.. ولا أبو مازن مستعد لدخول غزة بهذه الطريقة، ولا هي تريد البقاء في غزة..! قد يكون هذا هو السبب الرئيسي في انسحابها بعدما أخذت تعهدات كبيرة من دول عظمى (أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بالتعاون مع مصر) أنها على استعداد لتحمل مسئولياتها بالعمل على مراقبة ومنع تهريب السلاح والمال لحماس مقابل فتح المعابر للضرورات الإنسانية.. أليس حري بعد يا حماس ويا فتح العمل الجاد من أجل إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة لشعبنا الفلسطيني الذي مابرح يقدم الضحايا من الشهداء والأموال بدون هدف؟ ألم يحن بعد كل هذا الوقت المهدور دون رسم إستراتيجية فلسطينية نتفق عليها جميعا دون تأثير دول خارجية تهدف إلى تقويض وطنيتنا لمصالح نظم عفنة باعت شعوبها وضمائرها من أجل الحفاظ على عروشها؟؟ السيد مشعل ومن لف حوله في سوريا يريدون مرجعية أخرى غير منظمة التحرير؟ نعم يا سيد مشعل! ألا يرضيكم أن تكون المرجعية هي: للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الذي يدفع يوميا ثمن عيشكم الرغيد في القصور والفنادق العربية والفارسية..
عتبرها مثالية لضعف الفلسطينيين وتمزقهم، وهذا ما أفصح عنه معظم القادة الإسرائيليون في أثناء الحرب عندما قالوا: من سيحكم غزة إذا ما قضينا على سلطة حماس؟ لا مصر مستعدة لتحمل مسئوليتها في غزة.. ولا أبو مازن مستعد لدخول غزة بهذه الطريقة، ولا هي تريد البقاء في غزة..! قد يكون هذا هو السبب الرئيسي في انسحابها بعدما أخذت تعهدات كبيرة من دول عظمى (أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بالتعاون مع مصر) أنها على استعداد لتحمل مسئولياتها بالعمل على مراقبة ومنع تهريب السلاح والمال لحماس مقابل فتح المعابر للضرورات الإنسانية.. أليس حري بعد يا حماس ويا فتح العمل الجاد من أجل إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة لشعبنا الفلسطيني الذي مابرح يقدم الضحايا من الشهداء والأموال بدون هدف؟ ألم يحن بعد كل هذا الوقت المهدور دون رسم إستراتيجية فلسطينية نتفق عليها جميعا دون تأثير دول خارجية تهدف إلى تقويض وطنيتنا لمصالح نظم عفنة باعت شعوبها وضمائرها من أجل الحفاظ على عروشها؟؟ السيد مشعل ومن لف حوله في سوريا يريدون مرجعية أخرى غير منظمة التحرير؟ نعم يا سيد مشعل! ألا يرضيكم أن تكون المرجعية هي: للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الذي يدفع يوميا ثمن عيشكم الرغيد في القصور والفنادق العربية والفارسية..
يا حماس ويا فتح ! يجب أن تكون مرجعيتكم الأولى هي شعبكم، فعودوا إليه.. عودوا إلى صناديق الانتخابات الحرة وبالتمثيل النسبي الكامل وليقرر الشعب الفلسطيني من يقوده إلى بر الأمان.. حينها فقط! يمكن أن نقول: أن الإرادة الفلسطينية انتصرت لتستمر حتى تحقيق أهدافها الوطنية…!
السبت 31 كانون الثاني 2009