د. فايز أبو شمالة
أين سلاح الاستشهاديين داخل المدن الإسرائيلية؟ سؤال ظل يطفح على سطح الوجدان الفلسطيني طوال أيام الحرب، وأحسب أنه كان في مقدور حماس، ورجال المقاومة الفلسطينيين القيام بأكثر من تفجير استشهادي داخل المدن الإسرائيلية، ولاسيما أن العدو اقترف مجازر، ومارس القتل لأجل القتل بشكل فاضح، وهو ما يبرر الرد العنيف، ولقد سبق أن لجأت المقاومة إلى سلاح الاستشهاديين في فترات سابقة، عندما هتف الشارع الفلسطيني مع بداية الانتفاضة الثانية: [الانتقام الانتقام يا كتائب القسام] لقد استجاب القسام، وبلّ ريق الشعب الظامئ إلى الانتقام، يوم لم يكن لدى الفلسطينيين خيار آخر، ولا بدائل عسكرية لضرب العمق المظلم في إسرائيل، إلى أن تمت الاستعاضة في حرب غزة عن الاستشهاديين بالقذائف الصاروخية دقيقة التصويب التي فاق مداها الخمسين كيلو متراً.
وهنا يمكن الاستنتاج؛ أن الارتقاء الفكري، والأخلاقي، والسياسي لدى المقاومة الفلسطينية حال دون قتل المدنيين المتعمد، ولاسيما حين توفرت القدرة ـ إلى حد ما ـ على ضرب المواقع العسكرية، بينما العدو الصهيوني تعمد قتل المدنيين حين فشل في تحقيق نصر سهل على رجال المقاومة، وهنا يمكن ملاحظة الفارق بين سلوك دولة يهودية غاربة، يقصيها الخوف عن الخريطة السياسية، تؤسس لنهايتها وهي تعتمد نسف البيوت، وقصف الأطفال، وقتل النساء منهجاً، وبين دولة الإسلام القادمة لا ريب، وهي تؤسس للمساواة، والعدالة حتى مع أعدائها القتلة.
لقد غاب بشكل لافت عن حرب غزة التسلل إلى أرض العدو من خلال الطائرات الشراعية، وغاب أيضاً التسلل البحري من خلال الزوارق السريعة، وأحسب أن القدرة على تطوير هذا العمل، وانتقاء الأهداف العسكرية ستكون متوفرة في الحرب القادمة بعد عامين، أو أكثر لا محالة، ولاسيما أنني قرأت في موقع “دبيكا” العبري: “أن هنالك مهندسين إيرانيين على ظهر سفن تجارية في عرض البحر، مقابل شواطئ غزة، وهم خبراء في حركة التيارات البحرية العميقة، يلقون بصناديق السلاح في أوقات، وأماكن معينة، لتصل إلى شواطئ غزة في موعد متعارف عليه مع رجال المقاومة، وهذه الخبرة العلمية أكبر من القدرة الإسرائيلية على وقفها، وبالتالي لجأت إسرائيل إلى طلب المساعدة الأمريكية، والأوروبية” إن هذا الخبر ليؤكد على إرادة المقاومة في الحصول على السلاح، وتصميمها على تطوير قدراتها، ووسائلها القتالية في المستقبل، ولاسيما بعد المحرقة التي اكتوى في نارها الأطفال، والنساء بشكل يحتم على كل فلسطيني، وعربي أن لا ينسى، وأن لا يغفر.