على الرغم من إعلان حركة حماس انتصارها في الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة وخلف أكثر من 1300 قتيلا و5300 جريحا، بالإضافة إلى تدمير آلاف المنازل، إلا أن سكان القطاع بدأوا يعبرون عن امتعاضهم من سياسات حماس ويتساءلون عن جدوى ما حدث.
وحرصت حماس التي اعلن احد قادتها رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية الاحد تحقيق “انتصار تاريخي” على اسرائيل الى التقليل من حجم الخسائر التي اصابتها مؤكدة ان قدرتها على اطلاق صواريخ على اسرائيل لم تتراجع.
لكن امرأة في بلدة بيت لاهيا المدمرة ردت بالقول “اي صواريخ” صواريخنا مثل الاقلام الرصاص مقارنة بالصواريخ التي اطلقتها اسرائيل.”
ومثل الكثير من سكان غزة لم ترغب في الافصاح عن اسمها وهي تدلي بملاحظات جارحة تجاه حكام القطاع.
وفي شوارع غزة انتشر شرطيون من حماس عند التقاطعات الرئيسية فيما انصرف اخرون الى تنظيم السير. وعاودت متاجر كثيرة فتح ابوابها فيما انهمك عمال من البلدية في جمع النفايات وركام الابنية التي دمرتها الهجمات الاسرائيلية.
وقال رجل الاعمال ابو ايهاب (55 عاما) وهو يراقب الدمار مغادرا منزله
”هذه الحرب اعادتنا خمسين عاما الى الوراء سياسيا وماديا ومعنويا. عدنا الى المربع الاول كاننا في عام النكبة 1948″ في اشارة الى العام الذي اعلن فيه قيام دولة اسرائيل.
واكد ان “حماس اخطأت فاي حرب يجب ان يكون لها اهداف سياسية معلنة وامداد استراتيجي وخطط عسكرية وقدرات عسكرية ونوع من توازن القوى. ولكن هنا لا توازن لقد اعتمدوا على وعود شفوية من ايران وسوريا وطبعا هذه الوعود كاذبة”.
واضاف ابو ايهاب “حماس لم تحقق في هذه الحرب اي شيء اين المقاومة؟ (…) لم يعدوا انفسهم من الناحية الاستراتيجية ولا من الناحية الامنية وتركوا الامور تسير على البركة”.
وتابع “لا يجرؤ اي مواطن على ابداء رأيه لكن الناس مستاؤون جدا من اداء حماس وما جلبته من خسارة للشعب”.
وافاد مئات الفلسطينيين من وقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد ثم التزمته حماس للتوجه الى المصارف التي فتحت ابوابها بعد اغلاق استمر 22 يوما.
وقال ابو كريم ابو شريعة (30 عاما) من حي الصبرة في وسط مدينة غزة “جئت الى البنك اقبض الراتب بعد 22 يوما من الحرب. كنا لا نستطيع الخروج من البيت لكن اليوم سمعت ان البنك فتح ابوابه”.
واضاف “الخوف عند اطفالنا منعنا من النوم ولو للحظة. ماذا استفدنا من حماس ومن كل التنظيمات الا الدمار؟ اين النصر الذي يتحدثون عنه؟ لقد شردونا وخربوا بيوتنا”.
وقال علي حسن وهو اب لخمسة ابناء اضطرت عائلته للفرار من مناطق القتال ان على حماس ان تعيد النظر في هجماتها الصاروخية التي ليست اكثر من وخزة صغيرة من دبوس.
وقال “ربما يستطيعون استئناف الهجمات فور ان يصبح لدينا صاروخ يصل الى
قلب تل ابيب ويفجر احد المباني.”
قلب تل ابيب ويفجر احد المباني.”
وقالت لما وهي سكرتيرة رفضت الافصاح عن اسمها بالكامل “يجب ان يتوقف اطلاق الصواريخ. ما الذي جنيناه منها .. مشيرة الى انه كان يتعين تجديد الهدنة في ديسمبر/كانون الاول.
وقالت “الان وبعد سقوط الاف القتلى والمصابين كيف يمكن لحماس ان تفسر ذلك..”
