اشتكت منظمة اللاجئين السودانيين بإسرائيل من سوء الأوضاع الإنسانية والحقوقية للاجئين السودانيين في الدولة العبرية، رغم الدعاية الإسرائيلية المرحبة بهم. وشبه مراقبون وضع هؤلاء اللاجئين الذين لم يجدوا حياة “اللبن والعسل” التي توقعوها في إسرائيل بمصير جيش “لحد” اللبناني الجنوبي العميل الذي اشتكى أفراده من سوء المعاملة بإسرائيل بعد فرارهم إليها عقب تحرير الجنوب عام 2000؛ هربا من انتقام المقاومة، وازدراء الشعب اللبناني.
وفي بيان نشره موقع “سودان تريبيون” الأحد 18-1-2009 قال ماجير أنيات رئيس المنظمة إنه بعث برسالة لرئيسة الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، داليا إيتسيك، في ديسمبر الماضي للمطالبة بضمان حصول اللاجئين السودانيين على المساعدات الإنسانية، خاصة أنهم يعيشون دون مأوى أو عمل.
واتهم الحكومة الإسرائيلية بأنها لا تعير اللاجئين اهتماما في الوقت الذي يتعرضون فيه لمطاردة وزارة الداخلية، مشيرا إلى أن اللاجئين من أبناء الجنوب السوداني وإقليم دارفور (غرب السودان) يتنقلون متخبطين بين المدن الإسرائيلية بحثا عن عمل.
وكشف رئيس المنظمة أن أكثر من 500 دارفوري تلقوا خلال الشهر الجاري بطاقات مؤقتة للإقامة بإسرائيل، على النحو الذي أوصت به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، بينما ما زال هناك أكثر من 3500 من اللاجئين الأفارقة، معظمهم من جنوب السودان، والباقون من دارفور وإريتريا، في مأزق قانونى لأنهم بلا إقامة أو اعتراف رسمي.
“حالة يأس”
وقال ماجير أنيات: “إنهم ( اللاجئون) في حالة يأس؛ لأنهم لا يجدون أماكن للعيش والعمل، ومفوضية اللاجئين عاجزة عن معالجة أوضاعهم”، مطالبا وزارة الداخلية بتعديل موقفها، ومنحهم إقامات مشروعة بالدولة العبرية أو خارجها (أمريكا أو أستراليا أو النرويج).
وحاول الضرب على وتر الدين لحث الدول الغربية على التدخل لدى إسرائيل لإيجاد حل لمشكلتهم بقوله: “معظم المهاجرين مسيحيون فروا من السودان بسبب اضطهادهم ومحاربة المسلمين لهم، ولكنهم وجدوا أنفسهم مضطهدين أيضا في إسرائيل”، على حد وصفه.
وعادة ما تكرر السلطات الإسرائيلية توقيف واعتقال اللاجئين الذين عبروا إليها عبر الحدود المصرية؛ باعتبار أنهم يشكلون “تهديدا للأمن القومي”؛ لكونهم قادمين من “دولة معادية” هي السودان، ولكن يتم إطلاق سراحهم في وقت لاحق، وإن كان بعضهم قد قضى أكثر من عام بالسجون الإسرائيلية لانعدام العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
وفي وقت سابق، شكلت وزارة الداخلية الإسرائيلية لجنة لدراسة وتقرير مصير اللاجئين السودانيين الذين يعتمدون على دعم الهيئات الخيرية ومفوضية اللاجئين، لكن نتائج هذه الدراسة التي قدمت في تقرير سري لمكتب رئيس الوزراء لم تعلن حتى الآن.
ووفقا لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” فقد تسلل إلى إسرائيل منذ عام 2006 أكثر من 13 ألف لاجئ إفريقي عبر سيناء معظمهم من السودان وإريتريا.
وسبق لوزير الداخلية السوداني الزبير بشير طه أن قدر عدد اللاجئين السودانيين في إسرائيل بـ3000 سوداني، 40% منهم لاجئون من جنوب البلاد، و35% من دارفور، و25% من منطقة جبال النوبة.
“تسويق” إسرائيلي
واتهم وزير الداخلية السوداني الحكومة الإسرائيلية بـ”تسويق” مشكلة اللاجئين السودانيين إعلاميا بغرض مزيد من الإساءة إلى سمعة السودان، كاشفا عن وجود شركات ضالعة في تجارة البشر تجبر قطاعات واسعة من السكان على الهجرة من بلادهم ليكونوا فريسة رخيصة لمن يستثمرها (إشارة لإسرائيل).
ويواجه الرئيس السوداني عمر البشير اتهاما من قبل ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بالضلوع في انتهاكات وجرائم حرب بدارفور؛ مما تسبب في تش
ريد ومقتل الملايين، الأمر الذي تنفيه الخرطوم.
ريد ومقتل الملايين، الأمر الذي تنفيه الخرطوم.
وضمن هذا “التسويق” تقدم عدد من نواب الكنيست بينهم زعيم المعارضة اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب العمل السابق عمير بيريتس بمذكرة للحكومة تطالب بإبقاء المهاجرين السودانيين في إسرائيل لحين إيجاد دولة تستضيفهم.
لكن مصدرا مسئولا بوزارة الخارجية المصرية رد على ذلك قائلا: “إن مصر رصدت ادعاءات عدد من الساسة الإسرائيليين بتعاطفهم مع الأشخاص الذين يتسللون بشكل غير شرعي عبر الحدود المصرية الشرقية إلى داخل إسرائيل ومحاولة هؤلاء السياسيين الظهور بمظهر المتباكي على حقوق الإنسان، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع في المنطقة وخارجها مدى فداحة ما يرتكبه الجانب الإسرائيلي من انتهاكات ضد حقوق الإنسان”.
جيش لحد
ويرى مراقبون أن ما يتعرض له اللاجئون السودانيون بإسرائيل الآن لا يختلف تماما عن المصير الذي واجهه جيش لحد اللبناني العميل في الدولة العبرية بعد هروبه إليها بعيد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.
واشتكى أعضاء في جيش لحد من تنكر الإسرائيليين لهم ولخدماتهم، لدرجة أنهم رددوا خلال تظاهرات صاخبة بتل أبيب في وقت سابق: “لقد ألقوا بنا مثل الكلاب، ولا يوجد لدينا ما نأكله.. نريد مساواة؛ لأننا خدمنا مع الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان”.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية واجهت 460 عائلة من جيش لحد داخل إسرائيل معاناة وصلت لدرجة عدم تأمين احتياجاتهم الأساسية بعد أن فقد العديد منهم عمله.
——————————————————————————–
المحلل السياسي بشبكة إسلام أون لاين.نت