بقلم صالح صلاح شبانة
جرت هذه الحكاية مجرى المثل الشعبي ، وقد غرفتها من بحر العلاّمه الراحل (روكس بن زائد ألعزيزي ) وقد غرفها من البادية الأردنية ، قبل أن يتوطن البدو و حلّوا ، وكفوا عن الترحال ، ولا أريد أن افسد معانيها بفرض رأيي على شروحها ، بل سأترك لكل منا أن يفهم ما ترمي إليه بنفسه ، ومع ذلك يتطلب الأمر مني شروحي الخاصة .
أصل الحكاية كما أشار العلاّمة الراحل : أنه كان لرجل جاريتين (أيام الجواري التي انقضت ) ، إحداهما صارخة الجمال وتدعى (عيده) و الثانية زنجية سوداء ، وتدعى (اسعيده) ، وكان يعشق البيضاء عيده أكثر من السوداء اسعيده ، وعلى ما يبدو أن عيده واسعيده كانتا لا تجدان مؤهلات الرجل الكامل بالسيد الذي ممكن أن يشتري أجساداً يتملكها ، ولكن هيهات أن يتملك قلوباُ ليس له سلطان عليها !!!
وحدث أن كان بين العرب حاويا ، وهو الذي يمتص السم من الجسد الملدوغ ، ثم يبصقه ، وكان الكل على استعداد لفعل ذلك ، خصوصاً إذا اللذعة في مكان لا يُربط ،مثلما تربط الأطراف.
واتفق أن عيده المعشوقة كانت هاوية للحاوي ، ولم تكن تلك الخيانة مستغربة بالجارية التي تباع وتشرى بسوق النخاسة ، وهي طوع وملك يمين من يدفع ويشتري ، إذ هي بضاعة لا أكثر !! لذلك طوَّعت لها نفسها بالاتفاق مع الحاوي أن عقرباً لدغ خدها ، فأتى الخاوي الذي كان ينتظر النداء بفارغ الصبر ، ووضع فمه على خدها ، وهو بيت القصيد وزعم أنه يمتص السم ، حتى ارتوى من خد عيده الشهي !!!!!!!
وعندما رأت اسعيده حيلة ومكيدة عيده والحاوي ، قررت أن تلقنه درساً لا ينساه العمر كله ، فزعمت أن عقرباً لدغها في مكان ما من جسدها ، وصارت تصرخ وتستنجد سيدها ليأمر الحاوي ليمتص لها السم قبل أن يودي بحياتها !!!
وأمام رفض الحاوي اضطر الشيخ إلى هز السيف ، فقام الحاوي بامتصاص السم المزعوم من (قفا) اسعيده ، ونفث حزنه حسرات وقال قولته المأثورة التي سطرها لنا التاريخ درساً لنا لعلنا نتعلم وهو { راحت حُبِّة (بوسة) عيده في قفا اسعيده } .
وللمثل وجوه أخرى ، ولكن النتيجة واحدة وهي : أن من يحيك سوءا اوخيانة ليستفيد منها تأتي نتائجها بصورة عكسية لم يكن يتوقعها , ومن نفس العمل الذي أحبه فتفسد الأمر عليه !!
في أرشيف عقلي آلاف الأمثال والحكايات ، ولكنني ما قرأت معلومة تقول : { إن المخزون الإستراتيجي لمصر من الغاز الطبيعي لا يكفيها أكثر من (17) سنة ، وهي تستعمل هذا الغاز من أجل توليد الطاقة الكهربائية ، ومع ذلك تبيع هذا الغاز لإسرائيل العدو التقليدي للعروبة والإسلام إلى قيام الساعة و ( العدو ما بصير حبيب غير لما يصير الحمار طبيب ) ، ومع ذلك تبيع الحكومة المصرية ، و لا نقول مصر العروبة الغاز المصري ، القوة الإستراتيجية للعدو وتشتري السولار الذي يقفز مثل الجندب قفزات طويلة متلاحقة ، فما الحكمة من ذلك ؟؟ أليس من حق الأمة أن تفهم وتعلم ؟؟؟
إذا كانت الحكومة المصرية تحسب أنها تقبل خد (عيده ) إني أبلغها بكل أسف إنها تقبل (قفا) إسعيدة ، وليعترفوا قيل نضوب ثروات الأمة ، ولا ينفع الندم ، أنهم حجارة شطرنج يُحركون كيفما تقتضي أصول اللعبة !!!!!! اليس ما يحدث هو جزية سياسية يدفعها المبروك لأسياده لأستمرار حكمه ، وتوريث ابنه ؟؟؟