بقلم : منذر ارشيد
ما يقارب الشهر بايامها ولياليها ونحن نعيش لحظة بلحظة محرقة غزة “وقبلها عام كامل من الحصار المرير
ولكن ماذا عمن كانوا في قلب هذه المحرقة الرهيبة يشتوون بنارها ما يقارب شهر ويشاهدون فلذات أكبادهم وأحبائهم يهلكون أمام عيونهم ،أو من ينتظر بارقة أمل للخروج من الجحيم .
أعتقد أن كل عاقل يدرك كم كان حجم المأساة التي عمت وطمت وقد دفع شعبنا في غزة ثمنا لا يمكن أن يقاس بأي إنجاز حصل على المستوى الفلسطيني..!هي محرقة بكل معنى الكلمة وأخطر ما فيها البث المباشر عبر االفضائيات
الآن وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وبدأت العاصفة بالهدوء وقد كتبنا ما كتبناه أثناء الحرب من مقالات تعبوية مساندين خلالها المقاومة التي أبلت بلاءً حسنا رغم الفرق الشاسع بين القوتين الإسرائيلية والفلسطينية حيث استطاع رجال المقاومة الصمود وتكبيد العدو خسائر سواءً كانت قليلة أو كثيرة “
المهم أن أبناء الوطن من المقاومين الأشاوس سجلوا ملاحم بطولية في غزة كما سجل إخوانهم في مخيم جنين قبل سنوات
(وهذا حال الفلسطينين ) عبر التاريخ منذ الثلاثينات من القرن االمااضي وبعدها منذ ….القسطل ..الكرامة .. بيروت
مخيم جنين …بلاطة …نابلس …بيت لحم … الخليل …رام الله
وأخيرا ً وليس آخرا ً (غزة هاشم ) بصمود أبنائها رجالا ً ونساء ً وأطفالا ً..هذا هو الشعب الفلسطيني
نعم كتبنا وحرضنا ومنذ أول يوم على الصمود والصبر وخاطبنا شعبنا الحبيب من خلال كلمات بسيطة هي أقل ما يمكن منا نحن القاعدون خارج الوطن , والقلب يكاد ينفجر من هول الكارثة .! ولم يكن أمامنا إلا الدعم المعنوي ولو بالكلمة الطيبة ” أما ما خبُثَ من كلام الأعداء وأعوانه من الخونة العملاء واللصوص المهزومين دائما ً وأبدا ً وهم يبثون سمومهم أثناء العمليات الحربية التي طالت البشر والشجر والحجر وأغرقت أهلنا في غزة بالدماء والأشلاء
ولم يكن لنا بداً إلا أن نضع الصمود الأسطوري للمقاتلين على الأرض ومن جميع الفصائل الذين هم ملح الأرض وبعيداً عن القيادات السياسية التي لا تعنينا هنا , والكل بات يعرف أنهم الأكثر حظاً من خلال عملية الحصاد المتعجلة , فتنكشف وتتعرى االوجوهه بشكل سافر ويدفع شعبنا دائما ثمن إنتهازيتهم
وعندما نتحدث عن الصمود فنعني الكل الفلسطيني ولا نخصص فئة ولا حزب أو تنظيم بعينه ”
وقلنا أيضاً أن إسرائيل هُزمت شر هزيمة في كثير من النواحي وأهمها الأخلاقية من خلال ما شهده العالم
(( نقاط على الحروف ))
(( لماذا خاضت
إسرائيل الحرب )) ..!!!
إسرائيل الحرب )) ..!!!
ألان الان .. وبعد أن توقف كل شيء ” لنتحدث بكل صراحة ووضوح ونضع بعض النقاط على الحروف لأن الوضع القادم دقيق وخطير وخاصة أن المسألة تتعلق بمصير قضيتنا الفلسطينية بمجملها
ربما يتبادر للذهن أن الهدف الإسرائلي هو وقف الصواريخ فقط وهو الهدف المعلن من خلال ما صرح به قادة العدو ” ولكن رأينا أن الصواريخ ظلت تنطلق حتى بعد إعلان إسرائيل وقف الحرب
ولكن من خلال ما شاهدناه من حراك سياسي خلال الأيام القليلة الماضية وخاصة بعد الصفقة التي وقعتاها الثنائي….
