عين الله على فلسطين
هانيبال
كان القديس فرنسيس الأسيزي مدفوعا بالواقعية المسيحية يحترم الحيوانات والنباتات ويدعوا إلى الرفق بهم ، وكان ويعطي الاحترام اللازم للجسد حتى انه كان ينادي جسده أخي الحمار ، ولذلك كان يقف على النقيض من فلسفة الكاتاريين الذين كانوا يبالغون في إعلاء شأن الروح على حساب الجسد ويقولون أن الروح تنتمي إلى عالم القداسة وأن الجسد ينتمي إلى عالم الخطيئة ، ولذلك أيضا كان يتذكر ذلك الطفل الكنعاني الذي ولد في مدينة بيت لحم الكنعانية حتى يعيش وبشكل حسي المعاناة التي كان يقاسيها ذلك الطفل يسوع في ظروف ينقصها كل ما هو ضروري للحياة ، ويتذكر كيف ولد ذلك الطفل الكنعاني يسوع وكيف وضع في مذود على التبن بين ثور وحمار ، كان القديس يتذكر ذلك في عالم تنحدر مقوماته الإنسانية نحو الأسوء ، لكن ونحن نعيش اليوم في عالم عربي مقوماته القومية في حالة احتضار ، وفي عالم إنساني مقوماته الإنسانية في حالة احتضار من يتذكر أطفال غزة في ظل هذا الصمت العربي المرعب وهذا الحصار العربي المرعب وهذا الانتظار الأكثر رعبا حتى يعيش وبشكل حسي المعاناة التي يقاسيها أطفال غزة في ظروف ينقصها كل ما هو ضروري للحياة ، لكن أطفال غزة لا يخافون الصمت ولا يخافون الحصار ولا يخافون الانتظار، لأن أصحاب الأهداف النظيفة أقوى من الصمت وأقوى من الحصار وأقوى من الانتظار، ولأن الإيمان بالهدف يضع في أطفال غزة قوة مستحيلة ، ولأن أطفال غزة يعيشون الدنيا بأعمارهم وليس بعمر الدنيا ولذلك يضحون بأعمارهم المحدودة من اجل غاية غير محدودة ، وهذا هو الفرق بين الشجاع والجبان ، فالشجاع يعيش الدنيا بعمره وليس بعمر الدنيا والجبان يتمنى أن يعيش الدنيا بعمر الدنيا وليس بعمره وهذا ما يفسر هذا الانتصار الأسطوري على خامس اكبر قوة نووية في العالم واكبر قوة إقليمية في الشرق الأوسط في ظل اختلال ميزان قوى كاسح وبما لا يقاس ، وضوء اخضر ومشاركة كاملة من واشنطن وبعض الأنظمة العربية التي لا تريد للإسلام أن بفيض عليها من غزة ولا تريد للديمقراطية أن تفيض عليها من غزة ، وسيطرة جوية وبحرية مطلقة ، وكثافة نيران لا سابق لها في التاريخ العسكري الصهيوني في نطاق إقليمي ضيق يحاصره الأعداء والأشقاء ولا تتجاوز مساحته 365 كيلو متر مربع ولا يتجاوز طوله 45 كيلومتر ولا يتجاوز عرضه في المتوسط 10 كيلومترات ، هذه هي غزة التي قصفتها طائرات الفانتوم ومروحيات الاباتشي والزوارق البحرية ودبابات الميركافا والمدفعية الصاروخية بمئات ألاف الأطنان من الصواريخ واليورانيوم المنضد والفسفور الأبيض والقنابل العنقودية والارتجاجية والغازية والكيماوية ودمرت فيها المؤسسات الحكومية والمجلس التشريعي والأحياء السكنية والجامعات والمدارس والوزارات والمقرات الأمنية ومراكز الشرطة المدنية والمستشفيات والمساجد والعيادات الصحية وشبكات الصرف الصحي وآبار المياه وأعمدة الكهرباء وخطوط الهاتف وسيارات الإسعاف ومخازن الأمم المتحدة ، وقتلت أكثر من 1330 مواطن من بينهم 418 طفل و110 امرأة و88 رجل مسن و14 من طواقم الإسعاف و5 من الصحفيين ، وقتلت عائلات بأكملها مثل عائلة ريان وعائلة السموني وعائلة الحداد وغيرها ، وحرجت أكثر من 5450 مواطن معظمهم في حالة الخطر ، وشردت عشرات آلاف الأسر التي احتمى بعضها في مدارس الانروا تحت علم الأمم المتحدة معتقدين أن علم الأمم المتحدة سوف يحميهم ولكن غربان الجو من طائرات الفانتوم والاباتشي قصفتهم في مدرسة الفاخورة في جباليا ومدرسة الرمال في غزة ، وهكذا تعيد إسرائيل إنتاج نفسها في الإرهاب وتقصف مقرات الأمم المتحدة في غزة كما سبق أن قصفتها في قانا في حرب عناقيد الغضب في عام 1996 ، نعم فعلت إسرائيل هذا وأكثر ولم يتوقع الشعب الفلسطيني في غزة أن تفعل إسرائيل اقل من ذلك لأن التجارب علمت الشعب الفلسطيني أن الحرب تمر بأربعة مراحل وهي مرحلة التقدم والهجوم والاقتحام وضرب الأهداف المدنية ، ولكن ورغم كل ذلك هزمت إسرائيل أمام فصائل المقاومة وفي نطاق إقليمي ضيق على أبواب غزة ورفح وخانيونس وبيت حانون وجباليا وبيت لاهيا ولم تحقق أهدافها وانتصرت غزة كل غزة الحكومة والفصائل والشعب ، لأن المقاومة كانت مقاومة الحكومة والفصائل والشعب ، وهكذا أسقطت غزة إستراتيجية التسوية وسياسة ألف بوسة حارة وعضة واحدة باردة وعادت بالصراع إلى بدايته الأولى لأن الصراع في بدايته الأولى لم يكن صراعا بين شرعيتين ولكنه كان صراعا بين سكان أصليين وغزاة أجانب ، ووضعت الشعب الفلسطيني على عتبة الحقيقة لأن إسرائيل في الحقيقة لا تريد سلام ولا تريد تسوية ولذلك هي ترفض حل الدولة الديمقراطية وحل الدولة الثنائية القومية وحل الدولتين ، ولذلك حاولت من خلال هذه الحرب وسوف تحاول من خلال الحروب اللاحقة تصفية الشعب الفلسطيني وجودا وجذورا في فلسطين وبضوء اخضر ومشاركة كاملة من واشنطن وبعض العواصم العربية التي لا تريد لحركة حماس أن تنجح حيث فشلت هي ، لكن حماس ستنتصر لأن حماس عين الله على فلسطين

0;
0;