فايز أبو راس
التشييع الشعبي الحاشد تحت القصف وفي ظروف القتال والمشاركة الشعبية الواسعة في توديع الشهيدين هي رد الشعب الفلسطيني الحقيقي والمناسب على المعتدين الصهاينة وشركائهم من نظم الصهينة العربية والمتأسرلين الفلسطينيين الذين توهموا القدرة على فك اللحمة _ عن طريق الحرب والمجازر _ ما بين مقاومة حماس وجمهورها الذي اتسع أكبر بكثير من ذي قبل وتخطى حدود غزة وفلسطين الى بقاع لم تكن محسوبة سابقاً على جمهور حماس قبل الحرب وليشمل الدعم والتأييد والمؤازرة لحماس وغزة قارات العالم جمعاء, وبذلك تحولت حماس من عنوان وراية للمقاومة الإسلامية في فلسطين الى عنوان وراية للمقاومة العالمية ضد الظلم والقهر والاحتلال ويتضامن مع نضالها دول ومنظمات وأحزاب عالمية لا رابطة دينية ولا قومية بينها بل تجمع بينها الأخوة النضالية والإنسانية.
صمود المقاومة وصدق وثبات قادتها أحبط مجموعة المتأسرلين ورجال سلطة دايتون الذين شجعوا العدوان ومهدوا له من خلال إجراءات القمع في الضفة والتبادل الأمني والدعايات الهدامة والتأليب على المقاومة في غزة ومنّوا النفس برؤية قادة حماس ومقاوميها باللباس الداخلي في قبضة الجيش الصهيوني كما اعتادوا هم أن يفعلوا دائماً, كما وتبددت دعايتهم المسمومة التي تنقصوا فيها قيادة المقاومة التي زعموا أنها تختبئ في الملاجئ وفي غرف المستشفيات وتترك الشعب الفلسطيني يواجه قدره منفرداً وصارت دعايتهم هباءً منثوراً بارتقاء قيادة المقاومة الى العلى بالشهادة من وسط جمهورها ومن بين صفوف مقاوميها هم وبعض عائلاتهم في مشهد يستحضر من الذاكرة صور الصحابة وقادة الفتح الأوائل.
شهادة الشيوخ القادة أعادت التأكيد ليس على شعبية حماس فقط والتي تتجاوز حدود صناديق الاقتراع التي تتاجر بها قيادة السلطة زوراً, للتغطية على فشلها وتآمرها, بل على أن شرعية وشعبية المقاومة ممهورة بدم الشهادة وليس بنفط الخليج أو أموال الدول المانحة وأن الشعب الفلسطيني هو الذي يمنح الشرعية وليست نظم الواقع العربي المتصهين أو الشرعية الدولية, وهذا هو الاستفتاء الحقيقي ليس على الأشخاص فقط بل على خيار المقاومة الذي أُستهدف بالهجوم على غزة والذي يتم التآمر عليه.
حماس في ملحمة الصمود والمقاومة في غزة تثبت أنها ما زالت مدرسة للشهادة والمقاومة بامتياز وتثبت الأيام والحوادث أن قادتها هم وعائلاتهم أول من يتقدم صفوف الشهداء والمقاومين ضاربين بسلوكهم هذا القدوة والمثل لغيرهم ويرسمون بدمائهم ويعبدون الطريق الى القدس والمسجد الأقصى لمن سيأتي بعدهم, طريق شهادة ومقاومة بعيداً عن منهج التنازل والمساومة, هذا ما آمن به الشيخ الشهيد سعيد صيام وطبقه على نفسه وقدمه لنا من بعده درساً للتعلم والاستفادة, أمّا الشيخ الشهيد نزار ريان فقد أغلق باستشهاده وعلى الطريقة التي تم بها بابا هو باب النزوح والتهجير على أساس أن هنالك في غزة أماكن آمنة وأخرى مستهدفة وما قد يرافق ذلك من فوضى وبلبلة وفتن وإضعاف لصمود غزة وهذا ما كان يريده العدو والمرجفين الذين يمنون أنفسهم الأماني بالاستفادة من الثغرات في العمل وهي موجودة بالتأكيد في أي عمل إضافة الى استغلال مآسي الناس ولحظات ضعفهم ولو لم يغلق الشيخ الشهيد هذا الباب برباطة جأشه وصموده وثباته في بيته بحيث أعطى القدوة والمثل لأهل مخيمه ولكل أهل غزة فصبروا وصمدوا وانتصروا.
المقاومة اليوم في غزة مع ضعفها أمام قوة عدوها العاتية انتصرت عليه بصبرها وصمودها في المعركة العسكرية وأجبرت العدو أن يوقف القتال بدون أن يحقق أهدافه ويبدأ الانسحاب, لذلك من المهم أن لا يكافئ العدو وان لا يعطى بالسياسة ما لم يستطع تحقيقه في القتال, وأن لا يغيب عن الذهن أن بعض التبدل في خطاب الشركاء العرب من العدوان ليس تبدلاً حقيقيا بل هو ما فرضته الحقائق التي رسختها المقاومة على الأرض وأن هؤلاء الحكام غير مؤتمنين على شعوبهم حتى يؤتمنوا على المقاومة فلا يركن إليهم أحد.
في النهاية الوحدة الوطنية الفلسطينية مطلب لكل وطني وشريف ويجب أن يُسترخص في سبيلها كل شيء, لكن وحتى لا ننخدع فان قواعد العمل بعد نصر غزة يجب أن تتبدل فلا شرعية لأحد فوق شرعية المقاومة وغير مقبول استمرار المماطلة في القضايا المتفق عليها سابقا وعدم إعطاء أي دور أو شرعية لمن تآمر أو نسق مع العدو ضد المقاومة وهم معروفون ويجب محاكمتهم, النصر لغزة والمجد للمقاومة وكل التبريك للشهداء والدم الذي يرسم طريق العزة, والشفاء للجرحى, وعهدنا دائماً لكم بأن دمكم لن يذهب هدراً.