انهزمنا ولكن .. بقلم عبد الحميد عبد العاطي
اعلم أن الطريق لعقولكم متاهة بل ويمكن أن تكون ذات مسلك وحيد لا يوجد له مخرج سوى العودة من حيث أتيت.. وهكذا الحال في كل مرة بالنسبة للتعاطف والتكاثف مع أي أمر جلل يصيب هذه الشعوب ذات المستوي الثالث ،أما بالنسبة للإحساس والمشاعر الجياشة لا يختلف اثنين على أن الأمة العربية صاحبة اكبر فيض من الغزل والرومانسية والنفاق والمجاملة ، وأيضا الإفراط في الدعاء والتفكير بالقلوب لا بالعقول ، “والترسيخ لمنهج شيوخ الشعارات “،وإهمال ما نصت عليه الآية الكريمة فقد قال تعالي..”وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة” والقوة هنا نكرة في سياق الكلام فتفيد العموم،أي قوة كانت…قوة علمية، قوة مادية،قوة سياسية شرعية،قوة إعلامية…الخ ، ولكن يجب ألا نقف على قوة واحدة ونتغني عليها وكأنها محرمة من التحريف .
وهنا ينبغي أن يلاحظ..أن هذا الأمر القرآني أول ما نزل إنما انزل على أقوام أصحاب منهج ..بمعنى “قوة المبدأ الذي يؤمنون به”، فهم أساسا لم يؤمروا بالقتال..إلا بعد أن استوفوا جانب القوتين، ألا وهما القوة المادية وقوة المبدأ “أي العقيدة” ،حينها كان الإذن الإلهي “أُذِنَ للذين يُقُاتَلون بأنهم ظلموا”.. إذا أيها القارئ الكريم،الأمر كان فيه تدرج..أو إن صح التعبير “شبه تدرج”، ومن أول يوم اجتمعت فيه القوتان معاً في الصحابة، إلا وقد بدأوا بسرعة البرق في ترسيخ أركان دولتهم الإسلامية،وانطلقت الفتوحات تجوب الأرض شمالا وجنوبا وشرقا وغربا…بدون السيف..و به أحيانا إن لزم الأمر… وما عرف عن الصحابة أو التابعين أو أتباع التابعين..أنهم فقدوا إحدى القوتين، لذا فكانت لهم الاستمرارية والغلبة وحققوا في عشر سنوات فقط دولة إسلامية قوية جدا.
فأنت أيها الفلسطيني تمتلك في نفسك قوة المبدأ”ألا وهو الحق” إلا أنك ينقصك مبدأ القوة حتى تسود على كلاب العالم الضالة التي أصبحت تجد من العرب فريسة يسهل اقتناصها، فلوط –عليه السلام- كان معه حق…لكنه يعرف أن الحق بلا قوة تحميه ،فتمنى أن تكون له قوة فقال :” لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد”، وعلى النقيض في سورة النمل –لما حكي القرآن قصة ملكة سبأ- لما قال لها قومها”نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد”، رفضت استخدام القوة ضد سيدنا سليمان-عليه السلام- لأنه شعرت بأن هذا الرجل معه حق وقوة، ولا شك أن هذا من تمام عقلها،إذ وعت هذا الجانب.
فأين نحن من حكمة ورشد سبأ ؟!!.
ففي تاريخ البشر هنالك دول قامت وأمم بادت وأقوام ما عاد لهم ولا لأسلافهم وجود، وإمكانية الاستمرارية بالنسبة إلى فئة ما “كإسرائيل ” تنتهج فكراً أو منهجا ما،إنما هو مرهون بأمرين ألا وهما القوة”مبدأ القوة”والحق “قوة المبدأ” ،وهما للاستمرارية فى هذا الزمان،فإذا ما ذهب أحد هذين الأمرين،فإن هذا منذر بزوال أصحاب ذاك المنهج، أو تلك الفكرة .
فهل تعتقد أن إسرائيل تمتلك الحق اى قوة المبدأ في اغتصاب فلسطين ؟ !!.
وأرجو أن يستيقظ العقلاء فينا ، وان نصحو على وحدة وطنية تلهب مشاعر الوفاء والأخوة،وتكون أنجع رد على مجازر هذا الكيان المهووس بالدماء وقتل الأبرياء.