وقال مدرس يدعى باسم وهو من مؤيدي حركة فتح ان حماس لم تعر اهتماما بسكان غزة باطلاق الصواريخ لكنه شكك في استمرار الانتقادات الموجهة ضدهم مستشهدا بالجاذبية “العاطفية” التي تتمتع بها الحركة التي يقودها في غزة رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية.
وقال باسم “شعبنا عاطفي للغاية…على هنية ان يتحدث فقط في صلاة الجمعة لتضميد الجراح وستفاجأون من رؤية اشخاص يصفقون ويهتفون له.”
وصورت حماس اعلان اسرائيل وقف اطلاق النار من جانب واحد على انه انتصار لها. ودوى خلال الليل صوت من احد المساجد عبر مكبرات للصوت يقول ان حماس تهنيء شعبها على الانتصار الذي حققته المقاومة. واعتبر البعض الرسالة بانها ذات قيمة اسمية.
وقال خليل الراس بائع خضار “عشنا تحت وطاة الارهاب الصهيوني لاكثر من 20 يوما.”
واضاف اثناء قيام بعض المارة بالتصفيق والتهليل “سنعيدهم الى مخابئهم تحت الارض مجددا.” وتابع “نحن نموت ولكننا لن نركع ابدا الا لله.”
لكن بعض سكان غزة انتقدوا حماس لاستمرارها في اطلاق الصواريخ بعد اعلان اسرائيل وقف اطلاق النار.
وقال سائق سيارة اجرة رفض الافصاح عن اسمه ايضا بسبب الخوف “نعرف ان قوتهم لم تدمر ولكنهم اعطوا على الاقل الفرصة للناس للتنفس. واضاف “الم يكن ما حدث كافيا.”
واضاف “يجب ان يتوقفوا الان… يجب ان يفكروا في كيفية التوصل الى وقف حقيقي لاطلاق النار وفتح المعابر وتوفير اموال لمساعدة الناس في اعادة البناء وتقديم بعض التعويضات لهم.”
وشرعت حركة حماس ايضا في تذكير جميع المتشككين بانها لا تزال تسيطر على الاوضاع في غزة ولهذا نشرت افرادا من شرطة المرور وقوات الامن في اشارة رمزية واضحة على السلطة التي تتحلى بها ادارتها.
ودمرت القنابل الاسرائيلية مقار جميع قوات الامن التابعة لحماس ومعظم المباني الحكومية لكن المسؤولين بحماس وسكان القطاع يقولون ان قوات الامن لم تتوقف قط عن اداء عملها.
وقال تجار انه على الرغم من الهجمات الاسرائيلية التي تواصلت دون هوادة كان المفتشون التابعون لحماس يمرون على المتاجر للتأكد من الالتزام بالاسعار وضبط المخالفين.
وقال بعض السكان انه على الرغم من تدمير السجون الا ان حماس كانت تطبق عقوبات صارمة على الخارجين على القانون وان البعض اصيب بكسور في الارجل.
وقال رجل وهو يتذكر العقوبة التي تعرض لها احد جيرانه “كان يتم سجنهم في منزل او في مستشفى.” ولم يشأ ايضا ان يذكر اسمه خشية تعرضه لاشياء لا يحمد عقب
اها.
اها.
ويقول المحللون إن حماس ربما تواجه مشاعر مناوئة مؤقتة بسبب المجزرة التي تعرض لها سكان القطاع خلال الاسابيع الثلاثة المنصرمة ولكنها تظل راسخة في وجدان المجتمع في غزة.
وقال المحلل الامني الاسرائيلي يوسي الفير ان من المرجح ان تظهر الحركة من حرب غزة اكثر امنا من الناحية السياسية.
واضاف “من النتائج غير المقصودة لهذه العملية هي جعل حماس اكثر قوة في قطاع غزة.”
ويبدو الوضع في قطاع غزة الان أشبه كثيرا بما كان عليه قبل اندلاع الحرب حيث المواجهة المسلحة والمستقبل المظلم الذي يحيط بسكان غزة المحتجزين في القطاع بسبب حصار يهدف الى معاقبة حماس على اطلاق الصواريخ وسعيها لتدمير اسرائيل.