اتهمت مريضة أصيبت بشلل كامل طبيباً مشرفاً على علاجها في أحد المشافي الخاصة في مدينة حلب باغتصابها، فيما علمت سيريانيوز أن الطبيب اعترف في التحقيق الابتدائي بمداعبتها في صدرها فقط قبل أن ينكر أقواله لدى قاضي التحقيق. وفي حين تعددت آراء الأطباء حول مدى وعي المريضة وقدرتها على التذكر بعد أخذها أدوية مخدرة، اعتبر محام مختص بالقضايا الجزائية أن المرأة “شاهد ملك” في هكذا دعاوى.
ابرة محرضة للاباضة اصابتها بالشلل..
أدخلت المريضة (إيمان.ش)، البالغة من العمر 21 سنة وأم لطفلتين، إلى مشفى الشهباء التخصصي في مدينة حلب إثر إصابتها بحالة غريبة من الشلل بعد حقنها بإبرة محرضة على الإباضة، وخلال خمسة أيام ساءت حالتها أكثر فأكثر، وأعلن أطباء المشفى ومن استقدموهم من استشاريين أن حالتها ميئوس منها.
وقال قريب المريضة “لقد تحولت العناية المشددة إلى حلقة ذكر، طلب منا الأطباء أن نقرأ القرآن فوق رأسها وقد أحضرنا عدة شيوخ من أجل ذلك حتى أن السيرومات كان تتم قراءة الفاتحة عليها بموافقتهم”، الأمر الذي نفاه معنيون في المشفى وقالوا إن الأهل هم من أحضر الشيوخ والإدارة احترمت مشاعرهم.
بعد ذلك تم نقل المريضة إلى مشفى الأندلس في دمشق لمتابعة العلاج، وفي هذه المرحلة كانت تتمكن من تحريك يدها اليمين والإيماء برأسها، فطلبت قلماً وورقة وكتبت أنها تعرضت للاغتصاب من قبل شخص في العناية المشددة في حلب يوم الخميس وأن المعتدي كان يتحدث مع المستخدمة أثناء استبدال الفوطة وقال لها أن تنظفها جيداً”.
التحقيق
أفادت المريضة كتابة قبل أن تتمكن من الكلام بعد تحسن صحتها لاحقاً أنه أثناء وجودها في المشفى يوم الخميس 13 /11/2008 تعرضت للاعتداء من قبل شخص استطاعت أن تميز صوته لأنه تحدث بالهاتف مع أحد الأشخاص، وفهمت من حديثه أنه يطلب الاطمئنان على صحتها. وأضافت أن هذا الشخص تحدث مع طبيب من طرف أقاربها حضر لمتابعة حالتها.
فوق وجعها وجع اخر..
وأجابت المريضة إيمان على أسئلة المحقق كتابة، وأضافت أنها سمعت حديثاً يدور بين الشخص ورجال آخرين يتحدث فيه عن جمال جسمها وصدرها، و ذكرت تفاصيل حوار بين مستخدمة وشخص آخر فيه إيحاءات جنسية و كلام بذيء ذكرته المريضة حرفيا.
وذكرت المريضة كنية الطبيب لكنها لم تذكر اسمه الأول عندما عرف عن نفسه لطبيب من طرف أقاربها حضر لأخذ خزعة، وأفادت أن هذا الشخص عرف عن نفسه للطبيب الآخر على أنه “دكتور متخرج من ثلاث سنوات”، وتم ضبط أقوالها وإجاباتها الكتابية على أسئلة المحقق.
التحقيق شمل معظم العاملين في العناية المشددة في المشفى ظهر يوم الخميس المذكور وحتى صباح الجمعة، وتم الاستماع إلى إفادات الكادر المناوب، حيث حصرت الشبهة بالطاقم المناوب ليلة الخميس / الجمعة وهم طبيب وفنيان ومستخدمتان ومستخدم واحد، وتم توقيف الطبيب (مصعب.ج) بداية والمستخدمة (جميلة.أ) التي تم الإفراج عنها لاحقا، ثم تم توقيف ستة أشخاص وتقديمهم لاحقاً إلى القضاء، و هم كامل الطاقم المناوب تلك الليلة بعد اعتراف أحدهم ،وهو طبيب، بـ”مداعبة المريضة فقط” .
