د. فايز أبو شمالة
أما وقد جاوز عدد شهداء الحرب على غزة رقم 1333 شهيداً فلسطينياً، فمعنى ذلك أنه قد تم تخريج 1333 قاتلاً يهودياً في الدولة العبرية، ولو أضيف عدد الجرحى الذي تجاوز 5000 جريحاً، فمعنى ذلك أن الدولة العبرية قد خرجت نفس العدد من المجرمين، وإذا أضيف رقم 4000 بيتاً تم تدميرها، ناهيك عن الأشجار، فمعنى ذلك أن الدولة العبرية قد ربحت العدد ذاته من المخربين، وكل ذلك في غضون اثني وعشرين يوماً!. فهل وقفت إحصائية القتل والتدمير والتخريب المتعمد في الدولة العبرية عند هذا الحد؟ أم أن هنالك قتلة، ومجرمين، ومخربين إسرائيليين آخرين، تسببوا في موت، وجرح، وتدمير ألاف الفلسطينيين على مر تجربة الصراع؟
حسب المعلومات الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات فإن عدد شهداء انتفاضة الأقصى فقط، بلغ 5051 شهيداً، منهم 937 طفلاً، و351 امرأة، وبلغ عدد الجرحى خمسين ألفاً، في حين بلغ عدد الأسرى أكثر من عشرة ألاف أسيراً. إذن، القتل فينا قبل صواريخ المقاومة، ولو عدنا إلى عشرات آلاف شهداء، وجرحى انتفاضة الحجارة، ولو عدنا لشهداء الثورة الفلسطينية في الأغوار، وفي لبنان، وشهداء النكبة 1948، وشهداء ثورة 1936، ولو قمنا بإحصاء الجرحى، والبيوت والقرى، والمدن الفلسطينية المهدمة، سنكتشف أن كل سكان الدولة العبرية قتلة، أو أبناء قتلة، أو آباء، أو أمهات، أو زوجات قتلة، وهذا ما يتوجب ملاحقته، ونصب المحاكم له، بل يجب أن تحاكم الأسس التي قام عليها الكيان الصهيوني؟
تعمدت التذكير بعدد شهداء فلسطين كي أمسح دموع الملح التي لم تظهر في عيون المتباكين على الدم الفلسطيني المنسكب في غزة، وكي أذكرهم بأن شعبنا يخوض حرباً ضد غاصب قبل أن تطل عليه حركة حماس برأسها، وقبل أن تلد حركة فتح، وقبل أن يقود النضال الحاج أمين الحسيني، إن الدماء التي تسيل ليست إلا ضريبة الوجود على هذا التراب الذي تطمع فيه الصهيونية، وهي تتعمد القتل كي توصل رسالة إلى العرب قبل الفلسطينيين: بأن دم اليهود غالٍ، وأن التطاول على الدولة العبرية بالرجم ولو بحجر، يلزمها الرد العنيف إلى حد المحرقة، والمجزرة، والذبح، والنسف، والتدمير، وحرث المستقبل بالقنابل الفسفورية.
كان لا بد من التذكير بالتجربة الميدانية الفلسطينية مع القتل الصهيوني المتعمد كي نلجم تلك الأقلام التي باعت نفسها للشيطان، وكي نكشف زيف عشاق الصهيونية، أولئك الذين ساووا بين الضحية والجلاد، وراحوا يبكون على أطفال فلسطين، كي يرجموا بمقالاتهم المقاومة، ويحملوا صواريخها المسئولية، ووراء الأكمة ما وراؤها.