( ليفني ورايس )
فنجد أن الأمور أخذت طابعاً أكثر عمقاً وخطورة مما تم إعلانه كسبب للحرب
فالهدف المعلن للحرب لم يتم تحقيقه على الأرض وخاصة فيما يتعلق بوقف وإنهاء الصواريخ وتدمير حماس
وقد سبق هذا الأمر حراك عربي على مستوى القمة ونعني هنا النظام العربي الرسمي والذي في معظمه ترك شعبه ينفس عما في داخله من غضب تجاه اسرائيل المجرمة ، وكفى الله المؤمنين القتال “
ربما تم خداع الجمهور الفلسطيني والعربي وهو يشاهد إنقسام النظام العربي كجبهتان ” جبهة مع المقاومة في غزة وجبهة ضد المقاومة في الضفة ورغم هذا إلا أن الجماهير أثبتت أنها جاهزة وقادرة على التحرك والتأثير وخاصة أننا رأينا تجاوباً رسميا ًمن خلال مؤتمرات القمة “رغم أن هذه المؤتمرات أخذت دورا تفريقياً في وقت كنا أحوج فيه إلى التوحد الى أن كان مؤتمر االكويت االذي كان كمسك الختام في شكله …حيث استطاع المؤتمرون أن
يغيروا المشهد العربي الرسمي وشَدوا الجمهور الغاضب إنشداداً كبيراً نحو من توجهوا إلى مؤتمر الدوحة على إعتبار أن العرب الذين توجهوا إلى الدوحة هم عرب المقاومة والصمود والممانعة ” وأن من تخلفوا إنما هم جبهة التئآمر والخيانة…!
طبعاً لا أحد يعلم الغيب ,والإنسان بطبعه عاطفي يتعلق بما يظهر من مواقف وخاصة أن العدو قد تكالب على غزة بمن فيها
وربما ومن خلال العواطف الجياشة تجاه ظروف شعبنا في غزة وجد الجمهور العربي أن جهات عربية رسمية إنحازت إلى نبض ومشاعر الشارع الذي هاج وماج من أجل توفير الدعم للمقاومة .
وتجمد العقل ومنطق الأمور وما عاد أحد يعي ما سبق من مواقف لبعض الدول التي إجتمعت في الدوحة ومنها ما يزال على تماس سياسي واقتصادي مع الكيان الغاصب ناهيك عن القواعد العسكرية لأمريكا في أراضيها والتي منها تم ضرب العراق العربي “
فكان المؤتمر والذي ومن خلال قرائة موضوعية لسيناريوهات الأحداث نجد ان ما جرى ما كان إلا برضى أمريكا وإسرائيل
هدفَ إلى إمتصاص الغضب الجماهير التي إستنفرت من المحيط إلى الخليج ناهيك عن العالم برمته
((قمة الكويت هل كانت مسك الختام ))..!!
خطوة جريئة من خادم الحرمين من خلال ما أعلنه في خطابه رفعت معنويات الناس وبشكل مفاجيء “وتمت مصالحات ربما كانت ضرورية ولكن لم يتم استثمارها بشكل عملي من خلال القرارت التي لم تمس جوهر القضية الفلسطينية فأخذت الجانب الشكلي من خلال الدعم المادي الذي غطى على أكثر الأمور خطورة ” حيث كان الأمل بان يتم إتخاذ قرارات قطعية تجاه العدو الغاصب ” من خلال رفع سقف النظام العربي ونحن نعيش أخطر حالات الصراع “ويبدو أن وقف إطلاق النار الذي جاء ليبرد الوضع الذي كان ملتهباً قبل أيام مما سهل على المؤتمرين تمرير القرارات السهلة حتى لا يغضبوا أمريكا وحلفائها
وأهم ما في الأمر وهو ما كان ينتظره الفلسطينيين هو قرار صارم حازم للمصالحة الفلسطينية الداخلة ” نعم تمت الدعوة للمصالحة الفلسطينية ولكن تُرك الأمر عائما ً دون وضع نقاط أو آلية ملزمة
وترك الأمر مرة أخرى لإجتهادات الخاصة لنعود للجدل والدجل من جديد “ولو كانوا جادين فعلاً لوجهوا دعوة للكل االفصائل لإجتماع فوراً مع للجنة عربية على مستوى القمة وفتح ورشة عمل لا تتتوقف إلا بمصالحة وتشكيل حكومة وفاق.. وحدة سمها ما شئت.. ومتابعة وضع غزة على مدار الساعة .