وأفاد الموقوف (ياسر.ب) أنه لم يقدم على الاعتداء على المريضة ولم يشاهد أحد يعتدي عليها وكذلك الموقوف (حسان.ت) الذي أفاد بأنه لم يلاحظ نزع أي من المآخذ الموضوعة على صدر المريضة، وأن الطبيب “مصعب” نام على السرير الفارغ المجاور لسريرها عند الساعة الثانية والنصف ليلاً، وأفاد بأنه سأل المستخدمة “أمونة ” عندما تذمرت من استدعائها لتغيير فوطة المريضة “كني جاييتك الدورة “، ولم يقل لها الكلام البذيء الذي ذكرته المريضة في افادتها .
ورغم المراقبة المشددة بالكاميرات إلا أن التسجيلات يتم حذفها بعد 48 ساعة، والكاميرات موضوعة أصلا لمراقبة أداء العاملين في العناية المشددة من قبل إدارة المشفى، وتبين أن السرير الذي كانت تنام عليه المريضة هو الوحيد غير المراقب بالكاميرا، الطبيب أنكر قيامه بالاعتداء على المريضة، لكنه اعترف لاحقاً أنه داعبها في صدرها وقبلها دون أن يراه أحد من المناوبين معه كونهم مشغولين بأعمال أخرى، وتم ضبط أقواله وإطلاع نقيب أطباء حلب الدكتور عماد سلطان على الضبط ومجريات التحقيق وسمح له بمقابلته.
المشفى
الاطباء استاءوا جدا من القضية..
الاستياء من القضية كان واضحاً في مشفى الشهباء التخصصي حيث قال مديره الدكتور فاهر قناعة “نحن مع العدالة، و نعتقد أن تأثير الدواء هو ما ساهم في حصول تهيؤات، ولجان الخبرة هي التي يجب أن تفصل في الأمر، ويوجد أبحاث طبية حول هكذا حالات، “وأضاف” نحن في المشفى نلتزم المعايير الطبية، وبنفس الوقت نحترم عقائد الناس، أرادوا هم إحضار مشايخ لكي يقرؤوا على رأسها فهل نمنعهم في هكذا وضع إنساني؟، أما قراءة الفاتحة والسور القرآنية الكريمة على أكياس السيروم فهذا أمر يخصهم نحن نعمل بضمير ووجدان وباتكال على الله فهو الشافي بعد الأخذ بالأسباب، فهل ذنبنا أننا احترمنا قناعاتهم”.
الدكتور علال زين الدين من إدارة المشفى قال إن “الحالة غريبة جداً ومعقدة، المريضة في العناية وتحت تأثير الأدوية المخدرة، وطاقم العناية كبير والطبيب مشهود له بالأخلاق الحسنة، اعتقد أن تقرير الخبرة هو الذي سيريح أهل المريضة عندما يؤكد لهم أن الأمر كله تهيؤات، نحن لا نسعى إلى تبرئة طبيب المشفى بقدر ما نريد التأكيد لذوي المريضة انه لم يعتدي عليها أحد، واعتقد أن هذا هو ما يحبون أن تكون عليه الحقيقة العلمية”، زملاء الطبيب في العناية المشددة في مشفى الشهباء التخصصي أبدوا تعاطفاً كبيراً مع زميلهم، نافين بشدة التهمة الموجهة إليه كونه يتمتع بأخلاق عالية ولكون الأمر من المستحيل وقوعه في العناية المشددة المكشوفة للخارج كما قالوا.
رأي قانوني
وقال المحامي خليل عبود المختص في القضايا الجزائية إن “التكييف الجرمي للواقعة يتراوح بين الاغتصاب ،حسب الادعاء، وبين الفعل المنافي للحشمة حسب الاعتراف في تحقيق الضابطة، ويعتبر وضع المريضة عاملا مشددا في جرم الاغتصاب، وهو جرم يعاقب عليه بالأشغال الشاقة خمسة عشر سنة على الأقل، أما في حالة الفعل المنافي للحشمة فإن العقوبة لمن استفاد من علة امرئ في جسده أو نفسه فارتكب به فعلاً منافياً للحشمة أو حمله على ارتكابه”.
وأوضح عبود أنه في هكذا دعاوى تعتبر المرأة ” شاهد ملك، كما درجت عليه المحاكم، وذلك لخصوصية مجتمعنا حيث أن ادعاء المرأة ذات السمعة الحسنة بهتك عرضها اغتصاباً هو حالة تعبر عن ألم شديد من تعرضها لاعتداء ثلم نفسيتها بشدة لدرجة أنها تضحي بشيء من سمعتها من أجل معاقبة المعتدي، وذلك مقارنة بحالات تحرش جسدي تضطر المرأة في بلادنا للسكوت عنها على مضض نتيجة موقف المجتمع السلبي من كشفها” (باقتباس عن سوريا نيوز).