اتهم الكاتب المصري أنيس الدغيدي في كتاب حديث صدر في القاهرة قبل أيام, مسؤولين مصريين بارزين لا يزال بعضهم أحياء, بالتورط في حادثة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات, معربا عن استغرابه عدم معاقبتهم أو حتى توجيه التهم إليهم في القضية, التي اتهم فيها عدد من ضباط الجيش الصغار.
ويحمل الكتاب عنوان “هؤلاء قتلوا السادات” ويقع في 400 صفحة, وتوزع معه اسطوانة مدمجة “سي.دي” تضم عددا من الصور ولقطات الفيديو التي يتحدث عنها الكتاب.
واوضح الدغيدي ان الكتاب “محاولة لكشف الكثير من الغموض الذي اكتنف القضية المصرية الأهم في السنوات الخمسين الأخيرة, والتي تؤكد حالة الحساسية التي تحيط بها وجود متورطين كثر لم يتم الكشف عنهم”, موضحا أن هدفه الأول إعادة فتح ملف القضية وإظهار كل ما تم إخفاؤه عنها للعامة كحق دستوري أصيل.
ولفت الى أنه أرسل نسخا من كتابه إلى جميع أفراد عائلة السادات باعتبارهم أصحاب الحق في المطالبة بإعادة التحقيق, رغم أن بعضهم كان أول المتخاذلين عن المطالبة بهذا الحق عند نظر القضية, بشكل يجعلهم متورطين مثل غيرهم في اغتيال الرئيس الراحل.
ويسرد مؤلف الكتاب منذ السطور الأولى, تفاصيل حادث اغتيال السادات المعروف باسم “حادثة المنصة” التي وقعت في السادس من أكتوبر العام 1981 مع التعليق على الكثير من التفاصيل, وصولا إلى وجود تواطؤ واضح من جهات عدة قبل وبعد وقوع الحادثة, بناء على تعليمات من أشخاص نافذين, ويتهم كثيرين غير المتهمين الذين تمت محاكمتهم, بينهم مسؤولون حاليون في مصر.
يبدأ الكتاب بسرد الرواية الرسمية لحادثة الاغتيال التي تؤكد إدانة الكثيرين, بدءا من وزير الداخلية الذي وصلته تقارير وشرائط فيديو تؤكد استعداد مجموعة من المنتمين للجماعات الإسلامية لاغتيال السادات, وقيامهم بالتدريب على ذلك من دون أن يلقي القبض عليهم.
ويروي الكاتب كيفية إشراك خالد الإسلامبولي, المتهم الأول, في العرض العسكري رغم أنه ممنوع بتعليمات أمنية نظرا لأن شقيقه معتقل سياسي, ثم كيفية إشراك المتهمين الثلاثة الآخرين وبينهم اثنان ليسا من عناصر الجيش أصلا وهو ما يورط المخابرات العسكرية في الحادثة.
ويستنكر مرور المجموعة المنفذة من كل نقاط التفتيش المتعددة بأسلحة محشوة بذخيرة حية وأربع قنابل, وهو ما يورط كل أجهزة التأمين ويؤكد ضلوع أشخاص نافذين في الحادثة التي استمرت لفترة تقترب من ستة دقائق – بحسب الكتاب – لم يطلق فيها رصاصة واحدة على الجناة, من أي من الأجهزة المسؤولة عن تأمين الرئيس.
ويؤكد الكاتب أن عددا من الجالسين بجانب الرئيس في المنصة متورطون في مقتله, وربما أطلق أحدهم الرصاص عليه من مسدس أخفاه في ملابسه, مستدلا بالرصاصات التي ظهرت في بطن وجانب الرئيس الراحل في الصورة التي نشرتها صحيفة “الميدان” المصرية قبل أعوام وأحدثت جدلا واسعا في الشارع المصري.
ويشير الى أن موقع منفذي الاغتيال أسفل المنصة, لا يتيح لأحدهم إصابة السادات في بطنه, بينما ظهرت آثار رصاصات عدة في البطن تؤكد ان من أطلقها أحد الجالسين إلى جواره خاصة, وأن تلك الرصاصات لم يأت ذكرها على الإطلاق في التقرير الطبي الرسمي للرئيس الراحل الذي أكد إصابته في العنق والترقوة والقدم فقط.
بعدها يصل الكاتب إلى التحقيقات التالية التي شهدت أخطاء بالجملة, حيث تمت المعاينة الأولى لمسرح الجريمة بعد يومين كاملين من وقوعها, وأظهر تقرير المعاينة أن المكان كان نظيفا تماما وتمت إزالة كل ما فيه من رصاصات ودماء حتى المقاعد, وبالتالي ضاعت كل الأدلة التي يمكن أن تدين أشخاصا نافذين أو مقربين من الرئيس.
وينهي مؤلف الكتاب سرده لتفاصيل الحادث, مؤكدا أن “المسألة ليست إلا خيانة وغدرا قام به بعض كبار رجال الدولة الذين قدموا المساعدة للجناة لتجاوز كل المعوقات”.
ويضم كتاب “هؤلاء قتلوا السادات” الكثير من الشهادات الخاصة بمقربين منه على حادثة اغتياله, بينها شهادة الرئيس المصري حسني مبارك في حواره لأسبوعية “المصور” المصرية بعد 24 يوما من الحادثة, ثم حوارات مع صحيفة “الأهرام” وأسبوعية “أكتوبر” و”نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” و”السياسة” الكويتية في الفترة نفسها, ثم حواره التلفزيوني مع عماد أديب في العام 2005.