وصف البروفيسور الأمريكي البارز ستيفن والت الاعتقاد بأن إسرائيل لديها قيادة إستراتيجية عبقرية هو مجرد “أسطورة”، مشيرا إلى التفوق العسكري الإسرائيلي فشل في تحسين الموقف الإستراتيجي الإسرائيلي منذ عام 1982 وحتى الآن. وقال ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد الأمريكية، إن ثمة اعتقادا بأن “القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية ذكية بشكل استثنائي وبارعة في الإستراتيجية بشكل عميق، بحيث يفهمون البيئة المهددة لهم، ولديهم تاريخ من النجاح ضد خصومهم”.
وأضاف والت في مقاله الذي نشرته مجلة فورين بوليسي المرموقة: “وقد عزز الإسرائيليون من صورة العبقري الإسرائيلي الإستراتيجي طوال سنوات، ويبدو أنها أصبحت مادة عقائدية بين المحافظين الجدد وغيرهم من المتشددين الداعمين لإسرائيل في الولايات المتحدة”.
يُشار إلى أن والت كان قد شارك في إعداد الدراسة الشهيرة “اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية” مع البروفيسور جون ميرشيمر أستاذ للعلوم السياسية بجامعة شيكاغو، في عام 2006، وهي الدراسة التي حظيت باهتمام بالغ في الأوساط السياسية الأمريكية خلال العامين الماضيين.
وقال والت إن ثمة صورة شائعة تصور إسرائيل باعتبارها داوود الضئيل الحجم في مواجهة جالوت العربي الضخم، وعلى هذا الأساس فإن “المفكرين الإستراتيجيين العباقرة” فقط هم الذين يستطيعون الانتصار دائما.
واعتبر والت أيضا أنه مما عزز هذه الصورة بعض الانتصارات التي حققتها إسرائيل في المواجهات مع الدول العربية في أعوام 1948 و1956 و1967 وغيرها من المواجهات.
لكن والت أضاف: “إن هذه الإنجازات التكتيكية هي جزء من صورة أكبر، وهذه الصورة ليست جميلة، فقد خسرت إسرائيل عدة حروب في الماضي”، مشيرا إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة هو أحد تجليات خسارة العديد من الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية.
وتتبع والت العديد من المواجهات التي خسرتها إسرائيل عسكريا أو تكتيكيا مثل حرب 1973 والاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982، وفشلها في تحقيق التسوية مع الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية بعد اتفاق أوسلو في 1993 والانسحاب الإسرائيلي من غزة في 2005، ثم الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006، حيث وصف والت الأخيرة بأنها “كشفت مواضع النقص في تفكير إسرائيل الإستراتيجية بوضوح أكبر”.
وأخيرا أشار والت إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة كشف عن “قصر نظر إستراتيجي” لدى إسرائيل.
حيث قال والت: “لقد قال القادة العسكريون الإسرائيليون في البداية إن هدفهم هو إيقاع قدر كبير من الضرر بحماس بحيث لا تستطيع تهديد إسرائيل بهجمات الصواريخ، ولكنهم يعترفون الآن أن حماس لم يتم تدميرها أو نزع سلاحها بهجماتهم، بل يقولون بدلا من ذلك إن المزيد من المراقبة الشاملة سوف تمنع تهريب أجزاء الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى داخل غزة”.
وعقب والت على ذلك بوصفه “أملا فارغا”، مضيفا أن “حماس لم تقبل وقفا لإطلاق النار، ومازالت تطلق الصواريخ، وحتى إذا قبلت وقف إطلاق النار قريبا فإن إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون سوف يُستأنف في أي وقت في المستقبل”.
وتابع قائلا إن “صورة إسرائيل الدولية تعرضت للجلد، وربما أصبحت حماس أكثر شعبية، وفقد قادة معتدلون مثل محمود عباس مصداقيتهم بشكل سيء”.
وختم البروفيسور البارز مقاله بقوله: “في ظل هذا السجل الكئيب لا يوجد مبرر للاعتقاد أن إسرائيل لديها إستراتيجيون موهوبون بشكل متفرد، أو مؤسسة أمن قومي تقوم باختيارات ذكية وبعيدة النظر دائما”.
وأضاف: “ربما يكون الملاحظ بشكل أكبر عن إسرائيل هو أن مخططي هذه الكوارث –باراك وأولمرت وشارون وربما نتنياهو – لا يتم طردهم من الأدوار القيادية، بل بدلا من ذلك يتم إعطاؤهم فرصة أخرة لتكرار أخطائهم”.