اوكتافيا نصر، محررة الشؤون العربية في CNN، تابعت كيفية تعامل المحطات العربية مع السبق الإعلامي الذي حصلت عليه قناة “العربية” في إجراء المقابلة التلفزيونية الأولى مع الرئيس المريكي باراك أوباما، والتي أذيعت الثلاثاء، فكتبت:
لم تكن هذه هي المقابلة الأولى التي تجريها قناة “العربية” مع رئيس أمريكي.
فمنذ بدء بثها في 2003، التقت قناة “العربية” مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، مرات عدة.
إلا أن هذه المقابلة تختلف عن سابقاتها.. فهذه المقابلة التلفزيونية الأولى للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما منذ توليه منصبه. كما أنها تمثل رسالة شخصية من أوباما إلى أكثر من مليار مسلم حول العالم، وقد اختار أوباما قناة “العربية” لإيصال هذه الرسالة.
إذا، لدى “العربية” الآن لقاء حصري، وعلى العالم بأكمله أن يعرف ذلك.
فالشبكة، التي تتخذ من دبي مقرا لها، والمملوكة من قبل رجل أعمال سعودي، لا توفر أي وقت في الحديث عن هذه المقابلة.
والآن، وبعد مقابلته مع باراك أوباما لمدة 15 دقيقة، لمع نجم خبير القضايا الأمريكية هشام ملحم، إذ يصف الرئيس الأمريكي الجديد بأنه “شخص رائع، طيب القلب، وواثق من نفسه،” بل ويزيد بأستخدام القول المأثور كدلالة على الثقة بالنفس: ” يا جبل لا يهزك ريح”.
من جانبها، تشرح منى شقيقي، المشرفة على إعداد المقابلة، أسباب عدم وجود أي علم أمريكي خلف أوباما، وقت التصوير، وتقول: “عندما سألناهم أين العلم الأمريكي، قالوا إنهم يرغبون في أن تكون المقابلة غير رسمية.. لذا قرروا عدم استخدام العلم.”
على صعيد آخر، قرر بعض منافسي قناة “العربية” عدم التطرق إلى هذه المقابلة، أو ذكرها، أو حتى بثها. إلا أنهم اقتبسوا بعضا مما قاله أوباما خلال هذه المقابلة، وخصوصا تلك المتعلقة بالاستماع إلى المسلمين بدلا من تلقينهم، وتعليقه على عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي الوقت الذي حازت فيه المقابلة على اهتمام وسائل الإعلام العالمية والعربية، إرتأت قناة الجزيرة، الأكثر مشاهدة عربيا، عدم ذكرها ( المقابلة) على التلفزيون أو عبر موقعها الإلكتروني.
وحتى الآن، لم تذكر الجزيرة، بقناتيها، العربية أو الإنجليزية، أية مقتطفات لما قاله أوباما في هذه المقابلة، والموجهة إلى العالم الإسلامي.
كما لم تستجب الجزيرة لاتصالاتنا لمعرفة السبب وراء علدم التطرق للمقابلة على الإطلاق.
ويبقى الأمر غامضا، فيما إذا كان أوباما قد صد قناة الجزيرة، وفضل إعطاء المقابلة الأولى لمنافستها، ” العربية”!! وإن كان ذلك صحيحا.. فقناة “الجزيرة” على ما يبدو استخدمت ذات الأسلوب، وصدت أوباما!
أما هشام ملحم فقد تحدث عن أجواء المقابلة في تقرير نشره موقع “العربية نت”:
شرح الإعلامي هشام ملحم ظروف إجراء قناة “العربية” لأول لقاء تنفرد به وسيلة إعلام في العالم مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والذي قال إنه استغرق 17 دقيقة كاملة، وهي مدة كبيرة جدا، وكان يمكن أن تزيد لولا ارتباطاته الأخرى. وتناول ملحم في حديثه كيفية انفراد العربية بالحوار، والأجواء التي صاحبته ووصفها بأنها كانت ودية للغاية. وعن ما لمسه من تأثير جذوره الإسلامية والأفريقية في شخصيته، وكذلك استنتاجه لاسم العاصمة التي سيوجه منها خطابه المرتقب إلى العالم الإسلامي. وقال ملحم: بعد انتخاب الرئيس أوباما، حاولت كما حاول -ربما – آلاف الصحافيين غيري، بتقديم طلب لاجراء حوار معه، خاصة أنه قال إنه يعتزم مخاطبة العالم الإسلام
ي خلال أول مائة يوم في عهده. أضاف: أجرينا إتصالات مع بعض الأصدقاء في الحكومة الأمريكية وخارجها. وأعتقد – كما فهمت – أنه كانت هناك لقاءات في البيت الأبيض في الأيام الماضية بشأن ما إذا كان يستوجب على الرئيس أن يناقش حال التطورات في العالم الإسلامي، في أعقاب قراره باغلاق معسكر غوانتانامو، وبدء عملية سحب القوات من العراق، وبعد أن قرروا أنه يجب أن يجري مثل هذه المقابلة، أبلغوني بأنهم قرروا أن يعطوها لقناة “العربية” ولي شخصيا.
