شنت الجالية اليهودية في واشنطن وخاصة تلك المتطرفة منها والمنحازة بشكل أعمى إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي هجوما عنيفا ضد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما على خلفية اختياره لعضو الكونجرس الأسبق جورج ميتشيل مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط. ولا تخفي إسرائيل استياءها من تعيين ميتشل مبعوثا إلى الشرق الأوسط، في ضوء مواقفه في الماضي وخصوصا تلك التي شملها تقرير أعدّه ووازى من خلاله بين وقف الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتجميد الاستيطان، وهي المعادلة التي شكلت في وقت لاحق أساسا لخطة خريطة الطريق.
ومعروف عن ميتشيل الماروني انه مفاوض ماهر، مارس مهام سابقة في الشرق الاوسط عندما كلف عام 2000 برئاسة لجنة دولية للشرق الاوسط حملت اسمه، لايجاد السبل المؤدية الى وقف العنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين، كما رعى محادثات السلام خلال النزاع في ايرلندا الشمالية، التي ادت الى اتفاق تاريخي يوم الجمعة العظيمة عام 1998، اعتبر ميتشل خلال تلك الفترة احد الاطراف القليلة في عملية السلام، الذي كان يحظى بثقة جميع الاطراف.
وزعم المعلق اليهودي الأمريكي المعروف بدعمه الدائم لإسرائيل جيمس باسير إن القرار سيشق الصف اليهودي بعمق. وأضاف “الخلافات ستظهر بصفة خاصة في تيار الوسط أما اليمين فسوف يرفض بشدة فيما سيرحب اليسار، إنه ليس قرارا يمكن الاتفاق عليه”.
وقال باسير إن ما يزعج قادة الجالية اليهودية في اختيار ميتشيل هو أنهم تعودوا على سياسة بوش التي لا تدخل بصورة مباشرة في مسار الأزمة وتترك لإسرائيل حرية التصرف، ولا تقوم بخطوة مهمة دون التشاور معها مسبقا.
وأضاف “يعيد القلقون إلى الأذهان التوصيات التي وردت في تقرير ميتشيل عام 2001 بما فيها تجميد المستوطنات ورفض موقف توسعتها لاستيعاب النمو الطبيعي لسكانها”.
بدوره، قال إبراهام فوكسمان وهو مدير رابطة مكافحة التشويه التي تعد أكثر المنظمات اليهودية الأمريكية نفوذا وتأثيرا “إن ما شجع أوباما على اختيار ميتشيل هو ذاته ما يدعو قادة الجالية اليهودية الأمريكية إلى القلق”.
وأضاف “السيناتور ميتشيل محايد، وهو يحرص على ذلك بصورة مبالغ فيها. ولكن السياسة الأمريكية لم تكن محايدة، إنها كانت تقف إلى جانب إسرائيل كلما شعرت أن إسرائيل تحتاج إلى مساعدة، ولذا فإنني أشعر بالقلق من أن يكون ذلك تبدلا في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل. ثم إنني لا أشعر أن هناك حاجة إلى هذا النوع من المقاربة في الشرق الأوسط”.
أما مدير المنظمة الصهيونية الأمريكية مورتون كلاين وهو أحد غلاة المتطرفين على ساحة الجالية اليهودية فقد قال “في الاجتماعات التي شاركت فيها مع ميتشيل أوضح الرجل بجلاء انحيازه للموقف الفلسطيني على حساب الموقف الإسرائيلي، إننا سنعرب للبيت الأبيض عن قلقنا العميق وسنبدأ الضغط لتحجيم الخسائر المتوقعة، إن جورج ميتشيل ليس محايدا ولا ينبغي لأحد أن يكرر هذه الأكذوبة الشائعة”.
كما قالت المديرة التنفيذية لمعهد الأمن القومي اليهودي جينسا شوشانا برايان إن القرار الذي اتخذه أوباما “خطأ كبير. إن مجرد تعيين مبعوث رئاسي للشرق الأوسط هو خطوة خاطئة، إن القرار يغفل الشقاق في العالم العربي وتزايد النفوذ الإيراني هناك، أي عودة إلى الأساليب السابقة، وتناسي ما حدث من تغييرات هو أمر محكوم عليه بالفشل مقدما”.
ونقلت صحيفة “الوطن” السعودية عن مايكل روزنبرج نائب مدير الملتقى الإسرائيلي قوله إن ميتشيل يقلق أنصار إسرائيل بصورة عميقة. وأضاف “لقد تعود هؤلاء على ما كان يفعله بوش من الحديث وعدم فعل شيء. ثم إن ميتشيل قلما يفشل.
اضاف، لقد نجح في أيرلندا وهو أمر مزعج لأنصار إسرائيل إذ قد ينتهي الأمر بإرغام الدولة اليهودية على تقديم تنازلات لا تريد تقديمها. ولأن ميتشيل محايد تماما فإنه يصبح أكثر إزعاجا”.
من ناحية اخرى، أثارت تصريحات أوباما، حول نيته السعي القوي والنشيط الى تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، مخاوف في إسرائيل وقلقا من أن يسعى الرئيس الأمريكي الى املاء اتفاق سلام عليها.
وذكرت الصحف العبرية أن تصريحات أوباما الخميس تثير تخوّفا في تل ابيب، خصوصا من أن يملي اتفاقا على إسرائيل.
وأضافت ان إسرائيل تفسر تصريحات أوباما على أنها دعوة في اتجاه واضح جدا، وهو أن الإدارة الجديدة ستكون منخرطة ونشطة خلال مفاوضات بين إسرائيل والعرب، وخصوصا الفلسطينيين.
واشارت إلى أن تصريحات أوباما موجّهة خصوصاً إلى رئيس حزب ليكود بنيامين نتنياهو، وهو المرشح الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
ورأت أنه خلافا لتوقعات المتنافسين على رئاسة الحكومة في إسرائيل فإنّ الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة لم ترجئ الأزمة الإسرائيلية – العربية إلى هامش جدول عمل الإدارة الجديدة، وتبدّدت آمالهم في أن تؤدي البطالة في الولايات المتحدة إلى بطالة ديبلوماسية في الشرق الأوسط.
وشدّدت على أن إعلان أوباما أن الحلّ هو دولتان للشعبين غايتها التوضيح للإسرائيليين بأن عليهم نسيان أفكار مثل نقل غزة إلى (سلطة) مصر واستئناف العلاقة بين الفلسطينيين (في الضفة الغربية) والأردن.
من ناحيته، قال مستشار رفيع المستوى لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، طلب عدم نشر اسمه، أول من امس، ان اسرائيل تعتقد ان اوباما سيستمر في رفض التحدث مع حركة حماس مسايرا السياسة التي وضعها سلفه.
وقال مشيرا الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان “التحدث الى حماس هو أولا وقبل كل شيء مشكلة فلسطينية. واذا بدأ المجتمع الدولي يتحدث الى حماس، فان ذلك سيضعف المعتدلين”.
وتابع ان اسرائيل تستبعد اعادة فتح المعابر الحدودية الى قطاع غزة في شكل كامل ما دامت حماس تحكم القطاع او قد تستفيد من تخفيف القيود.
وقال ان اسرائيل ستسمح بأقصى تدفق من امدادات الغذاء والدواء والنفط والغاز الى غزة لمساعدة السكان على التغلب على اثار الحملة العسكرية.