المملكة قد تشهد تولي خمسة ملوك في خمسة أعوام ما لم يتغير نمط اختيار الملك وولي عهده، وفك “سطوة الأخوة السديريين” على مقاليد الحكم
وطن (خاص)
حذر تقرير صادر عن “معهد واشنطن” المعروف بسياساته اليمينية، بعد يوم من تولي الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما من أن المملكة العربية السعودية ستشهد تغييرات في العرش السعودي في الأشهر القليلة القادمة. ورسم التقرير الذي كتبه سيمون هندرسون وهو مدير برنامج منطقة الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن ومؤلف كتاب “بعد الملك فهد: الخلافة في المملكة السعودية” سيناريوهات عدة في حال وفاة ولي العهد السعودي “الذي يعاني من مرض السرطان” أو الملك نفسه “الذي ” قدراته محدودة” كما أشار التقرير بسبب اعتلال صحته. وحذر التقرير من أن إدارة أوباما ستواجه تحديات كبيرة في ملف العرش السعودي ما لم يتم تغيير الطريقة التي يتم فيها اختيار الملك أو ولي العهد وذلك للسماح بتولي الأمراء الصغار قيادة المملكة. مؤكدا أن الخيارات محصورة في اختيار ولي عهد جديد بعدة أمراء بلغوا سنوات متقدمة من العمر. ورجح التقرير أن تشهد المملكة تولي خمسة ملوك عرش السعودية في السنوات الخمس القادمة.
ويقول التقرير الذي اطلعت “وطن” على نصه: “بعد أشهر من التكهنات حول صحة ولي العهد السعودي، الأمير سلطان بن عبد العزيز، أصبح كبار المسئولين السعوديين يتحدثون علناً عن اعتلال صحته” .
ويؤكد التقرير الذي حمل عنوان ” السعودية مقبلة على أزمة قيادة: صحة ولي العهد متعثرة” أن السعودية وهي أكبر حليف وثيق للولايات المتحدة وزعيمه للعالم الإسلامي ، كما تعرف نفسها ، وأكبر مصدر للنفط في العالم، بالإضافة إلى أن الحاجة إليها أصبحت ملحة كمصدر لرؤوس الأموال في العالم ، تواجه فترة تغيير لقيادتها، لكن لم يتضح بعد هوية الملك القادم إلى حد كبير ولدرجة يصعب التكهن حولها .
ويشير التقرير إلى أن ولي العهد ووزير الدفاع السعودي “لفترة طويلة” متواجد الآن في المغرب وذلك بعد ستة أسابيع من العلاج في مدينة نيويورك ، وأشار إلى أن ابنه الأمير خالد بن سلطان قد ابلغ قيادات الجيش أن صحة والده الأمير سلطان تتحسن وتتقدم ، لكنه سيعود إلى الولايات المتحدة خلال شهر واحد لمزيد من الفحوصات والعلاج !!
ويذكر أن الأمير سلطان كان قد خضع عام 2005 لعملية جراحية بعد إصابته بسرطان القولون لكن صحته عادت إلى التدهور وتوجه إلى جنيف في نيسان أبريل من العام الماضي مدعياً إجراء فحوصات طبية روتينية .
ويقول التقرير : إذا توفي الأمير سلطان (85 عاماً) هذا العام، قبل أن يتوفى الملك (86 عاماً ) سيتولى المسؤولية المجلس الذي أنشأه الملك عبد الله ويتكون من كبار أبناء وأحفاد مؤسس المملكة الملك عبد العزيز والذي جعل من مهمته تحمل مسؤولية اختيار ولي للعهد ، بعد أن كانت من صلاحيات الملك وحده.
ويشير التقرير، انه وخلافاً لكل ممالك الدنيا فأن الخلافة في السعودية تنتقل من الأخ إلى أخيه وليس لابنه وهذا نظام معمول به في السعودية منذ 50 عاماً .
ويضيف التقرير “لعل هذا النظام لم يراع أن ملوك السعودية سيعتلون العرش بأعمار متقدمة ، فالملك فهد اعتلى العرش وكان عمره واحد وستين ، وخليفته عبد لله الملك الحالي اعتلى العرش وكان عمره واحد وثمانون (رغم انه كان الحاكم الفعلي للبلاد خلال الفترة من 1996 إلى 2005 بعد أن أصيب الملك فهد بالشلل بعد تعرضه لعدة جلطات).
ويحذر التقرير من أن هذا النظام سيؤدي إلى تعاقب الملوك على السعودية بحيث يصل عددهم إلى خمسة ملوك في خمسة أعوام .
ويكشف التقرير أن المجلس المخول باختيار ولي العهد غير مجرب وتشوبه بعض المشاكل ، إذ يرأسه الأمير مشعل وهو الأخ غير الشقيق للملك ، ومعروف عنه ولاءه الشديد للملك ووقوفه بجانبه أثناء الاجتماعات الهامة لأمراء آل سعود . والأمير مشعل الذي شغل منصب وزير الدفاع في الخمسينات ، وأمير مكة المكرمة في الستينات يؤخذ عليه انه صاحب تجارة واسعة تتعارض مع صلاحياته الحكومية .
