نبيل رجب
من المجنسين من تم جلبِهم من الخارج من خلفية قبلية ومذهبية محددة، ودولٍ عربية أو أسيوية معينة ، للمساهمة في تغيير هوية وتركيبة هذه البلاد الديمغرافية. ويتركز عمل الغالبية من هؤلاء في أجهزة الأمن بجناحيه العسكري والمدني والمخابراتي ، للقيام بإعمال تخرج عن نطاق الأعراف والقوانين المحلية والدولية، وعلى رأسها تلك المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان من تعذيب وضرب واعتداءات جنسية وجسدية ، والقيام بأمور لا يقوم بها الناس العاديين. ومن ثم يتم مكافئة هؤلاء الناس بامتيازات لا يتمتعُ بها المواطن العادي ، من عمل في السلك العسكري والأمني، وراتب أكثر من المتعارف عليه لدى المواطن العادي، وعلاوة على كل ذلك يتم توطينهم ومنحهم الجنسية البحرينية مكافأة لأدائهم كأحد تلك الامتيازات. هؤلاء الناس يصنِفهُم القانون الدولي ليس كمجنسين أو مستوطنين فقط، وإنما كمرتزقة أجانب، وهناك من القوانين والآليات والقرارات الدولية ما يكفل التعامل معهم كمجرمين جنائيين، وعلى رأس تلك الاتفاقيات، الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، وقرار لجنة حقوق الإنسان رقم 2000/3 لسنة 1999 والمعني باستخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير. فقد أعلنت الأمم المتحدة مرارا إدانتها للدول التي سمحت أو تساهلت إزاء تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهـم وحشدهم ونقلهم واستخدامهم ، بل أبدت قلقها مما تشكله أنشطة هؤلاء المرتزقة من خطراً على السلم والأمن الأهلي في الدول الصغيرة، وبغض النظر عن طريقة استخدام المرتزقة أو الشكل الذي يتخذونهُ لاكتساب بعض مظاهر الشرعية من توطين أو تجنيس أو غيره، فإنهم سيضلون مرتزقة مستوطنين يُشكلون تهديداً لسلام وامن هذه البلاد، وعقبة في سبيل تمتع هذا الشعب بحقوقه الإنسانية.
المؤسسة الحاكمة مطالبة بوقف جلب جماعات “المرتزقة الأجانب” من الخارج، وإرجاع من تم جلبه وتوطينهِ منهم إلى موطنه الأصلي، وأن تعمل على التوقيع على الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم. كما أن مجلس النواب مطالب أيضاً بسن تشريعات وطنية تتوافق مع هذه الاتفاقية وقوانين واضحة تحرم وتجرم تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهم وجلبهم إلى البلاد.
إن أي سلطة حاكمة تعتمد في أمنها الداخلي ودفاعها الخارجي على مرتزقة أجانب حتى وإن تم تجنيسهم وتوطينهم، في الوقت الذي تستبعد فيه مواطنيها من تلك المؤسسات ، سلطة لا تستحق الاحترام والتقدير منا.
وان كان هذا وجه من أوجه الارتزاق إلا انه ليس الوحيد، بل هناك فئة أخرى من “المرتزقة الأجانب” المجنسين والمستوطنين حديثا، والتي تم جلبها بغرض القيام بمهمات إعلاميه قذرة، بغرض التستر على الجرائم المرتكبة من قبل المؤسسة الحاكمة، وتلميع صورة النظام المعطبة داخليا وخارجيا. يدخل في هذه الفئة صحفيين وإعلاميين ومستشارين ، يصطلح على تسميتهم في البحرين بالمرتزقة الطبّالة، تعمل هذه الفئة في الصحف والمؤسسات القريبة من الحكم وبأوامر من جهات عليا في الحكم، وعملها يتلخص في الهجوم والإساءة بالقلم ومن خلال صحفهم على كل من يعارض سياسة المؤسسة الحاكمة أو ينتقدها، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فباتوا هؤلاء المستوطنين يعملون على التشكيك بوطنية وولاء سكان البلاد الأصليين، من شيعة وسنة لأرضهم، واتهامهم بالعمالة لدول أخرى.
تعتقد المؤسسة الحاكمة بأن هؤلاء المجنسين يمكن أن يكونوا اقل مقاومة لظلمهم واستبدادهم، أو يمكن ضمان ولائهم الدائم، إلا أن هذا يعد جهلا بسنن التاريخ لا يؤدي إلا إلى الخراب والدمار.
كان هؤلاء المرتزقة المجنسين سببا في خلق حالة من العداء تجاه جميع من تم تجنيسهم بشكل قانوني وسليم. وللأسف الشديد أن الكثير من الذي تم تجنيسهم بصورة طبيعية وقعوا ضحايا سوء المعاملة جراء الكراهية التي ولدّها هؤلاء المرتزقة.
حتى لا نزر وازرة بوزر أخرى
ولكي لا نزر وازرة بوزر أخرى، علينا أن نفرق بين هؤلاء المرتزقة الأجانب وبين الكثير ممن حصلوا على الجنسية البحرينية وهم مستحقين لها، والذين هم بشر مثلنا سنة وشيعة وغيرهم، ولهم ما لنا من حقوق، وعليهم ما علينا من واجبات، بل يجب علينا أن نتصدى لأي مُنتهك لحقوقِهم أو مسيء لهم .
يجب الاعتراف بأن هناك فئة من المجنسين قدمت إسهاماتٍ كبيرة لهذا الوطن، وقامت بالمساعدة في بناء وتطوير بلادِنا في شتى المجالات، ومنهم من علمنا ودرسنا صغاراً، ونحن نعتز ونفتخر بأننا تتلمذنا وتدربنا على أيدي الكثير منهم.
هناك توجه خاطئ في التعامل مع المجنسين وكأنهم كتلة واحدة، وأن هناك بعض الخلط الظالم ولكن غير المتعمد، من قِبل البعض في التعامل مع المجنسين وكأنهم جسم واحد، جاء بطريقة واحدة، وبغرض واحد، وهدف واحد، وهو الاشتراك في مؤامرة المؤسسة الحاكمة في الإساءة لشعب البحرين، من خلال المساهمة في مؤامرة تغيير تركيبتهِ ونسيجه وتجانسه السكاني.
إن التعامل معهم أجمعين بهذه النظرة الواحدة السلبية، أو الإساءةِ لهم يعتبر نوعا من أنواع الكراهية العنصرية التي يجب الحذر من الوقوع فيها، بل إن ذلك يسئ لنا كشعب متحضر يحترم حقوق الآخرين بغض النظر عن أصولهم وخلفياتهم الدينية أو الإثنية. عرف عن شعب البحرين منذ القدم، أنه شعب راقي أصيل مثقف متعلم واجتماعي، ويرجع لحضارة عُمرها آلاف السنين، وعرف عن هذا الشعب أيضا تميزهُ عن غيره من الشعوب في صبرهِ على معاناته من الظلم والقهر والعزل والتمييز والاستبداد والقمع، الذي مورس عليه من قبل حكامه على مر السنين. وعليه يجب أن تدفعنا هذه المظلومية في نصرة المظلوم والدفاع عنه، والتصدي الحضاري لكل منتهك لحقوقه، وليس المشاركة في ظلمه.