ي خلال أول مائة يوم في عهده. أضاف: أجرينا إتصالات مع بعض الأصدقاء في الحكومة الأمريكية وخارجها. وأعتقد – كما فهمت – أنه كانت هناك لقاءات في البيت الأبيض في الأيام الماضية بشأن ما إذا كان يستوجب على الرئيس أن يناقش حال التطورات في العالم الإسلامي، في أعقاب قراره باغلاق معسكر غوانتانامو، وبدء عملية سحب القوات من العراق، وبعد أن قرروا أنه يجب أن يجري مثل هذه المقابلة، أبلغوني بأنهم قرروا أن يعطوها لقناة “العربية” ولي شخصيا.
أجواء ودية قبل الحوار
هنالك بوادر خير نابعة من أوباما..
وفال ملحم: اتصلوا بي صباح الاثنين، وأخبروني أن الرئيس مستعد أن يعطينا هذه المقابلة، ولكنهم طلبوا عدم الإعلان عنها إلا بعد أن يعلن البيت الأبيض. وأشار ملحم إلى أن توقيتها كان مجدولا بأن يكون بعد لقاء الرئيس أوباما مبعوثه إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ولذلك أول سؤال سألته كان حول مهمة ميتشل إلى المنطقة. ويصف أجواء الحوار بأنها “ودية للغاية. قبل أن نجلس تحدثنا عن ما يجمعني معه بالنسبة لمدينة شيكاغو وهو حب موسيقى البلوز التي اشتهرت بها هذه المدينة، وخاصة في عقدي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وفوجئ هو بحبي لهذه الموسيقى، وتحدثنا بالتفاصيل عن بعض المغنيين والمغنيات، وعن أهمية مدينة شيكاغو للثقافة والموسيقى، وكان سعيدا جدا لأننا نتشارك في حبنا لهذا التراث الكبير لمدينة عريقة وهامة، ويستطرد “أعطاني انطباعا من البداية بأنه مرتاح، مما أعطاني أيضا شعورا بالارتياح، وبالتالي عندما بدأنا المقابلة، بادر أوباما بالقول: فليكن هناك حوار بيننا، وهذا يعني أننا سنبحث أمورا، كأننا نعرف بعضنا البعض. وهذا أوجد مناخا مريحا للغاية”.
اختيار قناة “العربية”
وتابع هشام ملحم: كان واضحا أنه يريد أن يتحدث إلى العالم العربي والإسلامي، ويقول عمليا إن هناك لغة مختلفة وأسلوبا مختلفا ورئيسا مختلفا وتوجها مختلفا من أمريكا تجاه العرب والمسلمين والقضايا التي تهمهم، وفي مقدمها القضية الفلسطينية. وقال “من هنا بدأنا بالاشارة إلى مهمة المبعوث جورج ميتشل. والواضح من كلامه أنه يتفهم احتياجات الطرفين بمن فيهما الطرف الفلسطيني، وقد تطرق إلى تفاصيل كثيرة، ولم أتوقعه أن يفعل ذلك من البداية، معتقدا أنه ينتظر الانتخابات الاسرائيلية، وما سيحمله ميتشل عندما يعود”، وأضاف هشام ملحم “كان إيجابيا بعض الشئ بالنسبة لمبادرة السلام العربية، وأكد ما قاله من قبل بأنه سيلعب دورا نشطا وشخصيا في عملية السلام، ولن ينتظر حتى نهاية عهده أو إلى ولايته الثانية، في إشارة ضمنية نقدية للرئيس يوش”.
لطيف ومرتاح مع نفسه
وعن انطباعاته الشخصية عن أوباما والتي خرج بها من الحوار قال هشام ملحم “شخص لطيف للغاية، مرتاح مع نفسه، علاقته مع مساعديه علاقة طبيعية دون أي تكلف أو رهبة. عندما جلس على الكرسي نظر وقال إنها أول مقابلة نعطيها في البيت الأبيض”. وواصل بقوله “تكتشف من الحديث معه بأنه يتمتع بذكاء خارق وبقدرة كبيرة على ربط الظواهر ببعضها البعض. وكان يمكن أن نبقى معه وقتا أطول لولا ارتباطاته الأخرى، فبعد أن تركنا شارك في حفل قسم اليمين لوزير الخزانة وهو منصب مهم. عموما جلسنا معه حوالي 17 دقيقة وهذه مدة طويلة جدا بالنسبة لوقت الرئيس الأمريكي”.