ويشكك التقرير في قدرة هذا المجلس تحت رئاسة الأمير مشعل على حسم ولاية العهد ويرجح التق
رير أن يواجه المجلس تحديات كبيرة وخصوصاً من “الأخوة السبعة السديريين” والذين أصبحوا الآن ستة أخوة بعد وفاة الملك فهد. ويطلق عليهم وصف سديريين نسبة إلى أمهم السديرية . وهؤلاء الأخوة هم أصحاب القبضة الكبرى في البلاد ومنهم الأمير سلطان ، والأمير نايف ( تشير التقارير أن صحته ليست على ما يرام ) وحاكم الرياض الأمير سلمان .
رير أن يواجه المجلس تحديات كبيرة وخصوصاً من “الأخوة السبعة السديريين” والذين أصبحوا الآن ستة أخوة بعد وفاة الملك فهد. ويطلق عليهم وصف سديريين نسبة إلى أمهم السديرية . وهؤلاء الأخوة هم أصحاب القبضة الكبرى في البلاد ومنهم الأمير سلطان ، والأمير نايف ( تشير التقارير أن صحته ليست على ما يرام ) وحاكم الرياض الأمير سلمان .
سيناريوهات عدة قد تحدث خلال الأشهر القليلة القادمة : –
وفاة الأمير سلطان : وهذا الحدث سيدفع الأمراء السديرين لاختيار واحد منهم لمنصب ولي العهد والمرشحان هما : الأمير نايف وهو لا يحظى بالشعبية الكافية والخيار الثاني الممكن هو شقيقه الأصغر الأمير سلمان.
وفاة الملك عبدا لله : فرغم ظهوره العلني ، إلا انه يشاع على نطاق واسع أن قدراته محدودة ، وفي حال وفاته قبل أخيه سلطان المعتل صحياً ، سيصبح الأخير هو الملك، من الناحية النظرية وهذا شبه مؤكد ، لكن قد يلجأ المجلس – حسب التقرير- إلى قانون يسمح له بعرض الملك المرشح أو ولي العهد المرشح أمام لجنة طبية للتأكد من سلامة صحته لكن سطوة السديريين قد تحول دون ذلك.
ويتوقع التقرير أن يلغي الأمير سلطان في حال توليه الحكم المجلس الذي أنشأه شقيقه لاختيار ولاية العهد .
ويوصي التقرير أن الحل في معضلة العرش السعودية ببساطة هو تغيير طريقة انتقال الحكم لإشراك الأمراء الصغار غير أن هذا الحل سيلقى معارضة شديدة من “الإخوة السديريين”
التحديات التي تواجه السياسة الأمريكية:
ويستعرض التقرير التحديات التي تواجه أميركا بسبب التغيرات المرتقبة بالقيادة السعودية، بقوله أن مداولات المجلس المختص باختيار ولي العهد ستكون سرية بالإضافة إلى أن هذا المجلس لم تختبر ولاءاته بعد، كما أن قراراته قد تفرط عقد التآلف الحليف لأميركا، فخالد بن سلطان يدير بفعالية – حسب التقرير- وزارة الدفاع عوضاً عن أبيه ، كما أن محمد بن نايف يدير هو الأخر وزارة الداخلية، عوضاً عن أبيه، وفي حال وفاة ولي العهد أو الملك سيتم ترقية هؤلاء الأبناء ليحلوا محل آبائهم، أو سيكون أحدهم الملك أو ولي العهد الجديد، وسيحتل مناصب الأبناء أمراء لا تعرفهم أميركا جيداً.
ويقول التقرير أن الخيارات تبدو جدا محدودة، فوزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل مصاب بمرض مزمن هو “الباركنسون”، وشقيقه الرئيس السابق للمخابرات والسفير لدى واشنطن الأمير تركي بن فيصل تم إقالته من منصبه وهو اختيار مستبعد. أما رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان والذي شغل أيضا منصب سفير السعودية لدى واشنطن فهو مستبعد أيضاً بسبب والدته “التي هي من أصل أفريقي وكانت تعمل في خدمة الأمراء”.. أما رجل الأعمال الأمير وليد بن طلال فقد وجه انتقادات علنية للعائلة المالكة.
ويشير التقرير إلى أن العلاقات السعودية الأمريكية شهدت مداً وجزراً في السنوات الأخيرة، ورغم أن السعودية حسنت من تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر إلا أنها لم تكن كذلك قبل الهجمات ويجب أن لا ننسى أن 15 من المهاجمين من أصل 19 كانوا سعوديين. كما أن السعودية – حسب التقرير- لم تبد أي تعاطف مع الغرب بعد أن وصل سعر برميل النفط إلى أكثر من 100 دولار.
ويشير كاتب التقرير إلى حاجة أميركا للسعودية في إدارة صراعها مع إيران، مستشهداً بمقال لـ “دينيس روس” الشهر الماضي في مجلة نيوزويك والذي أشار فيه إلى حاجة إدارة أوباما للسعودية في الفترة المقبلة لدفع خياراتها بالتعامل مع إيران.
وينتهي التقرير بالقول أن واشنطن تأمل تجنب أي صراع على عرش السعودية على غرار ما حدث بين عبد العزيز نجل الملك سعود وفيصل الذي أصبح خليفة له في نهاية المطاف لكن بعد أن شلت حكومة المملكة بين عامي 1958 و 1964. ويؤكد التقرير أن الرياض ستكون حساسة جداً لأي تدخل خارجي أو حتى إبداء النصح والمشورة في هذا الشأن، لكن أي تغييرات وتحولات محتملة في العرش السعودي في الأشهر المقبلة ستحظى باهتمام كبير في واشنطن وفي كثير من عواصم العالم.