تستطيع ايران أن تشعر بالرضا عن نتيجة هجوم اسرائيل المدمر على قطاع غزة.. تضرر حلفاؤها من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” لكنهم لم يهزموا وقد اكتسبت موطيء قدم في صناعة القرار العربي كما أن نداءاتها بمقاومة اسرائيل التقت مع الشعور الشعبي العربي اكثر من محاولات مصر تقليل اي مزايا يحصل عليها الإسلاميون الفلسطينيون.
وستجد طهران التي أعادت تسليح حزب الله اللبناني وأرسلت له مئات الملايين من الدولارات لإعادة الإعمار بعد حرب اسرائيل على لبنان عام 2006 صعوبة اكبر في تجديد ترسانة حماس او تمويل إعادة الإعمار في قطاع غزة.
وحدود القطاع الساحلي بين اسرائيل ومصر مغلقة رسميا. والبلدان معاديان لايران ومعاديان وإن كان بدرجات مختلفة لحماس التي تسيطر على قطاع غزة.
لكن محللين يقولون إن الايرانيين سيكونون راضين عن المكاسب التي حققوها من استثمار محدود نسبيا.
ويقول معين رباني المحرر بدورية ميدل إيست ريبورت “في الأيام الأخيرة لإدارة “الرئيس الأمريكي السابق جورج” بوش ماذا رأينا؟ لا قصف اسرائيلي ولا امريكي لمنشآت نووية ايرانية لكن تعزيزا لوضع ايران على باب اسرائيل… لماذا يشكون اذا كانوا جالسين في ايران”.
ومع اتجاه الصراع في غزة الآن نحو إعادة الإعمار عقدت اسرائيل العزم على حرمان حماس من اي مكاسب سياسية بعد الحرب فيما يريد الغرب استخدام أموال المساعدات لتهيئة دور يحيي دور السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في القطاع.
وكانت حماس سيطرت على القطاع في يونيو/ حزيران عام 2007 في أعقاب اقتتال داخلي مع قوات حركة فتح التي يتزعمها عباس.
وتعهدت حماس بتوزيع ما يصل الى أربعة آلاف يورو “5180 دولارا” على كل أسرة في غزة تضررت من الصراع الاسرائيلي وهو الوعد الذي أعاد للأذهان الأسلوب الذي حسن به حزب الله صورته على حساب الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب عبر توزيع الأموال على ضحايا حرب إسرائيل ضد حزب الله عام 2006.
ووسعت ايران نطاق علاقاتها مع حماس في الأعوام الأخيرة على الرغم من الاختلافات الدينية مع الحركة التي لها روابط مع جماعة الإخوان المسلمين السنية إذ ترسل لها أموالا عبر أنفاق أسفل حدود قطاع غزة مع مصر وتدرب مقاتليها.
وتقول مصادر اسرائيلية وأخرى من حماس إن العديد من النشطاء تلقوا تدريبا في ايران قبل الهجوم الذي شنته اسرائيل على غزة واستمر 22 يوما.
وفي معظم الأحيان تطلق حماس وجماعات فلسطينية أخرى صواريخ محلية الصنع على اسرائيل لكن مسؤولين اسرائيليين يقولون إن ايران زودت حماس ايضا بصورايخ كاتيوشا او جراد الاطول مدى كتلك التي استخدمها حزب الله حليف ايران وسوريا.
وقال مسؤول بالمخابرات الاسرائيلية طلب عدم نشر اسمه الاسبوع الماضي إن صواريخ جراد التي استخدمتها حماس مصنوعة في الصين واشترتها ايران وتم تهريبها الى سيناء عبر البحر الأحمر او السودان.
ويزعم الاسرائيليون أن الأسلحة الايرانية يجري تهريبها ايضا عبر قناة السويس الى ميناء مصري على البحر المتوسط حيث يعاد تحميلها على زوارق صيد صغيرة.
وتحاول هذه الزوارق الافلات من الحصار البحري الذي تفرضه اسرائيل على غزة إذ تلقي الأسلحة في حاويات خاصة توضع تحت سطح الماء ثم ينتشلها غطاسون فلسطينيون.
وذكر دبلوماسي غربي في طهران أن حجم إمدادات الأسلحة الإيرانية لحماس غير واضح وأضاف “أعتقد أن معظم الأشياء التي أطلقت من غزة صنعت في غزة”.
وتابع أن لايران وحماس عدو مشترك هو اسرائيل لكنه علاقاتهما ليست في نفس عمق علاقات طهران مع حزب الله.
وأضاف “لا توجد بينهما صلة ايديولوجية من اي نوع. إنه زواج مصالح بحت” محددا حركة الجهاد الاسلامي وليس حماس بوصفها توأم الروح الفلسطيني الأصلي لايران.
وقال رباني إن ايران كانت لتشعر بخيبة الامل في صراع غزة لو كانت اسرائيل قد حققت نصرا لا لبس فيه او لو كانت النتيجة السياسية سلبية بالنسبة لايران وحلفائها.
وأضاف “كان الوضع ليصبح العكس” مشيرا إلى أن حماس اكتسبت قوة من الناحية السياسية بينما أضعف الهجوم الإسرائيلي على قطاع عباس بشكل كبير.
ويقول الستير كروك مفاوض الاتحاد الاوروبي السابق للشرق الاوسط إنه على الرغم من قتل نحو 1300 فلسطيني وإلحاق دمار هائل بقطاع غزة فشلت اسرائيل في تحقيق النصر العسكري الحاسم الذي ادعاه زعماؤها.
وأضاف “كانت حرب اشباح” مضيفا أن حماس احتفظت بجزء كبير من طاقتها القتالية عبر تجنب المواجهة المباشرة مع القوات الاسرائيلية الاكثر تفوقا بمراحل وأظهرت قوة نفسية.
وقال كروك “تشعر اسرائيل أنه حين ترى حماس الدمار في غزة ستخرج نادمة وطيعة ومرتدعة”.
واستطرد “لكن “عناصر” حماس لم تخرج بسراويلها الداخلية تلوح بأعلام بيضاء. لم تكن هناك صور للهزيمة. أتصور أن ايران راضية عن النتيجة السياسية او حتى العسكرية”.
وفي منتصف الصراع انتقد الزعيم الأعلى الايراني آية الله علي خامنئي حكومات بعض الدول الاسلامية لعدم بذل جهد يذكر لوقف الهجوم الاسرائيلي قائلا إن هذا سيعرضها للإهانة في المستقبل وهي الرسالة التي لقيت صدى في الشارع العربي.
وجرى الاستماع بكل احترام لايران التي شاركت في قمة عقدت لبحث الوضع في غزة في قطر بوصفها مراقبا غير عربي ودعت سوريا وحماس في القمة الدول العربية إلى قطع علاقاتها مع اسرائيل. ولم تحضر مصر والسعودية الحليفان العربيان الرئيسيان لواشنطن هذه القمة لكن تركيا حضرتها.
وقال كروك عن قمة قطر التي مثلت فيها حماس وفصائل أخرى مناهضة لعباس الفلسطينيين “كان تغيرا مذهلا في الدبلوماسية” وقد اقترح الرئيس السوري بشار الاسد سحب مبادرة سلام عربية كانت طرحت من قبل على اسرائيل.
وأشار رباني الى أن قمة الدوحة أظهرت أن ايران أصبحت تقريبا طرفا مشاركا مقبولا في الحوار الاقليمي. وقال “اللاعبان الرئيسيان هناك لم يكنا “اللاعبين” التقليديين القاهرة والرياض بل طهران وأنقرة. وهذا يخبر بالكثير”.’