دعا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسائل الإعلام لعدم فتح الباب على مصراعيه للإفتاء لغير العلماء. وأكد، لدى استقباله في قصره بالرياض المشاركين في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها الذي عقده المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، أن تأهيل العلماء والمفتين مطلب ضروري فالتصدي للفتوى له شروطه التي يجب أن تتوفر في أهلها”.
ويأتي كلام العاهل السعودي متزامنا مع تسجيل العديد من المراقبين تصاعدا لافتا في عدد الفتاوى الصادرة عن رجال دين سعوديين لم يعد الكثير منهم يقتصرون -حسب تحليل أحد المراقبين- على الشأن الديني والاجتماعي، بل امتد اهتمامهم -إن لم يكن قد تركز أصلا- على الشأن السياسي، في مسعى عد خطوة باتجاه التأسيس لسلطة موازية وتكوين رأي عام غير متوافق ضرورة مع التوجهات السياسية الرسمية للمملكة.
ويقدم المراقبون مثالا حديثا على ذلك؛ فتوى صدرت منذ يومين بتحريم “مبادرات السلام التي تتضمن الاعتراف بحق اليهود في أرض فلسطين”، ما عدّ متناقضا مع تقديم المملكة لما يعرف بـ”مبادرة السلام العربية” في قمة بيروت سنة 2002 والتمسك بعدم سحبها بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
كذلك ناقضت هذه الفتوى موقف ما يعرف بـ”محور الاعتدال العربي” -والسعودية جزء منه- من حركة حماس الفلسطينية حين اعتبر عددٌ من العلماء والقضاة وأساتذة الجامعات السعوديين الذين أصدروها “أن السعي إلى تحرير فلسطين هو واجب شرعي على الشعوب والحكومات، وأن ما تقوم به الفصائل الجهادية لتحقيق هذا المقصود هو من أعظم الواجبات الشرعية”، مشددين على “شرعية تهدئة فصائل المقاومة مع العدو، بشرط أن تكون مؤقتة، على أن تستمر الفصائل الجهادية في بناء قدراتها الإيمانية والتربوية والعسكرية والاقتصادية”.
كما رفض هؤلاء “لمز المقاومة وانتقاصها”، مشددين على أن اللّمز “من نهج المنافقين وديدنهم”.
ومن الفتاوى ما بدأ يمس بثوابت علاقات تعتبرها المملكة استراتيجية على غرار العلاقة بالولايات المتحدة، حيث دعا عالم الدين السعودي الشيخ سفر الحوالي أمس الى مقاطعة الولايات المتحدة والغرب، معتبراً أن حوادث قطاع غزة سيكون لها أثر كبير على السياسات الاقليمية والعالمية.
ونُقل عن الحوالي قوله إن “ذلك أقلّ ما يمكن أن يعمله المسلمون للاحتجاج على المواقف الأميركية والغربية التي طالما ساندت العدوان الصهيوني وتجلّت بوضوح في الأحداث الأخيرة”.
وأضاف أن “قضية فلسطين كانت وماتزال قضية الأمة الإسلامية الأولى”، مؤكداً أن “لا حلّ للقضية الفلسطينية سوى بالجهاد”.
وأثنى الحوالي على “المجاهدين الفلسطينيين وبخاصة في غزة في ثباتهم ومقاومتهم للعدوان” كما أثنى “على وحدتهم وتلاحمهم”.
إلى ذلك يرى مراقبون أن بعض الفتاوى ذات الطابع العقائدي وحتى الاجتماعي المحض لا تخلو من إحراج للمملكة، إذ يأتي ما تنص عليه معاكسا لجهود سعودية باتّجاه التلاؤم مع بعض المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وحديثا أثار كلام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ “رغم أنه محسوب على المؤسسة الرسمية” عن أن “زواج الفتيات اللاتي يبلغن سن العاشرة حلال”، وأن “الانثى إذا تجاوزت العاشرة من العمر فهي قابلة للزواج”، انتقاد هيئة حقوق الإنسان السعودية لظاهرة “تزويج القاصرات”، معتبرة ذلك انتهاكا للطفولة ومؤكدة سعيها بالتعاون مع بعض الجهات المعنية للحد من انتشارها.