العاصمة الإسلامية المرتقبة
وعن استنتاج هشام ملحم للعاصمة الإسلامية التي وعد أوباما بأن يوجه منها خطابا إلى العالم الإسلامي قال “سألته عن ذلك بشكل مباشر، فرد ضاحكا: لن أكشف عنها الآن، فضحكت وقلت له: ربما في مناسبة أخرى، فرد: ربما، ووعدني بمقابلات أخرى”وتابع “لكن هناك تكهنات حول تلك العاصمة. البعض يقول إنها قد تكون العاصمة الاندونيسية جاكرتا لأن لها بعدا شخصيا بالنسبة لسيرته الذاتية حيث عاش فيها بعض سنوات طفولته، ولأن اندونيسيا هي أكبر دولة مسلمة في العالم”. ومضى هشام ملحم قائلا “أعتقد أن بعض الدول العربية ربما تخلق له تحفظات من قبل البعض لو اختار إحدى عواصمها لذلك الخطاب. عموما ربما لم يقرر بعد اسم تلك العاصمة وربما لا يزال يدرس الموضوع، لكن ما سمعته من بعض الناس تمحور حول اندونيسيا، لكني لا أقول ذلك بشكل قاطع”.
تأثر أوباما بأصوله
يقول ملحم ان ذكاء أوباما حاد
وعن شعوره تجاه مدى تأثير جذور أوباما الإسلامية على شخصيته، قال هشام ملحم “من الواضح. رئيس أمريكي اسمه الكامل: باراك حسين أوباما، سينظر إلى العالم بطريقة تختلف عن رئيس اسمه جورج دبليو بوش، ليس فقط بسبب سيرته الذاتية وجذوره الأفريقية وسنوات طفولته في اندونيسيا، ولكن بسبب ذكائه الحاد وفهمه لتعقيدات هذا العالم والاقتصاد المعولم، وإدراكه بأن أمريكا اليوم تختلف جذريا عن أمريكا قبل عشرين أو خمس وعشرين سنة”. وشرح ملحم ذلك مضيفا “أن أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية كان اقتصادها يمثل 50% من اقتصاد العالم. اليوم هي تتعامل مع دول صاعدة كبرى مثل الصين والبرازيل.. الخ. أمريكا اليوم أقل قوة مما كانت عليه في السابق”. واستطرد “باراك أوباما يدرك كل ذلك، ويدرك أن العالم لم يعد يتمحور حول الغرب الأوروبي أو الولايات المتحدة، وبالتالي فنظرته للعالم الاسلامي يجب أن تراها من هذا المنظور. طبعا لسيرته الذاتية دور في ذلك، ولكن فهمه لهذا العالم المتغير يعطينا انطباعا بأن تعامله مع هذا العالم سيكون مختلفا عن تعامل الرؤساء الأمريكيين السابقين”.
ردود فعل واسعة
وقد أحدثت المقابلة مع أوباما ردود فعل عالمية واسعة وتناولتها مختلف وسائل الإعلام، مثل محطة فوكس نيوز التي أبرزت خبر المقابلة على موقعها على الانترنت، وأورده حتى الساعة الثانية والنصف بتوقيت السعودية، 371 موقعا بالإسبانية والبرتغالية والايطالية، وكذلك وكالة “انسا” الإيطالية، ووكالة الصحافة الفرنسية بلغتها البرتغالية التي عنونت الخبر بـ”أوباما للمسلمين: لسنا أعداءكم”.كما أبرزه موقع “تبرا” – الأرض – وهو الأشهر في البرازيل، كذلك صحيفة “أو استادو دي سان باولو” الأوسع انتشارا في هذا البلد والتي توزع مليون و800 ألف نسخة، وعنونت لخبرها عن المقابلة بـ”أوباما يختار قناة العربية لأول مقابلة له”. وتناولته أيضا “بي بي سي البرازيل” وصحيفة اكسبريسو الأوسع انتشارا في البرتغال، ولا خورتادا “المسيرة” الأوسع انتشارا في المكسيك ويملكها كارلوس سليم الحلو ثاني أثرياء العالم، وأبرزت المقابلة شبكة “بيلد” الإخبارية الشهيرة على صدر صحفتها الأولى، وصحيفة “لاناسيون” الأرجنتينية، و”لافوس دي غاليتيا” الأسبانية، وأوروبا برس بالأسبانية. ونشرت المقابلة مع أوباما جميع صحف الولايات المتحدة الناطقة بالإسبانية، وموقع “ميلينيو” المكسيكي، و”أوينفيزيون” وهي أهم شبكة مكسيكية تملك محطات تلفزة وصحفا ومواقع.