(( هل ستبقى قضية فلسطين ..!! ))
شعبنا العظيم الذي واجه أكبر مجزرة في التاريخ كان ينتظر الكثير من مؤتمرات القمة ” نعم الدعم المالي مهم لا بل مطلوب “ولكن ما ينفع الدعم المالي والفرقة تشتد أزمتها دون أي أمل لنهايتها
وإذا كان شعبنا الذي قدم الاف الشهداء والجرحى والمكلومين والثكالى قد يتعايش مع هذه المحنة بفعل الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره “ولكنه لا ولن يغفر لأي كان ومهما كان وهو يعطل الحوار والتلاقي والتوحد “فالمسألة ليست مجرد عواطف من خلال لقائات وتبويس لحى ” إنها مسألة مصير أمه ومستقبل قضية
فأين القيادات الواعية التي تهتم بشعبنها ..!!! وهل بعد كل ما مرَ على شعبنا خلال هذه المحرقة وما نتج عنها , هل كل ما جرى لا يستدعي لرمي الماضي خلف ظهورنا ..!!!
فرصة تاريخية بعد أن توحدت القلوب على الأرض من خلال إلتقاء المقاتلين على أرض المعركة.. هل ستضيع سدا ً ..!!
نعم هناك خلاف في السياسات والطروحات وحتى الإستراتيجيات
وكل طرف يحاول أن يفرض أجندته على الطرف الاخر
ناهيك عن التخوين والإتهامات . ” وهناك من يقول…
أنتم تفاوضون أنتم تسجنون ”
ومن يقول …أنتم تقتلون وتطلقون النار على الأرجل وتخطفون وتحقرون والشعب الجريح يطرح السؤآل ..طيب وبعدين.!!
إما أن نقول أن لا فائدة وخلاص كل فئة تأخذ جانباً ويتخندق كلٌ في خندقه …….ويا خيل شدي واركبي .!ويُترك شعبنا نهباً للأهواء والقضية لمصير مجهول في تأكيد فصل غزة عن الضفة
نطرح سؤآلاً هنا وهو سؤآل في ضمير كل الفلسطينيين ….
هل أنتم فلسطينيون ..!! هل انتم إخوة ..!! هل أنتم قادة وأصحاب قضية ..!! أم أنكم فقط أصحاب كراسي وسلطة ..!!
إذا كان الجواب ….لا للسؤآل الأول ونعم للسؤآل الثاني .!! فليعلم المواطن الفلسطيني المفجوع بكم قبل أن يُفجع بعدوه أنكم أضعتم البوصلة وما أنتم إلا مدعي
ن فاقدي الشرعية بمجملكم
ن فاقدي الشرعية بمجملكم
أما إن كان الجواب لا نحن أصحاب قضية ولسنا متمسكين بالكراسي ….فاثبتوا ذلك …..ليس بالكلام ولا بالخطب ولا بالشعارات .فما عاد هذا يجدي لأن طفلة وطفل ممن شاهدناهم على التلفاز تحدثوا بأعظم من كل خطبكم الوطنية الرنانة والغريب في الأمر أننا نرى ناطقين واعلاميين
وما ههم إلا فتنة مركبة ترى قرني شيطان يبرز من رؤوسهم
قاتلهم الله أنى يؤفكون .
(( النتيجة النهائية ….هل هي نصر أم هزيمة )) ..!!
بعد أن كثرت الإجتهادت حول نتيجة ما جرى في غزة وقلنا نحن ومنذ أول يوم إنها هزيمة لإسرائيل بكل ما تعنيه الكلمة .
إلا أننا اليوم نقول بكل صراحة بأننا سنكون أمام أكبر وأخطر إستحقاق لما بعد غزة ”
فالنصر إن كان..! وقد كان ” فهو ما كان ليكون لو لا الصمود الأسطوري لشعبنا ومقاومته الباسلة وهذا لا يختلف عليه إثنين من أصحااب العقول المستنيرة “
وهزيمة أخلاقية لإسرائيل بكل ما تعنيه الكلمة
ولكن هذا من الممكن أن ينقلب إنقلابا ً خطيرا ًويتحول إلى أكبر هزيمة لنا ولقضيتنا وأكبر نصر لإسرئيل ..!
نعم .. إذا ركبت القيادات المعنية رؤوسها وأبقت خطابها خطابا تعبويا ً عدائيا ً عبر وسائل الإعلام دون الجلوس على طاولة حوار وطني شامل
يضع جميع الأطراف القضية والوطن قبل فصائلهم وتنظيماتهم
ويتم خلالل ذلك طرح جميع القضايا الخلافية عللى الطاولة
وإذا لم يتحقق ذلك … فنحن أمام أكبر هزيمة في التاريخ
ولا نصر لنا إلا بإعجاز إلاهي ….وسيكون هذا الإعجاز حتما ً
ولكن ربما بعد جيل آخر وبعد كوارث أكبر من غزة
أللهم ارحم شعبنا.. فإنهم عبادك المظلومين
منذر ارشيد